كان عدم الاستقرار الداخلي في روسيا يمثل قلقاً دائماً للأوروبيين بسبب موقعهم الجغرافي القريب منها، وقبل بداية الحرب الروسية على أوكرانيا كان كثير من صناع السياسات الأوروبيين متفقين على تصور أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يكون رئيساً ديكتاتورياً، لكنه على الأقل يوفر الاستقرار في روسيا بينما البدائل له يمكن أن تكون أسوأ. وبعد الغزو واصل صناع السياسة خصوصاً في أوروبا الغربية، افتراض أن أي تحدٍّ مباشر للنظام هو مجرد أمنيات. وتقول الخبيرة بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، ليانا فيكس، في تقرير نشره المجلس، إن التمرد الذي قام به يفغيني بريغوجين أوضح هشاشة نظام بوتين، وهذه دعوة لليقظة بالنسبة للأوروبيين، فلم تعد أوروبا تواجه خياراً ما بين بوتين وعدم الاستقرار، فبوتين هو عدم الاستقرار داخلياً وخارجياً. وقد قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن التمرد كشف الهشاشة والانقسامات داخل روسيا، ودعا إلى توخي الحذر. وأوضحت فيكس أن الدول الأوروبية ستكون من بين أوائل من يواجهون تداعيات عدم الاستقرار في روسيا، وهذه الدول بحاجة إلى خطة لمواجهة احتمال حقيقي بأن تتسم روسيا في ما بعد بوتين بنهج قومي يميني متشدد أو فوضى بدلاً من التحرر أو بكليهما، وينبغي القيام بعملية التخطيط هذه داخل الاتحاد الأوروبي وكذلك حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ويجب أن تتجاوز تصورات السيناريوهات، وأن يتم بدلاً من ذلك وضع خطط مواجهة طارئة تتعامل مع تداعيات الاضطراب السياسي وأي فراغ سلطة في روسيا. ووفرت مناقشات وزراء الخارجية الأوروبيين في 26 يونيو نقطة بداية، وتعتبر قمة «الناتو» في العاصمة الليتوانية فيلنيوس يومي 11 و12 يوليو المقبل فرصة أخرى لإجراء حوار سري بشأن التداعيات وردود الفعل المحتملة. وأوصت فيكس بأن تتصدر النقاط التالية قائمة مناقشاتهم: تدفقات اللاجئين لقد أدى نزوح مئات الآلاف من المواطنين الروس والأوكرانيين نتيجة للحرب إلى فرض ضغوط كبيرة للغاية على حدود الاتحاد الأوروبي. والتعامل الحالي مع اللاجئين الروس متفاوت وبيروقراطي، حيث تفرض بعض دول الاتحاد الأوروبي قيوداً أكثر صرامة بسبب المخاوف الأمنية، ومن المحتمل أن يؤدي أي عدم استقرار يتسم بالعنف في روسيا إلى أن يكون هناك تدفق للاجئين من روسيا أكبر كثيراً، وستكون أوروبا هي وجهتهم الأولى إلى جانب تركيا وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى. اندلاع الصراعات في الدول المجاورة من الممكن أن يسفر أي فراغ في السلطة في روسيا عن اندلاع صراعات في مولدوفا، وهي دولة مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي، وفي جورجيا التي تربطها اتفاقية شراكة ونظام سفر من دون تأشيرة مع الاتحاد الأوروبي. ومن السيناريوهات الأخرى إمكانية اندلاع صراعات مع إقليم ترانسنيستريا الانفصالي في مولدوفا الذي تدعمه روسيا، وكذلك في منطقتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في جورجيا. الانتشار النووي وأسلحة الدمار الشامل على الرغم من أن الولايات المتحدة هي المحاور الرئيس لإدارة العلاقات النووية مع روسيا، فإنه ينبغي أن يكون انتشار أسلحة الدمار الشامل - بما في ذلك الأسلحة الكيماوية والبيولوجية - محل اهتمام من جانب صانعي السياسات الأوروبيين في ضوء حدود أوروبا البرية الطويلة للغاية مع روسيا. أمن حلفاء الناتو المجاورين لروسيا من الممكن أن تمثل أي نهاية لاحتكار الدولة لاستخدام القوة داخل روسيا، وكذلك احتمال ظهور قيادة روسية جديدة متطرفة، تهديدات لحلفاء الناتو المجاورين لروسيا وزيادة خطر التصعيد، وهنا سيكون مطلوباً رسالة ردع قوية من جانب الولايات المتحدة و«الناتو». الحرب في أوكرانيا من الممكن أن يوفر أي عدم استقرار داخلي في روسيا فرصاً جديدة لأوكرانيا في أرض المعركة، ويتعين على أوروبا استغلال تلك الفرص بتزويد أوكرانيا بالدعم الذي ستحتاجه لاستغلال أي ضعف محتمل للجيش الروسي، وربما أدى تمرد بريغوجين إلى الحد من القلق إزاء إمكانية أن يتجاوز بوتين الدعم الغربي لأوكرانيا، وبالتالي تصبح الحرب في مصلحته، والآن يبدو أن الساعة تدق ضد روسيا (وتلاحمها الداخلي)، بدلاً من أن تدق ضد أوكرانيا. واختتمت فيكس تقريرها بالقول إن الاهتمام الرئيس للغرب ينصب على إخراج روسيا من أوكرانيا، وليس حدوث تغيير للنظام في موسكو، ولهذا السبب تبنت الولايات المتحدة وأوروبا تصريحات شديدة الانضباط بالنسبة للتمرد، تمثلت في وصفه بأنه شأن روسي داخلي، في حذر لتجنب أي اتهامات بأن هناك تدخلاً غربياً. وأدى التنسيق الوثيق، مثل اتصالات الرئيس الأميركي جو بايدن مع كبار المسؤولين في لندن، وباريس، وبرلين، والاتصالات من جانب كبار الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين مع نظرائهم الأوروبيين، إلى ضمان توافر رسالة موحدة عبر الأطلسي في لحظة أزمة مع روسيا. ومع ذلك فإن الرسائل المشتركة لن تكون كافية إذا تكرر مثل هذا السيناريو، فهناك حاجة إلى استعداد تفصيلي لمستقبل يكون فيه أي تحدٍّ آخر للنظام الروسي أكثر نجاحاً من تحدي بريغوجين الأخير، وهو ما يمكن أن يحدث أسرع مما هو متوقع. • من الممكن أن يوفر أي عدم استقرار داخلي في روسيا فرصاً جديدة لأوكرانيا في أرض المعركة، ويتعين على أوروبا استغلال تلك الفرص بتزويد أوكرانيا بالدعم الذي ستحتاجه لاستغلال أي ضعف محتمل للجيش الروسي. وربما أدى تمرد بريغوجين إلى الحد من القلق إزاء إمكانية أن يتجاوز بوتين الدعم الغربي لأوكرانيا، وبالتالي تصبح الحرب في مصلحته. • الدول الأوروبية ستكون من بين أوائل من يواجهون تداعيات عدم الاستقرار في روسيا. وهذه الدول بحاجة إلى خطة لمواجهة احتمال حقيقي بأن تتسم روسيا في ما بعد بوتين بنهج قومي يميني متشدد أو فوضى بدلاً من التحرر أو بكليهما. وينبغي القيام بعملية التخطيط هذه داخل الاتحاد الأوروبي، وكذلك حلف شمال الأطلسي (ناتو). تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :