السياسة الأمريكية تمهد لبزوغ شرق أوسط متعدد الأقطاب

  • 7/1/2023
  • 02:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬يونيو2023،‭ ‬نشرت‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭ ‬متطورة‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬أف‭-‬22‭ ‬رابتور‮»‬‭ ‬التكتيكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فيما‭ ‬أكد‭ ‬اللفتنانت‭ ‬‮«‬أليكسوس‭ ‬غرينكويتش‮»‬،‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المركزية،‭ ‬أنها‭ ‬خطوة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إثبات‭ ‬قدرة‭ ‬بلاده‭ ‬على‭ ‬إظهار‭ ‬قوتها‭ ‬القتالية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‮»‬‭.‬ وعند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬رغبة‭ ‬‮«‬البحرية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬العربي؛‭ ‬لردع‭ ‬الهجمات‭ ‬الإيرانية‭ ‬المحتملة‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬المحايدة،‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬قرارات‭ ‬السياسة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأخيرة‭ ‬لواشنطن،‭ ‬تأتي‭ ‬بهدف‭ ‬معالجة‭ ‬التصورات‭ ‬المتزايدة‭ ‬عنها،‭ ‬كشريك‭ ‬غير‭ ‬موثوق‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬أكدت‭ ‬التزامها‭ ‬المستمر،‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬شريكًا‭ ‬وحليفًا‭ ‬موثوقًا‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬فإن‭ ‬دورها‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬خلال‭ ‬الموجة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬مساعي‭ ‬خفض‭ ‬التصعيد‭ ‬والمصالحة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كان‭ ‬‮«‬غائبًا‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬تحليل‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬التفصيل،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬مارك‭ ‬ليونارد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬جهود‭ ‬التقارب‭ ‬بالمنطقة‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬المشاركة‭ ‬الغربية‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬غياب‭ ‬الدور‭ ‬الأمريكي‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬‮«‬هدوء‭ ‬مؤقت‮»‬‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬مهام‭ ‬الاحتكاك‭ ‬الإقليمية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الغياب‭ ‬يقدم‭ ‬‮«‬لمحة‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬نظام‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‮»‬‭.‬ من‭ ‬جانبه،‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬سينغ‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬تمر‭ ‬بفترة‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬أولوياتها‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شركاءها‭ ‬غير‭ ‬متأكدين‭ ‬من‭ ‬التزامها‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬بـأمن‭ ‬المنطقة،‭ ‬واهتماماتها‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية؛‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬‮«‬تسعى‭ ‬لتجنب‭ ‬الانحياز‭ ‬لجانب‭ ‬ما‮»‬‭ ‬في‭ ‬منافسة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬أوضحت‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬نواياها‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لخدمة‭ ‬مصالحها‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬وجه‭. ‬ ولمعالجة‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬سينغ‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة»؛‭ ‬لإعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬دورها‭ ‬التقليدي‭ ‬بصفتها‭ ‬الطرف‭ ‬الأكثر‭ ‬نفوذاً‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬ليونارد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التوقعات‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬المحللون‭ ‬الغربيون‭ ‬بأن‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬الرقابة‭ ‬الغربية‭ ‬سوف‭ ‬‮«‬يغرق‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬وجود‭ ‬نظام‭ ‬ناشئ‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة»؛‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مضلل‭ ‬تمامًا،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬واقع‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬أظهر‭ ‬نفسه‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قدرة‭ ‬الحكومات‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬التقارب‭ ‬والمبادرات‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬وفق‭ ‬شروطها‭ ‬الخاصة‭ ‬لحل‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تهدئة‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭.‬ وفي‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬شهدت‭ ‬المنطقة‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬تحول‭ ‬تاريخي‭ ‬اقترن‭ ‬بخطوات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‮»‬،‭ ‬إزاء‭ ‬معالجة‭ ‬صراعات‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬باتت‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬التفاوض،‭ ‬وتسوية‭ ‬منافساتها،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬الترحيب‭ ‬بالحكومات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬معزولة‭ ‬إقليميا‭ ‬في‭ ‬السابق‭. ‬وتعليقا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ليونارد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التطورات‭ ‬‮«‬الأكثر‭ ‬ملاحظة‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الغياب‭ ‬شبه‭ ‬التام‮»‬‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الغربية‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮«‬قادت‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬النجاحات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬التدخلات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬قد‭ ‬تذبذبت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬الموجة‭ ‬الحالية‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬نفسها،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬بروز‭ ‬بعض‭ ‬أوجه‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬خارجية‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الصين‮»‬‭.