روسيا تحكم قبضتها على إمدادات القمح العالمية

  • 7/2/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أحكمت روسيا سيطرتها على إمدادات القمح العالمية بعد غزوها أوكرانيا، معززة بذلك دور الكرملين في إمدادات الغذاء العالمية للحصول على الدعم السياسي والعملة الصعبة. مع الفوضى في السياسة الداخلية الروسية بعد إحباط التمرد العسكري، وتضرر مكانتها الدولية نتيجة للحرب، ما زالت الحبوب مصدراً أساسياً للنفوذ، ووسعت موسكو دائرة سيطرتها على السوق المحلية والخارجية. في ظل بدء حصاد المحصول الوفير من الأراضي الخصبة، مثل منطقة شمال القوقاز، ستكون روسيا مصدراً لشحنة واحدة كل 5 شحنات من صادرات القمح في الموسم الذي سيبدأ في 1 يوليو، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية. على النقيض، ستنخفض حصة أوكرانيا عن مستوياتها قبل الغزو بمقدار النصف لتقارب 5%، حيث تكبد الإنتاج أضراراً طويلة الأجل بسبب حقول الألغام وتعطل سلاسل الإمداد والتوريد. تشكل قوة روسيا المتزايدة في السوق جزءاً من مجهود أوسع. فقد انسحبت منها شركات التجارة العالمية، مثل شركة "كارغيل" (Cargill) بعد أن تعرضت إلى ضغوط لإخلاء الساحة للشركات المحلية. وأدت تلك التغيرات إلى إعطاء القوى المحلية مزيداً من السيطرة، ما قد يسهل على الشركات المحلية شحن الحبوب المزروعة في الأراضي الأوكرانية المحتلة، وييسر على موسكو التأثير على الأسعار. قال سكوت رينولدز، أستاذ التاريخ بجامعة جورجيا: "أهمية الحبوب لا تكمن في توفير الغذاء للروس فحسب، لكنها سلعة التصدير الأساسية التي تعزز قوة روسيا الناعمة. فأن تكون أكبر مُصدر للقمح في العالم هو إنجاز تفهمه موسكو جيداً". صدّرت روسيا حبوباً بقيمة 10 مليارات دولار في العام السابق على الحرب، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة. وفيما تبدو قيمة تلك الصادرات قليلةً مقارنة بالإيرادات الهائلة من الطاقة، إلا أن أهميتها تتجاوز الدخل. فالمستورد الأساسي هي دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي امتنعت عن الانضمام إلى العقوبات أو معارضة روسيا بشكل مباشر في الأمم المتحدة. صادرات القمح الروسي تتضاعف عن مستويات ما قبل الحرب "إن التوجه العام في روسيا هو الحفاظ على دول الجنوب العالمي إلى جانبها"، حسب كريستوفر غارنفيل، العضو المنتدب في شركة "تي إس لومبارد" (TS Lombard) للبحوث، والدبلوماسي السابق. تسلك استراتيجية روسيا للقمح مساراً معروفاً، عبر كسب حصص في الأسواق، ثم استخدام ذلك في دعم نفوذها. واتفاق الممر الآمن لتصدير الحبوب الذي طرحته أوكرانيا، والتي وافقت عليه روسيا بعد ضغط دولي هائل بعد الغزو، يتعرض الآن للخطر. قال بوتين في وقت سابق من الشهر الجاري إنه يدرس الانسحاب من الاتفاقية التي تسمح لأوكرانيا بشحن صادرات الحبوب من موانئ البحر الأسود، مضيفاً أن روسيا "خُدعت مرة أخرى". وأضاف: "نفكر الآن في كيفية الانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب تلك. صدّقت روسيا على الاتفاق لدعم الدول النامية- أصدقائنا، ولرفع العقوبات عن قطاعنا الزراعي". لا توجد عقوبات مباشرة على محاصيل روسيا الزراعية، لكن العقوبات على البنوك أفضت إلى مشكلات في التمويل واللوجستيات لشركات تصدير الحبوب. مطالب بقيود على الشركات الأجنبية مع بدء حصاد محصول ضخم من القمح، ينتظر أن تصدر روسيا كميات قياسية للعام الثاني على التوالي. كما أدى محصولها الوفير ومخزوناتها الهائلة إلى تدهور أسعار القمح، لا سيما أن الدولة تتقاضى سعراً أقل على محصولها مقارنة مع الدول الكبيرة الأخرى المنتجة. غير أن موسكو تناور للحد من تلك التخفيضات السعرية واكتساب مزيد من السيطرة على قطاعها الزراعي. ظاهرة "إل نينيو" في شمال الصين تهدد المحاصيل الزراعية حكام أكبر المناطق إنتاجاً للحبوب في روسيا، إلى جانب شخصيات من أصحاب النفوذ في قطاعي التمويل والأسمدة، حثوا الكرملين في العام الماضي على فرض قيود على دور الشركات الأجنبية في صادرات الحبوب. قررت شركتا "كارغيل" و"فيتيرا" (Viterra)، أكبر شركتين غربيتين لتصدير الحبوب الروسية، في مارس إنهاء العمليات التي بدأتاها في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي. كما انضمت شركة "لويس دريفوس" (Louis Dreyfus) إلى موجة الهروب، والتي ستسري بدءاً من يوليو. يمثل انسحاب الشركات الغربية فرصة للتجار المحليين لفرض مزيد من السيطرة على السوق. غير أن الموقف محفوف بالمخاطر للمشترين. فضم روسيا للمناطق الأوكرانية يعني أن بعض الكميات القادمة من المناطق المحتلة تُخلط مع الحبوب الروسية، وتقدر بنحو 3 ملايين طن في 2023، وفقاً لتقرير نشرته وكالة "تاس" الإخبارية، نقلاً عن وزير الزراعة الروسي، دميتري باتروشيف.

مشاركة :