ياسر رشاد - القاهرة - وتنمية الاقتصاد المحلى وجهاز الاستثمار يخصص 100 مليون ريال لدعم السيولة فى بورصة مسقط منح قرار البنك المركزى العُمانى بتعديل بعض المتطلبات الرقابية للأنشطة الحالية لشركات التمويل والتأجير التمويلى العاملة فى سلطنة عُمان دفعة كبيرة ودورًا أوسع لهذه الشركات للمساهمة فى زيادة السيولة فى السوق وتنمية الاقتصاد المحلى، من خلال زيادة تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقبول الودائع من المؤسسات ومنح قروض شخصية للأفراد. وقد استجابت أسهم الشركات التمويلية فى بورصة مسقط بشكل إيجابى، وارتفعت قيمة أسهمها مباشرة بعد التعميم الصادر نهاية الأسبوع الأول من يونيو الجارى، نتيجة التوقعات الإيجابية لعوائدها المستقبلية بعد إعطائها مساحة أوسع من الخدمات والأدوار فى السوق العمانية خاصة بعد السماح لها بتمويل المشاريع التجارية ومشاريع التطوير العقارى من أجل بناء الوحدات السكنية. أجمع عدد من الاقتصاديين ورواد الأعمال على أهمية هذا القرار فى خلق توازن نسبى فى قطاع الإقراض بين محافظ الإقراض فى البنوك وشركات التمويل على حد سواء. وحذروا من زيادة معدل التضخم عن المستهدف، نتيجة زيادة السيولة فى السوق التى يجب استيعابها من خلال تنوع الفرص الاقتصادية. سيولة أكبر فى السوق والقطاع الخاص ويرى الدكتور، سعيد المحرمى، أستاذ بقسم الاقتصاد والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، أن تعميم البنك المركزى غيّر الكثير من المفاهيم، وقال: من المتعارف عليه أن البنوك التجارية والإسلامية من المؤسسات التى تقبل الودائع، وشركات التمويل بشكل عام هى من المؤسسات التى يفترض وبصورة عالمية ألا تقبل الودائع. إلا أن تعميم البنك المركزى غيّر هذا المفهوم وأوجد حلًا جديدًا ومبتكرًا لزيادة السيولة فى السوق وللقطاع الخاص على وجه التحديد، واقتصر على ودائع الشركات وليس الأفراد لحمايتهم فى المقام الأول. ونفى المحرمى أن تعديل أنشطة شركات التمويل سيمكنها من منافسة البنوك، كون البنوك التقليدية والإسلامية تمتلك قوائم خدمات طويلة جدًا، وتقبل ودائع الأفراد، وهى مجانية التكلفة على الأغلب، فى المقابل ستكون نسب الفائدة لدى شركات التمويل أعلى كونها من الصعب أن تحصل على أموال مجانية، ولكن هذه النسب ستخضع للتنافسية فيما بينها. ولعدم وجود ضمانات كتلك الموجود فى البنوك قد تطالب الشركات نسب عالية من الفوائد على ودائعها قد تصل إلى 2.5 و3 بالمائة. رفع التنافسية لتمويل القطاع التجارى وقطاع العقارات وأكدت الدكتورة حبيبة المغيرية أكاديمية وباحثة اقتصادية أن التعميم جاء لتنظيم القطاع المالى، وفتح باب التنافس بين هذه الشركات لتمويل القطاع التجارى وقطاع العقارات، بعدما كانت محصورة لقطاعات معينة؛ مما سيسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تمويل الأفراد بقروض ميسرة، خصوصًا فى ظل الارتفاع المستمر لتكاليف المعيشة، كما سيتيح توصيل خدمات التمويل لفئات المجتمع التى تتجنب التعامل مع البنوك التجارية، وأيضاً إلى الأفراد الذين لا تصل إليهم خدمات البنوك التجارية، وبالتالى ستسهم هذه الشركات نوعًا ما فى تحقيق