‬ وفي‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬القيادة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ليونارد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬‮«‬برزت‭ ‬كلاعب‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬السودان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استضافة‭ ‬المحادثات‭ ‬بين‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬‮«‬جدة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ساعد‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬خلال‭ ‬مايو‭ ‬2023‭.‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬آنا‭ ‬جاكوبس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المملكة‮»‬،‭ ‬‮«‬تسعى‭ ‬لتأكيد‭ ‬نفسها‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جهود‭ ‬الوساطة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬مثال‭ ‬آخر،‭ ‬رأي‭ ‬‮«‬ليونارد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مصر‮»‬،‭ ‬‮«‬تولت‭ ‬مسؤولية‭ ‬جهود‭ ‬الوساطة‭ ‬التي‭ ‬أنهت‭ ‬وتيرة‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية،‭ ‬عندما‭ ‬اندلع‭ ‬القتال‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحركة‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المقاومة‭ ‬للاحتلال‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2023‭.‬ ولعل‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الانخراط‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬السبل‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬بالضرورة‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭. ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬رحب‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬بتحركات‭ ‬المصالحة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مشاركة‭ ‬خصوم‭ ‬جيوسياسيين‭ ‬لواشنطن‭ ‬بها‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬عودة‭ ‬العلاقات‭ ‬السعودية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬التي‭ ‬توسطت‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ألكسندر‭ ‬وارد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بوليتيكو‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬أدنى‭ ‬تحفظ‮»‬،‭ ‬حيال‭ ‬شروط‭ ‬التقارب،‭ ‬مستشهداً‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بتحليل‭ ‬‮«‬ماثيو‭ ‬دوس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬الصراع‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬جيد،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عمن‭ ‬توسط‭ ‬في‭ ‬ذلك‮»‬،‭ ‬وزعم‭ ‬‮«‬مارتن‭ ‬إنديك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬هي‭ ‬‮«‬انتصار‭ ‬للمصالح‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬أي‭ ‬‮«‬لوم‮»‬‭ ‬لوقوع‭ ‬أي‭ ‬فشل‭ ‬مستقبلي‭ ‬لهذا‭ ‬التقارب‭ ‬‮«‬سيوجه‭ ‬إلى‭ ‬الصين‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬غرينكويتش‮»‬،‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التقارب‭ ‬‮«‬السعودي‭- ‬الإيراني‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬موضع‭ ‬ترحيب‭ ‬دائمًا‮»‬‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬مضيفًا‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬الدول‭ ‬تتحدث‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬وعندما‭ ‬تكون‭ ‬لديها‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬متبادلة؛‭ ‬‮«‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬‮«‬توفير‭ ‬سبل‭ ‬لحل‭ ‬خلافاتها‮»‬‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ليونارد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فك‭ ‬الارتباط‭ ‬المتصور‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬كان‭ ‬نتيجة‭ ‬تبنيها‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬محددة‮»‬،‭ ‬معنية‭ ‬بتحويل‭ ‬تركيزها‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬واعتماد‭ ‬‮«‬نهج‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬1990‮»‬‭ ‬نحو‭ ‬المنطقة،‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬‮«‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري،‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحلفاء‭ ‬الإقليميين‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يفتخر‮»‬‭ ‬بقدرة‭ ‬إدارته‭ ‬على‭ ‬‮«‬مقاومة‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬قوضت‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬أسلافه‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تتبع‭ ‬نهج‭ ‬دبلوماسي‭ ‬أخف‭ ‬وطأة؛‭ ‬بهدف‭ ‬حل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التوترات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والأعمال‭ ‬العدائية،‭ ‬نجحت‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التقارب،‭ ‬فشلت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تحقيقه‭ ‬طيلة‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬مستقبلاً‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬استفادة‭ ‬‮«‬أمريكا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإقليمية،‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬الحالية‭ ‬لدورها‭ ‬الإقليمي‭ ‬قد‭ ‬اختفت‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬ليونارد‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التناقضات‭ ‬في‭ ‬النهج‭ ‬الغربي‭ ‬الحالي‭ ‬للشؤون‭ ‬الإقليمية،‭ ‬مطالبا‭ ‬بضرورة‭ ‬‮«‬سد‭ ‬الهوة‭ ‬بين‭ ‬التطلعات‭ ‬الغربية،‭ ‬والأوضاع‭ ‬الحقيقية‭ ‬على‭ ‬الأرض‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يؤيدون‭ ‬خيار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬رسميًا،‭ ‬لكنهم‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬‮«‬ابتعدوا‭ ‬عنه‭ ‬مؤخرًا‮»‬،‭ ‬برفضهم‭ ‬محاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬جرائمها‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭.