غدر «داعش» .. «تكفى» التي تهز «الرجال» لا وزن لها عند قتلة «الأقرباء»

  • 2/28/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

"تكفى" هذه المفردة التي تهز مشاعر الرجال وتلامس شهامتهم، صدمت المجتمع السعودي عندما كررها ضحيتان من ضحايا الإرهاب الغاشم لقاتليهم لكنها لم تجد نفعا أمام فكرهم المنحرف حتى لو كانت صادرة من ذوي القربى. فكانت جريمة قتل رجل أمن في القصيم، على يد اثنين من أقربائه المنتميين إلى "داعش"، خير شاهد على انعدام إنسانيتهم معيدة للأذهان قضية مقتل جندي على يد ابن عمه في حائل، تلك القضية التي استفزت الرأي العام السعودي في أول أيام عيد الأضحى المبارك، الجريمتان فضلا عن كونهما استهدافا لرجال الأمن في الصميم، إلا أنهما جمعتا من الموبقات ما لم يعهده المجتمع السعودي من قطع للأرحام وغدر للمعاهد فكيف بالقريب المستغيث. وهنا يسترجع السعوديون في مجالسهم كتب التاريخ ليعيدوا قراءة نماذج مشابهة ظهرت في التاريخ الإسلامي منذ نشوء حركة الخوارج الذين أفسدوا في حركة التطور وأعادوا المسلمين إلى ما يشبه التحذير النبوي من مفهوم الجاهلية في ضرب الرقاب لأفراد الأمة بعضها بعضا. جماعة داعش المعاصرة في مفهومها وشكل جرائمها تشبه إلى حد كبير تلك الفرقة التي انتشرت في أواسط التاريخ الإسلامي إبان العهد الفاطمي وهي الفرقة المعروفة تاريخيا باسم "الحشاشين" وهي طائفة إسماعيلية (عبيدية) فاطمية نزارية مشرقية، انشقت عن الفاطميين لتدعو إلى إمامة نزار بن المستنصر بالله ومن جاء مِن نسله. الحشاشون فرقة أسسها الحسن بن الصباح الذي اتخذ من قلعة الموت في فارس مركزًا لنشر دعوته وترسيخ أركان دولته، وقد تميزت هذه الفرقة باحتراف القتل والاغتيال لأهداف سياسية ودينية متعصبة، وكلمة الحشاشين: Assassin دخلت بأشكال مختلفة في الاستخدام الأوروبي بمعنى القتل خلسة أو غدراً أو بمعنى القاتل المحترف المأجور، ونشأت الدعوة الإسماعيلية النزارية بصورة خاصة في المشرق الإسلامي، وكان أنصارها يعرفون كذلك بالباطنية والحشيشية أو الحشاشين. الحسن بن الصباح الملقب بالسيد أو شيخ الجبل هو مؤسس ما يعرف بالدعوة الجديدة أو الطائفة الإسماعيلية النزارية المشرقية أو الباطنية أو الحشاشين، وهو رجل فارسي ولد في مدينة قم (وهي مدينة إيرانية حاليا تعد عاصمة للمذهب الاثنى عشري) وكان ابن الصباح شيعيا اثنى عشريا ويدعي البعض أنه من أصل حميري قحطاني عربي ثم انتقل مع عائلته وهو طفل صغير إلى مدينة الري وهي من المراكز التي كان ينتشر فيها دعاة الإسماعيلية والري بالقرب من مدينة طهران الحالية، ويقول برنارد لويس في كتابه الحشاشون فرقه ثورية في تاريخ الإسلام. وهناك قصة تحاول أن تفسر رحيل حسن بن الصباح إلى مصر حكاها عدد من المؤلفين الفرس وانتقلت إلى القراء الأوربيين عن طريق المقدمة التي كتبها إدوارد فيتزجرالد لترجمته لرباعيات الخيام تقول هذه القصة تقول "إن حسن الصباح والشاعر عمر الخيام والوزير نظام الملك كانوا زملاء دراسة لأستاذ واحد, وتعاهد ثلاثتهم على أن أي واحد منهم يحقق قبل زميله نجاحا أو ثراء في هذا العالم عليه أن يساعد الآخرين ومرت الأيام وأصبح نظام الملك وزيرا للسلطان, فتقدم منه زميلاه طالبين أن يبر بما تعاهدوا عليه وعرض نظام الملك على كل منهما ولاية أحد الأقاليم ولكنهما رفضا وإن كان رفضهما لسببين مختلفين فأما عمر الخيام فقد كره مسؤوليات الإدارة وفضل الحصول على معاش يتيح له التمتع بمباهج الفراغ, وأما حسن فقد رفض أن يقنع بمنصب إقليمي وأصر على الحصول على منصب كبير في البلاط وإذ تحققت رغبته لم يلبث أن أصبح مرشحا للوزارة ومنافسا خطيرا لنظام الملك نفسه ولذا فقد تآمر عليه الوزير واستطاع بخدعة أن يلحق به خزيا في عين السلطان وشعر حسن بالعار والغضب ففر إلى مصر ليعد العدة للانتقام. ومع هذا السرد التاريخي المختصر يمكن القول إن الجريمة التي تبدو ذات بعد واحد هي تأخذ أبعادا مختلفة يفسرها غالبا الطمع في المناصب والسلطة حتى لو أسبغ الطامع على مطامعه مسميات نبيلة ليقلل من أثر جريمته ومن غدر وسيلته ومن قطع رحمه.

مشاركة :