الشمول المالى. مشيرة إلى أن أهمية هذا القرار تكمن فى توسيع نطاق أنشطة هذه الشركات لتشمل تمويل المشروعات التجارية ومشروعات التطوير العقارى، وأيضاً للقروض الشخصية، وهذا القرار سوف يزيد من تمكين دورها فى نمو القطاع المالى. تشجيع الشركات على زيادة تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحول تشجيع هذه الشركات على زيادة تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، قالت الدكتورة حبيبة المغيرية: إن دورة حياة المشاريع المتوسطة والصغيرة والناشئة بمختلف مراحلها تحتاج إلى مصادر للتمويل، خصوصًا فى مراحل الإنشاء والإنتاج، ومن ثم التطوير والتسويق؛ فإذا تمكنت هذه الشركات من الحصول على التمويل بكل سهولة وفى وقت قياسى ومن مصادر متعددة بالتأكيد سوف يسهم فى زيادة هذه الشركات وتطور أدائها وربما حمايتها من التعثر، وبالتالى فإن من أهم علامات ازدهار اقتصاديات الدول هو زيادة وتعزيز هذا القطاع خصوصا فى جانب التمويل، أيضاً سيسهم هذا القرار فى تشجيع هذه الشركات على إيصال خدمات لأكبر فئة ممكنة وتلبية احتياجاتهم المالية. وأكدت «المغيرية» أن دور هذه الشركات سوف ينعكس إيجابيًا فى تنمية الاقتصاد، وتعزيز مساهمتها فى تحقيق رؤية 2040، فمن خلال تقديم هذه الشركات لخدماتها والتنافس على تمويل المشروعات التجارية والتطوير العقارى ستساعد على التوسع فى هذه القطاعات، وتحقيق أهدافها، وزيادة نموها، وسوف تخلق فرص عمل لفئة الباحثين عن عمل والفئات الأخرى. قيود أقل وفسحة أكبر من العمل والعطاء والأمل والتوسع ويرى الدكتور قيس السابعى، قانونى وخبير اقتصادى، أن تعميم البنك بتعديل بعض المتطلبات الرقابية للأنشطة الحالية لشركات التمويل والتأجير التمويلى العاملة فى سلطنة عُمان سيُسهم فى التقليل من القيود التى كانت موجودة، وسيخفف من عبئها على هذه الأنشطة وعلى شركات التمويل والتأجير التمويلى، مما سيعطى فسحة أكبر من العمل والعطاء والأمل والتوسع فى العمل. وأضاف: «السماح لهذه الشركات بتمويل المشاريع التجارية ومشاريع التطوير العقارى من أجل بناء الوحدات السكنية يؤدى بشكل فورى وملاحظ إلى تسارع عملية النمو الاقتصادى، والتسارع فى عجلة التنمية، ويتيح المجال للانتعاش الاقتصادى العمانى، كما يؤدى ذلك إلى رفع مساهمة هذه الشركات، وإعطائها رأسمال أكبر، وقوى شرائية، وسيولة مالية أضخم». مؤكدًا أن القرار يوجد كيانًا مصرفيًا جديدًا بشكل موسع بإعطاء هذه الشركات التمويلية إضافات ومزايا جديدة؛ لأنه تم إعطاؤها مرونة فى تحديد ساعات العمل دون الإخلال بقانون العمل، وإعطاؤها الفرصة لقبول الودائع وأن تمنح قروضًا شخصية للأفراد. وأضاف: سيتم خلق روح من المنافسة الشريفة بين البنوك والمؤسسات التمويلية، وإحياء المؤسسات التمويلية من جديد، وإنعاشها بطريقة مباشرة وغير مباشرة، فروح المنافسة بينهما ستؤدى إلى تخفيض نسب الفائدة على المقترضين. تنشيط الاقتصاد وتعزيز الاستثمار المحلى وخلق البديل فى عمليات التمويل وأكد محمد بن حسن العنسى رئيس لجنة سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان الدور المهم للشركات التمويلية فى تمويل المشروعات