الصين تتجنب التعديلات الجذرية في بنك الشعب وترفع شعار الاستمرارية فوق التغيير

  • 7/3/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ترسل ترقية الرئيس الصيني شي جين بينغ لشخصية تكنوقراط خدمت لمدة طويلة، لتصبح على رأس قيادة البنك المركزي في الحزب الشيوعي، برسالة مفادها أن صانعي السياسة سيتجنبون أي تحوّلات جذرية في الوقت الحالي، فيما يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم تحدياً لاستعادة زخمه. يشير تعيين بان قونغ شنغ أمس السبت كرئيس للحزب في بنك الشعب الصيني إلى أن البنك سيواصل المسار نفسه، بما يتفق مع نهجه الأخير المتمثل في خفض أسعار الفائدة بشكل طفيف فقط، وتشجيع البنوك على إقراض المزيد من القطاعات المستهدفة. يأتي ذلك في الوقت الذي واجهت فيه الحكومة دعوات لمزيد من التحفيز في الأسابيع الأخيرة حيث لا تزال البيانات تظهر أن الاقتصاد يفقد قوته. قال كريستوفر بيدور، نائب مدير أبحاث الصين في شركة "غافيكال دراغونوميكس" (Gavekal Dragonomics): "من الواضح تماماً أن القيادة تفضّل الاستمرارية مع هذا الاختيار بالذات. القيادة وبنك الشعب الصيني يدركان تماماً أن "بان" هو شخصية ذات قدر ويحظى باحترام كبير من قبل المستثمرين المحليين والعالميين، وقد استفادا أحياناً من هذه الحقيقة". يمتلك "بان"، صاحب الـ59 عاماً، سيرة ذاتية حافلة بالمناصب العليا في البنوك التجارية الصينية ومهام بحثية في هارفرد وكامبريدج، إذ تم تكليفه للمساعدة في توجيه اقتصاد الصين للخروج من ركود ما بعد "كوفيد" مع تصاعد المخاوف بشأن الضعف المستمر في مجالات، مثل الإنفاق الاستهلاكي والعقار. مع ذلك، يترك تعيينه أسئلة رئيسية دون إجابة حول دور بنك الشعب الصيني في مرحلة يجري فيها "شي" تعديلات في المناصب العليا التي تشرف على النظام المالي. لم يتمكّن "بان" من الانضمام إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي خلال التعديلات التي أُجريت في قيادته مرتين كل عقد العام الماضي، وهي مكانة احتفظ بها سلفه "قوه شوكينغ" في البنك المركزي. تداول القيادة تقاعد "شوكينغ" أمس السبت من منصبه في الحزب، بينما تخلى محافظ بنك الشعب الصيني الحالي "يي غانغ" عن منصبه كنائب لرئيس الحزب في البنك. كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد ذكرت في وقت سابق أن "بان" سيتولى منصب المحافظ، والذي تنفرد الحكومة بالتعيين فيه، وهو الأمر الذي سيشهد عودة البنك المركزي إلى سابق عهده في العقود الأخيرة من خلال شغل كلا المنصبين الرفيعين من قبل شخص واحد. قال آدم وولف، الخبير الاقتصادي في الأسواق الناشئة بشركة "أبسليوت استراتيجي ريسيرش (Absolute Strategy Research Ltd): "مكانة "بان" الضعيفة نسبياً داخل الحزب يمكن أن تؤدي إلى تأثير أقل لبنك الشعب الصيني، فيما يتعلق باتخاذ قرارات اقتصادية على أعلى المستويات. لذلك ليس من الواضح مدى أهمية عدم انضمامه إلى اللجنة المركزية". على عكس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية في أوروبا، فإن بنك الشعب الصيني ليس مستقلاً. فهو مسؤول أمام مجلس الدولة (مجلس الوزراء