أعلنت السلطات الفرنسية، اليوم الأحد، اعتقال العشرات على خلفية أعمال الشغب في البلاد، في حين تراجعت وتيرة الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين. وبحسب وزارة الداخلية الفرنسية، أوقِف 322 شخصاً في فرنسا، بينهم 126 في باريس وضاحيتها القريبة. وأفيد بتسجيل حوادث في الشانزليزيه في باريس، وفي مرسيليا (جنوب) حيث أوقِف 56 شخصاً، وفي ليون (وسط شرق) حيث أوقِف 21 شخصاً، استناداً إلى حصيلة موقتة. وتراجعت حدة أعمال الشغب في فرنسا الليلة الماضية في الوقت الذي نشرت فيه الشرطة عشرات الألاف من أفرادها في مدن بأنحاء البلاد بعد تشييع جثمان شاب تعود أصوله لمنطقة شمال أفريقيا قتل برصاص الشرطة، مما أشعل فتيل اضطرابات بأنحاء البلاد. وأرجأ الرئيس إيمانويل ماكرون زيارة دولة كانت مقررة إلى ألمانيا اليوم الأحد، للتصدي لأسوأ أزمة تواجه حكمه منذ احتجاجات "السترات الصفراء" التي أصابت فرنسا بالشلل في أواخر عام 2018. ونزل نحو 45 ألف شرطي إلى الشوارع مع وحدات النخبة المتخصصة وعربات مدرعة وطائرات هليكوبتر لتعزيز الأمن في أكبر ثلاث مدن وهي باريس وليون ومارسيليا. وصباح اليوم الأحد، كان الوضع أكثر هدوءاً من الليالي الأربع السابقة على الرغم من وجود بعض التوتر في وسط باريس واشتباكات متفرقة في مدن مرسيليا ونيس وستراسبورغ. وكانت النقطة الأكثر سخونة في مرسيليا حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مثيري شغب، وخاضت اشتباكات مع شبان في محيط وسط المدينة في ساعة متأخرة من الليل. وفي باريس كثفت الشرطة وجودها الأمني في شارع الشانزليزيه المشهور بعد دعوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتجمع هناك. وعرضت محطات تلفزيونية لقطات لواجهات متاجر مغطاة بألواح لمنع الضرر المحتمل. وقالت وزارة الداخلية الفرنسية على تويتر إن الشرطة ألقت القبض على 1311 شخصاً ليل الجمعة مقابل 875 في الليلة السابقة، في أحداث عنف وصفتها بأنها كانت "أقل حدة". وقالت الشرطة إن نحو 200 شخص اعتقلوا في أنحاء البلاد أمس السبت. وأعلنت السلطات المحلية في أنحاء البلاد فرض حظر على المظاهرات وأمرت بوقف عمل وسائل النقل العام في المساء. وستزيد الاضطرابات الضغط السياسي على الرئيس ماكرون إذ تمثل ضربة لصورة فرنسا على الصعيد العالمي قبل عام واحد من استضافة الألعاب الأولمبية. وواجه ماكرون بالفعل شهوراً من الغضب ومظاهرات اتسمت بالعنف في بعض الأحيان في جميع أنحاء البلاد بسبب التعديلات التي أدخلت على قانون التقاعد. وقُتل نائل م. (17 عاماً)، وهو من أصل جزائري-مغربي، يوم الثلاثاء برصاص شرطي خلال عمليات تفتيش عند إشارة مرورية بضاحية نانتير. واصطف عدة مئات لدخول مسجد نانتير الكبير الذي كان يحرسه متطوعون يرتدون سترات صفراء بينما تابع المشهد بضع عشرات من المارة من الجانب الآخر من الشارع. كما اصطف عدد من المشيعين في الشارع لأداء صلاة الجنازة وبدأ البعض بالتكبير لدى اصطفافهم للصلاة. وقالت ماري (60 عاماً) إنها عاشت في ضاحية نانتير لمدة 50 عاماً وإن المشكلات مع الشرطة هناك دائمة. وأضافت "يجب أن يتوقف ذلك تماماً. الحكومة منفصلة تماماً عن واقعنا". وأذكت وفاة الشاب، التي رصدتها إحدى الكاميرات، شكاوى قديمة من المناطق الحضرية التي يقطنها أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية. وقال شاب طلب عدم نشر اسمه: "إذا كان لون بشرتك غير مناسب، فإن الشرطة ستكون أكثر خطورة عليك"، مضيفاً أنه كان من أصدقاء نائل. وقال ممثل الادعاء في نانتير يوم الخميس إن نائل كان معروفاً للشرطة إذ رفض في السابق الامتثال لأوامر الإيقاف عند نقطة تفتيش كما أنه كان يقود سيارة مستأجرة بشكل غير قانوني. ونفى ماكرون وجود عنصرية منهجية في أجهزة إنفاذ القانون الفرنسية. وأضرم مثيرو الشغب النار في ألفي سيارة منذ اندلاع الاضطرابات. وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانان إن أكثر من 200 فرد من الشرطة أصيبوا بجروح وإن متوسط أعمار من ألقي القبض عليهم هو 17 عاماً. وقال وزير العدل إريك دوبون موريتي إن 30 بالمئة من الذين ألقي القبض عليهم لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً. وقال وزير المالية برونو لو مير إن أكثر من 700 متجر ومطعم وفرع بنكي تعرضت "للنهب والسرقة وأحياناً للحرق حتى دُمرت تماماً منذ يوم الثلاثاء". وفي ليون، ثالث كبرى المدن الفرنسية، نشرت قوات الأمن ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر، كما طلب رئيس البلدية تعزيزات. وصدر مرسوم أمس السبت يمنح شرطة باريس الحق في نشر طائرات مسيرة في بعض ضواحي العاصمة.
مشاركة :