دعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أمس الاقتصادات العشرين الأكبر في العالم إلى تعزيز وتيرة الإصلاحات الهيكلية لدعم النمو الاقتصادي وسط تباطؤ التجارة وضعف الاستثمار. وبينما يجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين في شنغهاي لمعالجة تراجع توقعات النمو العالمي، ذكرت منظمة التعاون الاقتصادي أن توقعات النمو العالمي ما زالت غائمة في المدى القريب، حيث تفقد اقتصادات الأسواق الناشئة قوة الدفع وتتباطأ التجارة العالمية ويعاني التعافي في الاقتصادات المتقدمة تحت وطأة ضعف الاستثمار المستمر. ووفقاً لـ "رويترز"، فقد أشار تقرير المنظمة المعد لاجتماع العشرين إلى أن مبررات الإصلاح الهيكلي مع سياسات تعزيز الطلب الداعمة تظل قوية من أجل زيادة الإنتاجية وتوفير فرص العمل على نحو مستدام. وتضطلع المنظمة بمهمة مراقبة الإصلاحات في مجموعة العشرين لمساعدة المجموعة في تنفيذ تعهدها عام 2014 بأن ترفع النمو الاقتصادي العالمي 2 في المائة بحلول 2018 عن طريق سلسلة من الإصلاحات الهيكلية المنسقة لاقتصاداتها. وأضاف التقرير أنه رغم التقدم في معالجة بعض التحديات، فإن التباطؤ في وتيرة الإصلاحات الملاحظ في 2013-2014 قد استمر في 2015 حتى بعد أخذ الإجراءات المزمعة التي لم تنفذ بالكامل بعد في الحسبان. وأشارت المنظمة إلى أن وتيرة الإصلاحات أعلى بوجه عام في دول جنوب أوروبا مثل ايطاليا وإسبانيا، مقارنة بدول شمال أوروبا، وفي خارج القارة تتصدر اليابان والصين والهند والمكسيك مبادرات الإصلاح. وباتت المنظمة تعول على نمو عالمي بـ 3 في المائة لهذا العام في مقابل 3.3 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عندما خفضت توقعاتها بـ 0.3 في المائة. وعلى غرار صندوق النقد الدولي الذي خفض توقعاته في كانون الثاني (يناير)، فإن المنظمة التي تتخذ مقرا لها في باريس تخشى تبعات تراجع أسعار النفط والمواد الأولية وتباطؤ الاقتصاد الصيني، وذلك بالاستناد إلى بيانات حديثة مخيبة للآمال. وتابعت المنظمة أن التباطؤ منتشر بشكل عام، مشيرة إلى عدم وجود عامل محرك من شأنه دفع النمو على غرار السنوات الأخيرة عندما عوض النمو في الدول الناشئة عن تباطؤ الاقتصادات المتقدمة، محذرة في ذات الوقت من أن نمو إجمالي الناتج الداخلي العالمي هذا العام لن يكون أكبر من العام الماضي الذي كان أبطأ من السنوات الخمس الأخيرة. وفيما يتعلق بعام 2017، خفضت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، توقعاتها الأولى التي نشرت قبل ثلاثة أشهر من 3.6 إلى 3.3 في المائة، إذ تقول إن النمو لن يشهد سوى تحسن طفيف، كما يشهد النمو تباطؤا في مختلف الاقتصادات الناشئة والتحسن محدود في الاقتصادات المتقدمة ترافقه أسعار مخفضة تؤثر سلبا في صادرات المواد الأولية. وخفضت المنظمة توقعاتها للنمو بـ 0.5 في المائة بالنسبة للولايات المتحدة التي باتت 2 في المائة، ولألمانيا التي تراجعت إلى 1.3 في المائة، بينما فرنسا لا تزال مستقرة عمليا (-0.1 في المائة) لتصبح 1.2 في المائة أي أدنى من توقعات الحكومة التي بلغت 1.5 في المائة. وإذا ظلت التوقعات على حالها بالنسبة للصين (6.5 في المائة)، فإن الهند سجلت تقدما بـ 0.1 في المائة لتصبح (7.4 في المائة)، أما البرازيل فتتوقع المنظمة أن الركود سيبلغ فيها 4 في المائة في مقابل -1.2 في المائة قبل ثلاثة أشهر. وبعد أن أشارت إلى التراجع الكبير للأسواق المالية منذ مطلع العام، حذرت المنظمة من المخاطر الكبيرة لانعدام الاستقرار المالي، ومن أن بعض الاقتصادات الناشئة أكثر تأثراً بالتبدلات الكبيرة لأسعار صرف العملات وبتبعات دين داخلي كبير بالدولار. وبحسب المنظمة، فإن الزيادة السريعة لديون القطاع الخاص في الدول الناشئة والمستوى المرتفع نسبيا للمديونية التي تصل إلى مستويات غير مسبوقة تشكل مخاطر كبيرة على عديد من الاقتصادات الناشئة، خصوصا الصين. وقدر صندوق النقد الدولي في كانون الثاني (يناير) أن النمو العالمي وصل إلى 3.1 في المائة في 2015 منخفضا 0.3 نقطة عن 2014 و0.2 نقطة عن توقعات الصندوق في تموز (يوليو) الماضي. وتوقع الصندوق انتعاش النمو إلى 3.4 في المائة في 2016 ثم 3.6 في المائة في 2017 ولكن كلا الرقمين أقل بمقدار 0.2 نقطة عما كان متوقعا في تشرين الأول (أكتوبر)، مشيرا إلى التباطؤ وإعادة التوازن بالاقتصاد الصيني وانخفاض أسعار السلع الأولية والضغوط التي تتعرض لها بعض اقتصادات الأسواق الناشئة الكبيرة.
مشاركة :