الصيني) ويرأسه لي تشيانغ، ويحتاج البنك إلى الموافقة قبل اتخاذ قرارات رئيسية بشأن السياسة النقدية، مثل تحديد أسعار الفائدة أو إدارة العملة. قال "هوي فينغ"، المؤلف المشارك لكتاب "صعود بنك الشعب الصيني" (The Rise of the People"s Bank of China) ومحاضر أول في جامعة "غريفيث" بأستراليا: "من غير المرجّح أن يضطلع البنك بأي دور قيادي رئيسي في صنع القرار بشأن الاقتصاد الكلي تحت ولاية "شي" الثالثة، وسيصبح دوره أكثر اتساماً بالطابع الاستشاري الفني". العملة والعقارات من أول التحديات التي يواجهها "بان" هو أحدث مجال خبرة له- اليوان. فبالإضافة إلى توليه منصب نائب محافظ البنك المركزي منذ عام 2012، أصبح "بان" رئيس الهيئة المسؤولة عن تنظيم النقد الأجنبي في الصين في عام 2016، وأشرف على احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية البالغة 3 تريليونات دولار. تحت قيادة "يي"، حوّل بنك الشعب الصيني سعر الفائدة لديه إلى نظام أكثر اعتماداً على السوق، كما توقف عن التدخل رسمياً في العملة على الرغم من أنه لا يزال لديه العديد من الأدوات تحت تصرفه. تعهّد البنك المركزي يوم الجمعة الماضي بتكثيف الجهود لتحقيق استقرار اليوان بعد أن اقترب من أدنى مستوى في 15 عاماً. شأنه شأن معظم البيروقراطيين الصينيين، عادة ما يلتزم "بان" بالنص الرسمي عندما يكون في دائرة الضوء. جاءت إحدى تصريحاته الأكثر حيوية في عام 2017، في خضم حملة بكين على العملات المشفرة. وفقاً لوسائل إعلام محلية، صرح في إحدى الفعاليات، قائلاً: "إذا جلست بجوار النهر وشاهدت، يوماً ما ستطفو جثة بتكوين أمامك". حواجز حماية على العقارات الصينية بصفته نائب محافظ بنك الشعب الصيني، كان "بان" هو الشخص الرئيسي المسؤول عن إدارة فرض حواجز الحماية على سوق العقارات الصينية التي كانت تشهد طفرة في السابق. في عام 2020، كان له الفضل في تقديم ما يُسمى بسياسة الخطوط الحمراء الثلاثة، وهي مجموعة من التدابير التنظيمية التي استهدفت السيطرة على شركات التطوير العقاري المثقلة بالديون، مثل "تشاينا إيفر غراند غروب" (China Evergrande Group). وقد تبيّن أن الانتعاش الذي شهده القطاع بعد "كوفيد" هذا العام قصير الأمد، حيث تدرس السلطات تدابير تحفيزية مثل خفض تكاليف الرهون العقارية المستحقة. قبل انضمامه إلى بنك الشعب الصيني، تولى "بان" مسؤولية الطروحات العامة الأولية لبعض أكبر البنوك المملوكة للدولة في الصين، بما في ذلك البنك الزراعي الصيني المحدودة. عمليات إعادة الهيكلة الأخيرة للأجهزة المسؤولة عن التنظيم المالي تعني أن بنك الشعب الصيني سيركّز على الأرجح على المزيد من المهام المتعلقة بالسياسة النقدية والاستقرار المالي، حيث تتولى الجهة التنظيمية الجديدة عدداً من المهام، مثل الإشراف على الشركات المالية القابضة. قال بيدور من "غافيكال دراغونوميكس" (Gavekal Dragonomics): "فيما يتعلق بتوقع إعادة توحيد أدوار المحافظ وأمين الحزب مع "بان"، ليس من الواضح تماماً بعد مدى أهمية ذلك مع الإعداد المؤسسي الجديد. إنها بيئة تشغيل جديدة تماماً حالياً بالنسبة إلى بنك الشعب الصيني".

مشاركة :