بيَّنت دراسات مقارنة حديثة إمكانية بناء العضلات عبر البروتين النباتي، بل بنفس الكفاءة حال تناول مزيجٍ من البروتين النباتي والحيواني؛ إذ تنويع مصادر البروتين النباتي يُوفِّر قدرًا من الأحماض الأمينية الضرورية لبناء العضلات، ولا شكَّ أنَّ العضلات لا تستغني عن البروتين في زيادة حجمها، وقوتها، فهل يُمكِن الاستغناء عن البروتين الحيواني والاكتفاء بالبروتين النباتي؟ يحتاج الجسم إلى المغذيات الكبرى الثلاثة؛ الكربوهيدرات، البروتين، والدهون؛ لتحصيل الطاقة المطلوبة لأداء الوظائف الحيوية على مستوى الخلايا. تتكوَّن البروتينات من أحماضٍ أمينية بالأساس، كما أنَّها مُسهِمة في نمو الأنسجة الجديدة (ومنها العضلات)، بالإضافة إلى نشاطها كهرمونات يمتد أثرها لتنظيم أنشطة الجسم كافة، فالهرمون بروتين قبل أي شيء. يحصل الجسم على الأحماض الأمينية المطلوبة لبناء الأنسجة من خلال تناول الطعام، سواءٌ كان مصدر الأحماض الأمينية نباتيًّا أو حيوانيًّا. يُعدّ البروتين الحيواني كاملاً؛ إذ يحتوي على العشرين حمضًا أمينيًّا التي يحتاج إليها الجسم، بينما لا يُوفِّر البروتين النباتي كل هذه الأحماض الأمينية المطلوبة. ومع أنَّ هذه الأحماض الأمينية لا تتوفَّر في مصدرٍ نباتيٍ واحدٍ بعينه، فإنَّه يمكن الحصول عليها عبر تنويع الأطعمة النباتية المُتناوَلة، فلا تكتفِ بنوعٍ واحدٍ فقط من الطعام النباتي إِنْ كُنتَ ترغب في إمداد الجسم بالأحماض الأمينية. الأطعمة النباتية أقل كثافة في البروتين من الطعام الحيواني، ما يعني الحاجة إلى تناول قدرٍ أكبر من الطعام النباتي مقارنةً بالطعام الحيواني؛ لتحصيل المقدار نفسه من الأحماض الأمينية المُكوِّنة للبروتين في الجسم، وعلى رأسه بروتين العضلات. البروتين الحيواني سهل الهضم والامتصاص مقارنةً بالبروتين النباتي؛ إضافةً إلى توفيره أوميغا-3، فيتامين ب12، الكالسيوم، وفيتامين د. لكن اللحوم الحمراء والمُصنَّعة، ممتلئة أيضًا بالدهون المُشبَّعة، بل قد تزيد فرص الإصابة بسرطان القولون، خاصةً عند الإفراط في تناولها. اقرأ أيضًا: ما كمية البروتين التي يحتاجها الجسم يومياً؟ وإليك أهم مصادره تتكوَّن الألياف العضلية من وحداتٍ أصغر، تُعرَف باللُّيَيفات العضلية، وهي هياكل طويلة مُشابهة للأنبوب، تنقبض لشدّ العضلة، وكُلَّما زاد عدد اللييفات العضلية، زاد حجم العضلة وقوتها كذلك. تتألَّف اللُّيَيْفات العضلية من سلاسل بروتينية بالأساس؛ لذا فإنَّ الحصول على بروتينٍ أمر بدهي حال بناء العضلات وزيادة حجمها. يُعدّ البروتين الحيواني الخيار الأفضل لبناء العضلات؛ إذ يسهل هضمه وامتصاصه، إضافةً إلى توفير كامل الأحماض الأمينية المطلوبة. كما يحتوي البروتين الحيواني على كميةٍ أكبر من الحمض الأميني ليوسين، الذي يُحفِّز نمو العضلات، ويُعزِّز التعافي العضلي بعد ممارسة التمارين الرياضية. أمَّا البروتين النباتي، فهو مُحاطٌ بالألياف النباتية، ومِنْ ثَمَّ فقد لا يُمتصُّ كاملًا؛ إذ لا تُهضم الألياف بسهولة، لكن لا يعني ذلك أنَّ البروتين النباتي لا يبني العضلات، بل يفعل بالطبع. أشار موقع "Healthline" إلى دراسةٍ عام 2023، قارنت بين نمو العضلات لدى الشباب المُعتمدين على نظامٍ غذائيٍ نباتي، وغيرهم مِمَّن يعتمد على كلٍ من النظام النباتي والمصادر الحيوانية للبروتين، وكذلك دراسةٌ أخرى عام 2020، قارنت الأمرين نفسهما لكن لدى من هم أكبر سنًّا. اتفقت الدراستان على أنَّ النظام الغذائي النباتي أدَّى إلى اكتساب القدر نفسه من العضلات المُتحصَّل عبر تناول الأطعمة الحيوانية والنباتية معًا، لكن ينبغي التنبُّه إلى أنَّ هذه الدراسات كانت صغيرة (57 مشاركًا فقط)، كما أنَّها درست تمارين المقاومة، إضافةً إلى أنَّ كل المشاركين حرصوا على تناول أطعمة غزيرة البروتين. اقرأ أيضًا: نقص البروتين في جسم الرجال.. سوء التغذية ليس السبب الوحيد قد يتكوَّن مسحوق البروتين من بروتين نباتي أو حيواني، وإن كان مصل اللبن هو الأكثر شيوعًا، ولكن مسحوق البروتين ليس بديلاً عن حمية غذائية متزنة، ولا بديل عن تحصيل البروتين من الطعام. يُمكِن بناء العضلات بالبروتين النباتي، وإن كان القدر المُتناوَل أكبر قليلاً من نظيره الحيواني؛ لبناء العضلات بالقدر نفسه، ومن أهم مصادر البروتين النباتي لتحقيق ذلك الغرض ما يلي: يُوجَد البروتين في السبيرولينا بتركيز 70%، ومِنْ ثَمَّ فهي تحتوي على كمية أكبر من البروتين، مقارنةً باللحوم ومنتجات الألبان، كما يُمكِن تناولها، أو الحصول على مكملاتها ضمن النظام الغذائي اليومي. تحتوي بذور اليقطين والسمسم، وبذور الشيا، على 20 - 30 غم من البروتين لكل 100 غرام، وبالتأكيد لن تتناول بذورًا بكميةٍ كبيرةٍ، لكن قد يُساعد إضافتها إلى أنواع الطعام الأخرى في تدعيم الجسم بالبروتين المطلوب لبناء العضلات. اقرأ أيضًا: تعرف على أفضل مصادر البروتين النباتي والحيواني زبدة الفول السوداني ذات مذاقٍ طيب، مُحافِظة على صحة الجسم، بل غنية بالبروتين أيضًا؛ إذ تحتوي على 25 غرامًا من البروتين لكل 100 غرام من زبدة الفول السوداني. يُمكِن الاعتماد على فول الصويا، الفاصوليا، البازلاء، العدس، والحمص، في توفير قدرٍ مناسب من البروتين للبناء العضلي؛ إذ يتوفَّر البروتين فيها بتركيز 20 - 25 غم لكل 100 غرام من هذه البقوليات. لا تحتوي الخضراوات على كميةٍ كبيرةٍ من البروتين كأنواع الطعام النباتي المذكورة سلفًا، لكن لا مانع من تناولها ضمن الحمية الغذائية اليومية؛ لزيادة قدر البروتين المُتناوَل، ومن أمثلة هذه الخضراوات:
مشاركة :