أمكَنَ أخيراً رصد ضوضاء الخلفية المنبعثة من زوبعة الثقوب السوداء العملاقة، بعدما سعى علماء الفلك طوال ربع قرن إلى تَتَبُعها، وما أتاح سماعها للمرة الأولى تقنية غير مسبوقة للكشف عن موجات الجاذبية، تفتح "نافذة جديدة على الكون". وهذه النتائج هي ثمرة تعاون واسع النطاق لأكبر التلسكوبات الراديوية في العالم التي تمكنت من التقاط هذا الاهتزاز للكون "بدقة الساعة"، مما أثار حماسة معدّي الدراسة المنشورة بالتزامن في أكثر من مجلة علمية. وموجات الجاذبية التي كان أينشتاين عام 1916 السبّاق في الإشارة إلى وجودها ورُصدت بالفعل بعد مئة عام، هي عبارة عن تشوهات صغيرة في الزمكان، على غرار تموجات الماء على سطح بركة. وهذه التذبذبات التي تنتشر بسرعة الضوء تَنشأ بفعل أحداث كونية عنيفة كاصطدام ثقبين أسودين. واللافت أن إشاراتها ضعيفة جداً مع أنها ناجمة عن ظواهر ضخمة. وفي 2015، أحدثت كواشف الموجات الثقالية "ليغو" (الولايات المتحدة) و"فيرغو" (أوروبا) ثورة في الفيزياء الفلكية من خلال اكتشاف الارتعاش البالغ القصَر لأقل من ثانية الذي يُحدثه التصادم بين الثقوب السوداء النجمية البالغة كتلتها عشرة أضعاف كتلة الشمس. لاكتشاف هذه الموجات، استخدم العلماء أداة جديدة هي نجوم نابضة من مجرّة درب التبانة، وتتسم هذه النجوم بأن كتلتها توازي ما بين شمس وشمسَين، مضغوطة في كرة قطرها نحو عشرة كيلومترات. وهذه النجوم شديدة الصغر، تدور حول نفسها بسرعة عالية تصل إلى 700 دورة في الثانية، على ما شرح الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، وينتج عن هذا الدوران الفائق السرعة إشعاع مغنطيسي عند القطبين، أشبه بأشعة المنارة، يمكن اكتشافه بفضل موجات الراديو المنبعثة من الترددات المنخفضة.
مشاركة :