بعد القطاع البنكى، وقال: إنها بعد التعميم ستلعب دورًا أكبر فى تمويل الأنشطة الاقتصادية والتجارية والصناعية. وأضاف: ستسهم الشركات التمويلية فى تعزيز الاستثمار المحلى وخلق البديل فى عمليات التمويل للمشروعات الجديدة، وكذلك سوف تساعد فى تطوير الصناعات القائمة وتحسين الإنتاجية والجودة، مما يسهم فى تحسين الوضع الاقتصادى للبلد وزيادة نموه، واستدامة خلق فرص العمل للشباب، وبالتالى يعمل على تحسين مستوى المعيشة للأفراد، بالإضافة إلى ذلك، فإن تمويل المشروعات عن طريق الشركات التمويلية يساعد على تقليل المخاطر المالية على المستثمرين أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأكد العنسى أن السماح للشركات التمويلية بتمويل المشروعات يعد أمرًا مهمًا لتحفيز النمو الاقتصادى وتطوير الصناعات وزيادة فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة للأفراد، كما يسهم فى تشجيع المستثمرين على المشاركة فى المشاريع الاستثمارية. توازن القطاع المالى بين محافظ الإقراض فى البنوك وشركات التمويل من جانبه، أوضح صالح بن عيسى العبرى باحث اقتصادى أن التيسير الكمى للنقود هى إحدى السياسات التى تتبعها البنوك المركزية لزيادة المعروض النقدى، والهدف منها المحافظة على نسبة التضخم المستهدفة، لتحفيز الاقتصاد، وتستعمل فى فترات الانكماش أو الركود أو الرغبة فى زيادة معدلات النمو لدفع عجلة الاقتصاد. ويمكن زيادة المعروض النقدى بعدة أدوات لدى البنوك المركزية، ومنها خفض معدل الفائدة النسبية أو تقليل الاحتياطى النقدى، أو شراء الأصول المالية، ويهدف كل ذلك إلى إتاحة المزيد من النقد فى المحافظ الإقراضية، فينعكس ذلك على تسهيلات ائتمانية تقدمها البنوك وشركات التمويل إلى السوق، فيحدث تيسير كمى نقدى. وقبل تعميم البنك المركزى خلال يونيو الجارى، قال العبري: إن البنوك كانت مترفة بالودائع المجانية، من الأفراد والشركات والمؤسسات الخاصة والعامة، وجاء التعميم للسماح لشركات التمويل باستقبال الودائع، من فئة مهمة من الفئات المودعة فى البنوك، وهى فئة الشركات، مما سيوسع محفظتها الإقراضية، ويقلل المحفظة الإقراضية للبنوك، وخلق توازن نسبى فى قطاع الإقراض بين محافظ الإقراض فى البنوك وشركات التمويل على حد سواء. وقال العبري: إن التعميم لم يترك لشركات التمويل المجال الواسع لاستعمال أموال المودعين بدون ضمانات، بل وضع العديد من المحددات لحفظ هذه الودائع من أى أزمات قد تقع، بسبب انكشافات أو خسائر، قد تقع فى السوق لأى سبب كان. الودائع فى شركات التمويل خطورتها أعلى من الودائع فى البنوك، لأسباب عدة، أهمها أن الودائع فى شركات التمويل لا تخضع لتعويضات صندوق تأمين الودائع المصرفية، ولكن المركزى وضع حدًا أعلى لقبول الودائع ألا تتجاوز القيمة الصافية لشركة التمويل أو التأجير. وبما أن التعميم وسّع المحفظة الإقراضية لشركات التمويل فإنه وسّع أيضاً الخدمات التمويلية، حيث سمح لشركات التمويل بتوسيع خيارات التمويل العقارى، سابقًا كان يسمح تمويل بناء المستودعات والمصانع فقط، الآن توسع ليشمل المبانى التجارية، ومشاريع المطورين العقاريين السكنية، وهذه السياسة