الخرطوم – أعلن والي شمال دارفور نمر محمد عبدالرحمن اليوم الخميس عن التوصل لاتفاق لوقف القتال بين الأطراف المتصارعة بالولاية "من أجل السلام والاستقرار، فيما تجددت الاشتباكات والقصف الجوي في مناطق متفرقة بالعاصمة السودانية الخرطوم، إثر انتهاء هدنة اليوم الواحد رغم ما شابها من اشتباكات متفرقة في أول أيام عيد الأضحى. وقال عبدالرحمن في خطاب متلفز نشره الوالي الخميس، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، بمناسبة عيد الأضحى "نحن في حكومة ولاية شمال دارفور قمنا بمبادرة طيبة من أطراف عديدة وجلسنا مع بعضنا البعض من إدارات أهلية ومنظمات مجتمع مدني والشرطة والشباب والاتحادات النسائية وكونّا لجنة من أجل وقف الاقتتال بولاية شمال دارفور، وتوصلنا إلى أننا لن نربح من القتال بل نخسر". وأضاف "بموافقة جميع هذه الأطراف وأطراف أخرى (لم يسمها) في الولاية من أجل السلام والاستقرار للمواطنين، قدمنا نموذجا من أجل الأمن والأمان ونأمل تطبيق تجربتنا في كل أنحاء السودان". ودعا عبدالرحمن "طرفي الحرب في البلاد (في إشارة إلى الجيش وقوات الدع السريع) إلى مراجعة أنفسهم ومواقفهم بصدق وأمانة وتجرد لمعرفة الاستفادة من هذه الحرب العبثية وماذا استفاد الشعب السوداني وهل يمكن أن يكون هناك منتصر ومهزوم في هذه الحرب". ولم يعلن حاكم الولاية (غرب) عن الآلية المتبعة لتطبيق وقف القتال أو التوقيت الذي يدخل فيه حيز التنفيذ، وما هي الالتزامات المفروضة على كل طرف من المتصارعين. وتشهد مدن في دارفور والعاصمة الخرطوم، منذ 15 أبريل الماضي، اشتباكات بين الجيش بقيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلَفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في إحدى أفقر دول العالم. وشهدت ولايات شمال وغرب وجنوب دارفور اشتباكات عنيفة بين الجانبين، كما تعرضت تلك المناطق إلى أعمال عنف ونهب للبنوك والأسواق والمحال التجارية، وقطع الطرق الرابطة بين مدن الإقليم بواسطة مجموعات مسلحة. وأفاد شهود عيان، اليوم الخميس بوقوع اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدد من مناطق الخرطوم، صاحبها قصف جوي لطيران الجيش على عدد من مواقع ارتكاز الدعم السريع بضاحية "شرق النيل" شرقي الخرطوم. وذكر الشهود أن مضادات الطائرات التابعة لقوات الدعم السريع ردت بإطلاق النار على الطائرات الحربية التابعة للجيش. وتجددت المواجهات بعد انتهاء هدنة ليوم واحد، أعلن عنها الطرفان كل "على حدة" أول أيام العيد. إلى ذلك، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم الخميس، أنها توسطت في إطلاق سراح 125 جندياً سودانياً احتجزتهم قوات الدعم السريع، مشيرة إلى أنهم تمكنوا من العودة إلى أسرهم قبل عيد الأضحى. وذكرت اللجنة أن من بين المفرج عنهم 44 جريحا تم نقلهم من الخرطوم إلى ود مدني. وقالت اللجنة إن إطلاق سراح الجنود، الذي تم الأربعاء، جاء بناء على طلب من طرفي النزاع. وقال مدير بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان جان كريستوف ساندوز "تعني هذه الخطوة الإيجابية أن العائلات ستتمكن من الاحتفال بعيد الأضحى مع أحبائها. وأضاف في بيان "نحن على استعداد للعمل كوسيط محايد للإفراج عن المحتجزين من جميع أطراف النزاع حينما يطلب ذلك". وكان قد تم الإفراج عن 14 مصابا يوم الإثنين بوساطة من جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ولاية دارفور بغرب البلاد. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عبر تويتر "من خلال حوارنا مع كل أطراف النزاع، دورنا هو ضمان احترام المبادئ الإنسانية وأن يُعامل المحتجزون بإنسانية خلال عملية الإفراج والنقل". وتحتفظ المنظمة بالحيادية في النزاعات المسلحة بهدف حماية الضحايا. وفي وقت سابق الأربعاء أعلنت قوات الدعم السريع عبر صفحاتها الرسمية على فيسبوك تويتر مرفقا بمقطع فيديو "أنه بمبادرة من قائد قوات الدعم السريع إطلاق سراح (100) من أسرى القوات المسلحة و (25) جريحاً". وظهر في مقطع الفيديو أحد أفراد قوات الدعم السريع يوزع نقودا على الجنود المطلق سراحهم. كما تضمن الفيديو حديثا لأحد الجنود المفرج عنهم وهو يشكر قوات الدعم السريع على الافراج عنهم وحسن التعامل خلال الفترة التي قضوها في الأسر. وكان البرهان قد أعلن الثلاثاء، وقف إطلاق في أول أيام عيد الأضحى، داعياً في الوقت نفسه خلال كلمة بثها التلفزيون السوداني، الشباب، إلى الانضمام للجيش لمواجهة "المجموعات المتمردة"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع. وجاء ذلك بعد إعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الاثنين، هدنة من طرف واحد الثلاثاء والأربعاء، مشيرا إلى أنه "تم تشكيل لجنة خاصة للقيام بمحاكمات ميدانية لمن ارتكبوا انتهاكات ضد المدنيين". ودعت دول الترويكا بشأن السودان (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج)، الثلاثاء، كلاً من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى "السيطرة على قواتهما، وضمان احترام حقوق الإنسان، ومحاسبة المسؤولين عن الهجمات على المدنيين". وتسببت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أزمة إنسانية كبيرة وشردت ما يقرب من 2.8 مليون شخص، فر منهم ما يقرب من 650 ألفا إلى الدول المجاورة. ويتواصل القتال منذ ذلك الحين، كما يستعر في جزء كبير من دارفور، المنطقة الواسعة في الغرب السوداني التي لا ينفك اللاجئون يفرّون منها والتي عانت من الحرب الأهلية في العقد الأول من القرن الحالي. وكانت السعودية والولايات المتحدة، أعلنتا في مطلع الشهر الجاري، تعليق محادثات جدة بين طرفي الصراع الدائر في السودان بسبب "الانتهاكات الجسيمة" المتكررة لوقف إطلاق النار من قبل الجانبين.
مشاركة :