تابعت قصة بداية التأمين في المملكة العربية السعودية، وكيف أُقر التأمين من قبل هيئة كبار العلماء في المملكة عام 1397 – 1398بشقّه التعاوني، وعلى ضوئه أُنشئت شركة التعاونية للتأمين، ثم توالت الشركات لتصبح 35 شركة تأمين متنوعة الأغراض والأهداف. وأصبح الناس يسجلون فيها ما بين مساهم ومؤمن، واستمرت في نشاطها حتى جاء الوقت لنسجل عنها التميز والملاحظات التي لم تغب عن أذهان الاقتصاديين والمهتمين بهذا الشأن، ثم أقر مجلس الوزراء تبعية الإشراف لمؤسسة النقد العربي السعودي لتكون مظلة تشريعية تصدر الأنظمة وتتابع تنفيذ سياسة هذه الشركات، والذي حدث من جراء انفتاح السوق التأمينية أن هناك نوعين هما في القمهّ من حيث رأس المال والأرباح، وفي الجانب الآخر تصرخ بعض الشركات نتيجة الخسائر التي تتكبدها من جراء السوق السعودية، خصوصا تأمين المركبات وكثرة الحوادث، والجانب الآخر التدفق الصحي ومشاريع التأمين الطبي الذي أسرفت فيه الشركات على حساب التأمين والقطاع الطبي الأهلي، وجميعنا في غفلة من الموظف والمواطن الذي لا يجد إلا مكاتب الرعاية الصحية الأولية، حتى سمعنا عن خسائر بالمليارات تعاني منها شركات التأمين. إذًا.. أين الخلل؟ وما الهدف الذي من أجله تعاني شركات التأمين؟ إذا قلنا إنها على أبواب الإفلاس والإغلاق أو المناداة بالاندماج حتى ينقذ بعضها بعضا. لقد كان لي شرف التحاور مع بعض المختصين والقائمين على هذه الشركات، وبعض المحللين الاقتصاديين، فكانت النتائج أنه لا يقبل مستقبلا أن يكون رأس مال أي شركة دون 500 مليون ريال حتى تصارع شركات التأمين الأجنبية، وتنوع نشاطها لأكثر من مجال، والواقع أن المتتبع لمخرجات شركات التأمين اليوم، يلحظ أن مجالاتها منحصرة في أمرين، هما: المجال الطبي، وهو السوق الرائجة، والذي فازت الشركات المتخصصة ونجحت لكنها في المقابل تعاني من خسائر تقدر بالمليارات. بينما نوع آخر: وهو في مجال المركبات هذا القطاع يبدو أن هناك جهات مستفيدة على حساب جيب المواطن مع الأسف، وإن كان في الظاهر تدعي الخسائر. إن سوق التأمين يحتاج إلى مراجعة دقيقة، وقرأت أن التوجهات السامية طالبت مؤسسة النقد بالنظر الجاد في سوق التأمين، ومراجعة سياساتها في ظل الإشكالات التي ترتبط بكل نوع على حدة، وفي الوقت نفسه تعزف الآن كثير من الشركات عن الدخول في إعادة التأمين نتيجة الخسائر التي حصلت في ظل التقلبات والظروف الجيوسياسية التي عصفت بالمنطقة، وندرة الكوادر والخبرات الفنية. شركات التأمين اليوم بحاجة إلى مراجعة جادة، لتكون يدا تدفع بالمواطن إلى حمل الديون عنه، والتي عانت منها أيادي ذي الدخول المنخفضة في وقت تتواصل فيه ارتفاع قيمة البوليصة لأي مجال في مجالات التأمين. إن فترة المراجعة أصبحت ضرورية للحفاظ على أموال الناس، ودفع الهدر الذي لا يعرف أين يذهب، ولعل تاريخ 2005 الذي صدر فيه أمر ملكي يتعلق بنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني، وأصبح الأمر ملزما لمراجعة هذه السياسات وتقديم خدمة أفضل للمواطنين بعيدا عن توقيع الوثيقة التأمينية، وفي النهاية نسمع عن خسائر الشركات، وتدني الخدمة وإغلاق ملفات بعض المؤمَّنين على ممتلكاتهم، والدخول في المحاكم وأروقة الدعاوى التي تكون على حساب الوطن ذاته. أتمنى أن نسمع جديدا في عالم التأمين ليستفيد الطرفان، أصحاب الشركات والمؤمن الذي يتطلع إلى خدمة أفضل.. هذا ما نتمناه، ودمتم.
مشاركة :