‬ بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬‮«‬يواصل‭ ‬الترويج‭ ‬لأهمية‭ ‬أدواره‭ ‬الدبلوماسية‮»‬‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬بعض‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬اتخاذها‭ ‬لمعالجة‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬والمرتبطة‭ ‬بالأمن‭ ‬الإقليمي‭. ‬وأبرز‭ ‬حالة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬المحادثات‭ ‬المتوقفة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬تطلعاتها‭ ‬النووية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬باراك‭ ‬أوباما‮»‬،‭ ‬تفاوضت‭ ‬على‭ ‬إبرام‭ ‬‮«‬الاتفاق‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬لعام‭ ‬2015،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬انسحاب‭ ‬أمريكا‭ ‬الأحادي‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬قوض‭ ‬التزامها‭ ‬المستقبلي‭ ‬بالاتفاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬عدم‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭. ‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬حاول‭ ‬كثيرا‭ ‬استعادة‭ ‬الامتثال‭ ‬الأمريكي‭ ‬والإيراني،‭ ‬للشروط‭ ‬الأصلية‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي؛‭ ‬فإن‭ ‬الانهيار‭ ‬النهائي‭ ‬للمحادثات‭ ‬المطولة‭ ‬في‭ ‬‮«‬فيينا‮»‬،‭ ‬أكدت‭ ‬حقيقة‭ ‬اعتراف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬لاحقًا‭ ‬بأن‭ ‬خططه‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬بلا‭ ‬جدوى‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬العلوم‭ ‬والأمن‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬تخطو‭ ‬‮«‬خطوات‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬الانطلاق‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬اكتشاف‭ ‬مسؤولي‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬،‭ ‬آثار‭ ‬لمادة‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬بنسبة‭ ‬‮٨٣‬%‭ ‬نقاء،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬ليست‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬مستوى‭ ‬الـ90%‭ ‬المطلوبة‭ ‬لصنع‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية،‭ ‬وأعلى‭ ‬بكثير‭ ‬بمعدل‭ ‬‮٣٦‬‭ ‬%‭ ‬حينما‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬تقييد‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ ‬عام‭ ‬2015‭. ‬ وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ليونارد‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الدور‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬المحدود‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬له‭ ‬جوانب‭ ‬سلبية؛‭ ‬فقد‭ ‬تسببت‭ ‬التدخلات‭ ‬الغربية‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬‮«‬زعزعة‮»‬‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كانت‭ ‬جريمة‭ ‬‮«‬غزو‭ ‬العراق‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبريطانيا‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬سببا‭ ‬مباشرا‭ ‬وراء‭ ‬تدهور‭ ‬أوضاعه‭. ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬تعدد‭ ‬الأقطاب‮»‬‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬عنفًا‮»‬،‭ ‬ويمتلك‭ ‬‮«‬إحساسًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬بين‭ ‬القادة‭ ‬الإقليميين‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬حرصًا‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬أوجه‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‮»‬،‭ ‬عكس‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تواصل‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لمعالجة‭ ‬المخاطر‭ ‬والتهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬فحسب‭. ‬ وعليه،‭ ‬فإنه‭ ‬استجابةً‭ ‬للقلق‭ ‬بشأن‭ ‬تأثير‭ ‬الدور‭ ‬المختزل‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬أطر‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬ومناحي‭ ‬المنافسة‭ ‬والتعاون،‭ ‬بيّن‭ ‬الباحث‭ ‬أن‭ ‬الهيكل‭ ‬الجديد‭ ‬للجغرافيا‭ ‬السياسية،‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬‮«‬يمثل‭ ‬شكلاً‭ ‬مميزًا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬‮«‬مع‭ ‬إثبات‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أيضًا‭ ‬مدى‭ ‬استعدادها‭ ‬ونجاحها‭ ‬في‭ ‬التفاوض‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬لحل‭ ‬خلافاتها‭. ‬ومع‭ ‬قيام‭ ‬قوى‭ ‬إقليمية‭ ‬متنامية،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬بدور‭ ‬الوسيط‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬النزاعات‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وعلى‭ ‬حدودها‭ ‬لتعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬قدرة‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬الجلوس‭ ‬بالمقعد‭ ‬الخلفي‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬والمبادرات،‭ ‬سيتم‭ ‬قبولها‭ ‬دون‭ ‬غضاضة،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬رغبتها‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لتقليل‭ ‬علاقاتها‭ ‬السياسية‭ ‬بالمنطقة‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬تطبق‭ ‬نهجها‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لحل‭ ‬الصراعات‭ ‬بالمنطقة؛‭ ‬فإن‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬تُظهر‭ ‬أيضًا‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يواجه‭ ‬العقبات‭ ‬التي‭ ‬أحبطت‭ ‬المساعي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لصانعي‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكيين‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭. ‬ ومع‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬ليونارد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬أصبح‭ ‬‮«‬قنبلة‭ ‬موقوتة‮»‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬انخفاض‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تحتاجه‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬لإنتاج‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الانشطارية‭ ‬اللازمة‭ ‬لصنع‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬شهرًا‭ ‬إلى‭ ‬12‭ ‬يومًا‭ ‬فقط‭ -‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬ذكره‭ ‬الوكيل‭ ‬السابق‭ ‬بوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬كولن‭ ‬كال‭- ‬فإن‭ ‬مجال‭ ‬تقليص‭ ‬نطاق‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وزيادة‭ ‬تركيزها‭ ‬على‭ ‬المسارح‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬العالمية‭ ‬الأخرى،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬التطورات‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مؤكد؛‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬الأجدر‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬للنجاح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

مشاركة :