بذهول واضح على محياهم، يسأل الحجاج غير حديثي العهد بعروس البحر الأحمر جدة وبقبلة الأرض مكة المكرمة عن أحياء شعبية بأزقة ملتوية، وعن شوارع ضيقة تفوح منها العشوائية، وهم يحاولون استرجاع ذكريات لرحلات قديمة لهم لأداء الحج، في تلك الأحياء القديمة المغلفة بالضيق والفوضى وعدم التنظيم واستغلال مساحاتها وهي في مناطق حيوية. "ما يحدث في مكة وجدة من إزالة لأحياء غارقة في العشوائية لم يحدث في أي مدينة في العالم" هكذا بادرنا محمود صليحي" حاج مصري، الذي قدم للحج بعد 15 عاماً من الانقطاع عن مكة المكرمة وجدة وأضاف: لم أعد أعرف أسواق وأحياء وطرقات ومساكن بفعل التغيير الجذري وقال: أكيد أن التطوير سينقل جدة ومكة المكرمة إلى مستوى المدن العالمية. وفي منطقة "الكدوة" بمكة المكرمة والتي تحوّلت إلى سفوح نظيفة من حي عشوائية بأزقة ضيقة لا تدخل سيارات الخدمات بعد إزالة 2800 عقار بمساحة 680 ألف كم2 والتي تبعد عن الحرم المكي بـ500 متر، فقط تحوّلت المنطقة لمزار لكثير من الحجاج وهم يشاهدون حجم المساحة التي تم تحريرها من عشوائيات السكن غير المنظم. ويظل حي "النكاسة" الذي يقع على قارعة الطريق الدائري الثالث بمكة المكرمة في اتجاه المشاعر المقدسة محور حديث الحجاج وهم يشاهدون مساحات كبيرة من المباني الشعبية بالطوب الأحمر والصفيح قد أزيلت تماماً بعد إزالة 1417 عقاراً تسكنها 46 عائلة سعودية فقط، في حين يسكنها أكثر من 30 ألف من الفئات غير السعودية، ولعل من بين المشاهدات المذهلة في ملف إزالة الأحياء العشوائية التي لفتت انتباه الحجاج إزالة 5000 عقار لصالح طريق الملك عبدالعزيز في شارع المنصور حيث يرى صبري دوخي "حاج مصري" أن المشروع أشبه ما يكون بمعجزة بشرية حولت أحياء متداخلة ببيوت شعبية متلاصقة إلى طريق عصري بأبراج فاخرة ووسائل نقل عصرية عبارة عن مترو أرضي. صورة المشاريع الفاخرة للطرق والمجمعات الفندقية المزمع تنفيذها والتي تزين السياج الثابت الملتف حول مناطق العمل دفعت الحجاج إلى التقاط الصور لجماليتها على أمل أن يزوروا أم القرى وجدة بعد عدة سنوات وهم يفخرون بمدن عالمية تحتضن أقدس الأماكن المقدسة للمسلمين.