المالية تتناسب مع التوجه الاقتصادى العام فى توسيع دور المطورين العقاريين لتطوير الأحياء الكاملة. وحول سلبيات التيسير الكمى الإقراضى، قال العبري: تكمن الخطورة فى زيادة معدل التضخم عن المستهدف، فكلما زادت السيولة فى السوق زاد معدل التضخم والعكس صحيح. معدل التضخم المسيطر عليه مهم لنمو الاقتصاد وتحركه، الخطورة فى ارتفاعه غير المتوقع، وهذا يعتمد على حجم الفرص الاستثمارية فى السوق، ومدى قدرة الاقتصاد على استيعاب السيولة النقدية المعروضة فيه، فكلما كانت فرص السوق متنوعة استوعب السيولة النقدية بشكل أفضل والعكس صحيح. لذلك يجب أن تتناغم القرارات الاقتصادية مع هذا القرار. إنعاش القطاعات الاقتصادية المختلفة وتدفق السيولة النقدية من جانبه، قال رائد الأعمال محمد بن طارق الشنفرى رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للعسل الطبيعي: أعتقد أن البنك المركزى العمانى بدأ بالتفكير خارج الصندوق مما نتج عنه قرار طال انتظاره منذ زمن طويل، حيث سيسهم هذا القرار بشكل كبير من إنعاش القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتدفق السيولة النقدية فيه وتنميته بشكل كبير وملحوظ خلال الفترات القادمة، فتسهيل وتنويع مصادر التمويل مهمة جدا لتنمية مختلف القطاعات فى هذه المرحلة. وأضاف الشنفرى قائلًا: هذا القرار سيسهم بشكل كبير فى زيادة تمويل قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مما سيدفع بعجلة التنمية للتقدم، ويعد هذا القطاع محور النهضة المتجددة ومستقبل الاقتصاد الوطنى. 100 مليون ريال لدعم السيولة فى بورصة مسقط كان جهاز الاستثمار العُمانى قد أعلن عن تخصيص 100 مليون ريال عُمانى لدعم بورصة مسقط عبر مبادرة «صندوق السيولة» التى أطلقها الجهاز بالتعاون مع البرنامج الوطنى للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالى. وقال عون بن عباس البحرانى مدير عام استثمارات الأسواق العامة فى جهاز الاستثمار العُماني: إن مبادرة «صندوق السيولة» التى أطلقها الجهاز بالتعاون مع البرنامج الوطنى للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالى عبارة عن محفظة قيمتها 100 مليون ريال عُمانى لدعم مبادرات صانع السوق ومزود السيولة فى بورصة مسقط، حيث ستشكّل المحفظة نسبة من حجم التداول اليومى فى البورصة. وأوضح أن المبادرة تُعدّ أداة مالية تمكّن الجهاز من المشاركة بنسبة من التداول اليومى فى بورصة مسقط، مؤكدًا استعداد الجهاز للتعاون مع الشركات التى ستعمل فى صناعة السوق وتقوم بجذب استثمارات وسيولة جديدة للبورصة. وذكر أن هذه المبادرة تأتى تجسيدًا لأولويات «رؤية عُمان 2040»، واستمرارًا للمبادرات الرامية إلى تعميق بورصة مسقط، وتحقيق النمو المستدام فيها، وتعزيز جاذبية المستثمرين، وزيادة ثقتهم بها، مما سينعكس بصورة إيجابية على رفع أحجام التداول، واستقطاب شركات جديدة. يُذكر أن توسيع بورصة مسقط من خلال الاكتتابات العامة الأولية أو الثانوية كان ضمن أهداف خطة تخارج جهاز الاستثمار العُمانى التى أُعلن عنها العام الماضى. كلام الصور مؤشر بورصة مسقط / من المشروعات العقارية فى سلطنة عُمان
مشاركة :