تباطأ نمو الاقتصاد الأمريكي في الربع الأخير من 2015 لكن ليس بالحدة التي أظهرتها تقديرات سابقة مع بذل الشركات جهودا أقل قوة لخفض المخزونات غير المرغوب فيها، وهو ما قد يلحق ضررا بالناتج الاقتصادي في الأشهر الثلاثة الأولى من 2016. وبحسب "رويترز"، فقد ذكرت وزارة التجارة أمس في تقديرات معدلة أن الناتج المحلي الإجمالي زاد بمعدل سنوي بلغ 1.0 في المائة بدلا من الوتيرة التي أوردتها في تقديراتها السابقة البالغة 0.7 في المائة. وكان مختصون اقتصاديون استُطلعت آراؤهم قد توقعوا أن يجري تعديل نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع بالخفض إلى زيادة قدرها 0.4 في المائة، ونما الاقتصاد الأمريكي بمعدل بلغ 2.0 في المائة في الربع الثالث وسجل نموا بلغ 2.4 في المائة في 2015. وراكمت الشركات مخزونات قيمتها 81.7 مليار دولار في الربع الرابع بدلا من 68.6 مليار دولار وهو الرقم الذي ورد في التقديرات السابقة في الشهر الماضي، وكانت قطاعات تجارة التجزئة والتعدين والمرافق والتشييد أكبر المساهمين في التعديل الصعودي للاستثمار في المخزونات، ويعكس التعديل الصعودي للنمو في الربع الرابع أيضا عجزا تجاريا أصغر مما كان معتقدا في بادئ الأمر مع انكماش الواردات. وأظهرت البيانات نمو الطلب على السلع الرأسمالية في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي بأقوى وتيرة له منذ حزيران (يونيو) 2014 بما يمثل مؤشرا على توقف حالة التراجع في قطاع التصنيع في الولايات المتحدة. وذكرت وزارة التجارة الأمريكية أن الطلب على المعدات غير العسكرية باستثناء الطائرات التجارية ارتفع خلال الشهر الماضي بنسبة 3.9 في المائة وهو ما يزيد على توقعات المحللين، وذلك بعد تراجعه بنسبة 3.7 في المائة في كانون الأول (ديسمبر)، وفي الوقت نفسه زاد الطلب على السلع المعمرة أي التي لا يقل عمرها الافتراضي عن ثلاث سنوات بنسبة 4.9 في المائة وهو أعلى نمو له منذ آذار (مارس) الماضي. وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية إلى أن نمو الطلب على السلع الرأسمالية كان واسع النطاق حيث شمل مجموعة واسعة من السلع بدءا من السيارات وأجهزة الكمبيوتر وحتى الآلات والمعادن، وكان مؤشرا على أن الطلب المحلي كان مصدرا لدعم قطاع التصنيع الأمريكي في مواجهة تباطؤ الأسواق الخارجية. وتراجعت آفاق الإنفاق الاستثماري بين شركات التعدين والزراعة إلى جانب شركات التنقيب عن النفط بسبب هبوط أسعار السلع في الأسواق العالمية، وقال بريت ريان المحلل الاقتصادي في مؤسسة "دويتشه بنك سيكيوريتز" للخدمات المالية في نيويورك "إنه لأمر جيد ألا يحدث مزيداً من التدهور"، مضيفاً أن "الاستثمارات ما زالت متضررة من ارتفاع قيمة الدولار وتباطؤ النمو العالمي". وتراجعت مبيعات السلع الرأسمالية غير العسكرية باستثناء الطائرات التجارية وهي السلع التي تستخدم في حساب إجمالي الناتج المحلي خلال الشهر الماضي بنسبة 0.4 في المائة، في حين تم تعديل تقديرات الشهر السابق حيث زادت المبيعات بنسبة 0.9 في المائة وهي أكبر زيادة منذ حزيران (يونيو) 2015، في حين كانت التقديرات السابقة تشير إلى نمو المبيعات بنسبة 0.2 في المائة فقط، وأشار متوسط توقعات 80 محللا استطلعت وكالة بلومبرج آراءهم إلى نمو الطلب على السلع الرأسمالية بنسبة 2.9 في المائة خلال الشهر الماضي. وكان مسؤول بارز في مجلس الاحتياطي الاتحادي قال أول أمس "إنه ينبغي للبنك المركزي الأمريكي أن ينهج استراتيجة عامة لتشديد تدريجي للسياسة النقدية بدون التكهن بعدد محدد لزيادات أسعار الفائدة، لأن ذلك سيعتمد على التضخم والبيانات الاقتصادية الأخرى". وأضاف جون وليامز رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي بسان فرانسيسكو أنه "ما زال يعتقد أنه ينبغي أن ينهج المركزي الأمريكي نفس الاستراتيجية أيا كان عدد الزيادات أو وتيرة الزيادات". وأشار وليامز إلى أننا منشغلون بشدة بشأن هل نرفع الفائدة في آذار (مارس) أو حزيران (يونيو) أو لا نرفعها، والشيء المعقول هو استراتيجية لرفع تدريجي لأسعار الفائدة، مؤكداً أنه ليس قلقاً على صعيد الاقتصاد المحلي سواء فيما يتعلق ببيانات الناتج المحلي الإجمالي أو الوظائف، لكن يبقى أن بيانات التضخم تشكل صعوبة بالنظر إلى استمرار ضعف أسعار النفط.
مشاركة :