الإعلام في الحج هو الشريك الأساسي؛ لنقل رسالة الإسلام المتمثلة في أداء فريضة الحج بما يحمله من معانٍ سامية إلى العالم أجمع. بل وتكمن أهمية الإعلام في نقل الصورة المشرفة التي ترسمها جهود الدولة متمثلة في كافة أجهزتها في سبيل تيسير أداء فريضة الحج، والتي تعكس اهتمام المملكة العربية السعودية بالحج النابع من مسؤوليتها التي فضَّلها الله بها في خدمة الحجيج. فدأبت على تسهيل كامل إجراءاته وتطوير خدماته المقدمة لحجاج بيت الله الحرام؛ فعلى مر السنين تسخر الدولة كافة أجهزتها للقيام بهذه المسؤولية على أكمل وجه سواء الأمنية، الصحية، التموينية، الاجتماعية، التطوعية وكذلك الإعلامية. فإعلام الحج ضرورة من الضرورات التي أولتها الحكومة الدعم والمساندة والتمكين، ولأهمية الدور الإعلامي والمكمل لباقي القطاعات بل الذي يعكس دور جميع القطاعات المشاركة في الحج نُلاحظ الحرص والاهتمام الذي حظي به قطاع الإعلام هذا العام، والذي أشرف بالوقوف عليه حضوريًا معالي الوزير سلمان الدوسري؛ حيث حظي المركز الإعلامي لوزارة الإعلام المتواجد بالمشاعر المقدسة بإشراف مباشر من سعادته خلال أيام الحج، فشارك من خلال حسابه على تويتر ببعض الصور أثناء زيارته وكتب “وقفت اليوم على استعدادات غرفة العمليات الإعلامية لحج ١٤٤٤هـ، واطلعت على جاهزية منظومة الإعلام في المشاعر المقدسة، واجتمعت مع مسؤولي الاتصال بالجهات المشاركة، نعمل لتقديم الخدمات لـ٣ آلاف إعلامي محلي ودولي جاءوا لتغطية موسم الحج، وخدمة ضيوف الرحمن لنا كسعوديين واجب وشرف ومسؤولية”. انعكس هذا الدعم الكبير على التطور المُلاحظ في الخدمات الإعلامية المقدمة، فجميع الوسائل الإعلامية التقليدية منها والرقمية تتسابق لأداء دورها البارز في تغطية موسم الحج، فمن خلال شاشات التلفزيون اعتدنا أن نكون قريبين من مشاعر الحجيج خلال أدائهم لمناسك الحج؛ حيث يتم نقل التغطية المستمرة المباشرة من ميادين الحج، بالإضافة إلى الدور الأساسي الذي تقوم به وزارة الإعلام في دحض الشائعات الكاذبة والرسائل المغرضة والدعوات التحريضية من خلال عقد المؤتمرات الصحفية الرسمية، والتي يتم من خلالها مشاركة المعلومات الصحيحة والدقيقة، ونشر البيانات والإحصاءات الرسمية، والإجابة على تساؤلات الصحفيين. وتميز إعلام حج هذا العام ١٤٤٤هـ بتسخير منصات الإعلام الجديد المتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي في صناعة محتوي يليق بحجم الحدث، وعلى رأسها حساب التواصل الحكومي على تويتر، والذي يتابعه أكثر من مليون متابع بصناعة محتوى متنوع وملفت عن الحج، من خلال مشاركة صور وفيديوهات للحجاج، قصص إنسانية، رسائل توعوية، دعوات وابتهالات بتصميمات جذابة وبتقنيات حديثة. بالإضافة لذلك تم إطلاق المركز الإعلامي الافتراضي بواسطة وزارة الإعلام والذي جاء مواكبًا لموسم حج عام١٤٤٤هـ، وهي منصة رسمية إلكترونية تهدف إلى تنظيم عمل الجهات الإعلامية في الحج من خلال دعم جهودها وإنتاج المحتوى وتوفيره وبثه وتسهيل مهام تغطية الحج للإعلاميين المشاركين في تغطية موسم الحج، وتوفير المواد الإخبارية مرفقة بصور وفيديوهات عالية الجودة ليتم تزويدها إلى ٩٠٠ إعلامي مسجل في المنصة من ضمنها وكالات أنباء وصحف وقنوات محلية وعالمية. كما يوفر المركز للصحفيين المشتركين خدمة المشاركة في المؤتمرات الصحافية لموسم الحج، ويمكنهم من طلب خدمات إعلامية مثل إجراء لقاء مع مسؤول أو طلب الحصول على بيانات ومعلومات متعلقة بالحج. والجدير بالإشارة أن الاهتمام بالجانب الإعلامي ونقل الصورة للجمهور لا يقل أهمية عن الاهتمام بالجانب الاتصالي الذي هو في الأساس جزء أساسي لا يتجزأ منه، فجعلت الاتصال بالحجيج ضمن خططها الأساسية من خلال إدراج التحول الرقمي للحج ضمن الخطط الأساسية لتحقيق رؤية المملكة ٢٠٣٠. فمن خلال إطلاق تطبيق “حج ذكي”، وهو تطبيق يضع بيت يدي الحاج حزمة من التطبيقات المهمة والتي توفرها المملكة لخدمة ضيوف الرحمن في شتى المجالات بداية من إصدار التصاريح والتأشيرات، خدمات اقتصادية، الحصول على الخدمات الإسعافية وصولًا إلى الخدمات الإتصالية. وعلى نطاق الاتصال بالحشود سخرت الحكومة السعودية كل إمكانات التكنولوجيا الرقمية لتقديم الخدمات الاتصالية لضيوفها ومن ضمنها ترجمة خطبة يوم عرفة إلى أكثر من ٣٠ لغة من لغات العالم من خلال توفير مترجمين وتوزيع سماعات لاسلكية على الحجاج، أيضًا منصة “زاد الحاج” وهي منصة توعية مترجمة إلى ١٥ لغة عالمية وتتضمن كتب إلكترونية مواد مرئية ومسموعة، بالإضافة إلى الشاشات الرقمية، وهي مراكز تحتوي شاشات عرض تفاعلية تبث موادًا توعوية وتوجيهية تخدم مليون حاج بـ ١٥ لغة مختلفة وتعمل في ١١ موقعًا، علاوة على ذلك توفير أجهزة “تواصل” الرقمية وهي منصات توجيهية للتوعية في الأماكن العامة يمكن الاستفادة منها من خلال تقنية الواي فاي على الهواتف الذكية. ومن وجهة نظري كمتخصصة في الجانب الأكاديمي الإعلامي أرى بأن الحكومة السعودية قد نجحت في إنشاء مدرسة جديدة في الجانب الإعلامي بل والاتصالي على نطاق أوسع، فالدور الكبير الذي حققته الحكومة متمثلة في وزارة الإعلام من خلال تسخير الإعلام ووسائله التقليدية والجديدة الرقمية لخدمة أهداف الإعلام و الاتصال، والتي تشمل بشكل أعمق وأكبر من فقط أدى مهمة الإعلام إلى استيعاب الاختلافات الموجودة على ساحة الحج وعلى رأسها اختلاف اللغة واختلاف طرق الحصول على المعلومة، واختلاف مستويات الجمهور- وهم الحجيج في هذا السياق- الثقافية والعمرية والاجتماعية، فالتمكن من استيعاب كل هذه الاختلافات في ظرف زماني ومكاني محدود وتوصيل الرسائل إليهم يُعتبر مدرسة إعلامية جديدة ونموذجًا يُدرس ويحتذى به.
مشاركة :