ماذا قال جمعة بن خلف الزري لحفيده الشهيد محمد راشد الضنحاني وهو يودعه؟ وسائل التواصل الاجتماعي في الإمارات والمنطقة تناقلت فيديو قصيراً يودع فيه الجد الحفيد الذاهب إلى اليمن بأبيات شعرية قليلة لكن كثيرة، صغيرة لكن كبيرة. هنا تعود الأشياء إلى معادنها الأصيلة وينابيعها الأولى. الجد للمستقبل، والحفيد للماضي والمستقبل، وبين ذلك الزخم الزاخر كله حاضر دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة التي يليق بها اسمها كاملاً خصوصاً في محفل الشرف والعزة والفخر، حيث الشباب يضعون أرواحهم على راحاتهم ويقدمونها فداء للوطن، فما أجلك من مقاصد وما أجملك من أعمار. شباب دولة الإمارات العربية المتحدة يحقق الشجاعة الكاملة والبطولة الكاملة من غير نقصان، وتشير الأحداث وظروفها أن ذلك يصدر عن عقيدة وفكر ورأي واقتناع وإيمان، فهاهي أجيال الإمارات تتوالى، وها هو الجد الجميل في هذه الحالة بالذات ينظر إلى عيني حفيده الجميل بكل ثقة وطمأنينة، ناصحاً بالثبات ومُذكّراً بحكمة الحفيد ووطنيته وحماسته وحبه لأهله ووطنه، والنتيجة أو الثمرة أن الحفيد يذهب إلى اليمن ضمن القوة الإماراتية الباسلة، ويستشهد في خلال تقديمه الواجب الوطني وهو يعبر بدمه عن مكنونات روحه. ليس إلا الوطن والوطنية، وليست إلا ترجمة قيم الولاء والانتماء إلى اللغة البليغة، الواضحة والصعبة، العميقة والشفافة، لغة المحبة في طورها الأسمى: التضحية، ونبوغ ضمير شعب الإمارات من جيل إلى جيل. ترى كم تعلمنا منكم يا شهداءنا؟ وكم كبرنا بكم؟ ترى كم أمدتنا أعمارهم بأعمار جديدة متدفقة بالنبض والحياة؟ ترى كم دخلنا، على أيديكم يا شهداءنا الأبرار، في تجارب لها نكهة المجد ورائحة النصر؟ ترى كم عشنا بعدكم على سر أو إكسير الإصرار؟ ربما بدأنا في وصف ما لا يوصف فما انتهينا إلا لبدايات وبدايات، لكن ما يرغمنا على الكبرياء لا البكاء، هذه المرة خصوصاً، مشهد الجد جمعة بن خلف الزري وهو يودع الحفيد الشهيد محمد بن راشد الضنحاني. وفي المشهد ثبات الشهيد، وعينه وبصره وبصيرته. في المشهد عقل الشهيد ووعيه، وفي المشهد قلب الشهيد وهو يحمل في داخله بلاده، دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي المشهد جد الشهيد البطل وهو، في كل حركة وسكون، يمارس الدور الملائم تماماً، غير المباغت أبداً: دور الشاهد على الشهيد. وكما الجد شاهد، فكذلك الوطن شاهد، والشعب شاهد، والأمة شاهدة. تلك دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك جيشها القوي، وفي منتصف وهج السلالة، أطل علينا، من علٍ، محمد راشد الضنحاني، وهو يحلق بجناحي الثقة والطمأنينة، فيما جده يستحضر الأيام الخوالي ويتلمس بنور عينه درب السلالة. ليست إلا دولة الإمارات العربية المتحدة التي تليق دائماً، خصوصاً في هذه اللحظة التاريخية المضيئة، باسمها كاملاً. habibalsayegh778@gmail.com
مشاركة :