في الأيام الأولى من تأسيس الولايات المتحدة، أبحرت مجموعات من العمال الصناعيين البريطانيين عبر المحيط الأطلسي للوصول إلى العالم الجديد، حاملة معها أسرارا تجارية لا تقدر بثمن اعتمدت عليها بريطانيا بفخر للحفاظ على هيمنتها العالمية. لقد كانت هذه بمثابة قرصنة فكرية صارخة، وممارسة تبناها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة للتعجيل بسد الفجوة بين البلد الوليد ومن كان يهيمن عليه في السابق. في تقرير حول الصناعات في عام 1791، شجع وزير الخزانة الأمريكي آنذاك ألكسندر هاملتون الأجانب على جلب “أوجه تحسين وأسرار ذات قيمة استثنائية” إلى أمريكا، واعدا بتقديم حوافز مثل المكافآت المالية والامتيازات الحصرية. ومع التسلل الخفي لتكنولوجيات ميكانيكية متقدمة مثل أنوال صناعة المنسوجات القطنية إلى الولايات المتحدة، سرعان ما اكتسبت البلاد ميزة تنافسية في إنتاجية التصنيع وأسست إمبراطوريتها الصناعية. ولكن كما كتب المؤرخ الأمريكي دورون بن عطار في كتابه (أسرار التجارة)، فإن “الولايات المتحدة برزت كرائدة في مجال الصناعة على مستوى العالم من خلال الاستيلاء بشكل غير مشروع على الابتكارات الميكانيكية والعلمية من أوروبا”. والمفارقة العجيبة هي أن مثل هذا البلد الذي ازدهر في البداية على سرقة الأسرار التكنولوجية يوجه الآن أصابع الاتهام إلى الصين، متهما الأخيرة بلا أساس بانتهاك حقوق الملكية الفكرية.
مشاركة :