تعرضت فرنسا لخسائر مادية فادحة؛ نتيجة اجتياح المظاهرات وأعمال العنف أنحاء البلاد لعدة أيام متتالية، احتجاجاً على مقتل الفتى نائل مرزوقي ذي الأصول الجزائرية بنيران شرطي، عقاباً على عدم امتثاله لفحص مروري، وقد دفع كبر حجم الخسائر وحدة أعمال العنف، التي شهدت حرق ممتلكات ونهب وتخريب إلى التساؤل عن الأسباب، التي أدت إلى وصول ردود الفعل على مقتل "مرزوقي" إلى هذه المستويات المرتفعة من ممارسة العنف واتساع نطاقه إلى كل المدن الفرنسية. وفي الإجابة عن التساؤل، خلص مراسل صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية للشؤون الأوروبية بين هيل، إلى أن الاحتجاجات الأخيرة تظهر أن الأحياء الفقيرة والمختلطة عرقياً في فرنسا لا تزال على برميل بارود، وأن مشاعر سكانها تعاني الشعور بالظلم والتمييز العنصري وإهمال الحكومة لهم. وأشار "هيل" إلى سبب آخر ألقى خلاله بعض الخبراء باللوم في قتل "مرزوقي" على قانون صدر في عام 2017، يمنح الشرطة مزيداً من الصلاحيات لإطلاق النار على سيارة إذا رفض ركابها الامتثال لأمر الشرطة، وعرضوا حياة عناصر إنفاذ القانون للخطر. وأوضح أن الأدلة على أوجه قصور الشرطة وفيرة، فهناك الاستخدام المفرط للقوة أثناء الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وممارسة العنف العنصري، كما حدث عندما تعرض منتج موسيقى أسود لضرب وحشي في واقعة جرى توثيقها بمقطع مصور، وتوجه اتهامات للشرطة بعدم كفاءتها في حفظ النظام العام، بالإضافة إلى أن جهاز الشرطة يعاني من انهيار الثقة مع السكان المحليين، وهو الأمر الذي يمكن إصلاحه بإيجاد نوع من الشرطة الاجتماعية. وأورد "هيل" ما ذكره الخبراء أيضاً من أنه إذا كانت الشرطة الفرنسية، ضعيفة الموارد فإنها كذلك سيئة التدريب، ويُعد ذلك من مثالب ذلك الجهاز، التي يضاف إليها ارتفاع مستوى الدعم لليمين المتطرف بين الضباط بما يثير القلق بشكل كبير. ولفت إلى أن عدم التغاضي عن عنف الشرطة هو خطوة أولى ضرورية، وإن لم تكن كافية، نحو استعادة النظام العام، مشيراً في هذا الصدد إلى وصف الرئيس إيمانويل ماكرون إطلاق الشرطة النار على "مرزوقي"، بأنه أمر لا يغتفر ولا يمكن تفسيره، وإيقاف الضابط المتهم عن عمله، وذلك قبل اعتقال وتوجيه تهمة القتل العمد له. ورأى "هيل" أنه كلما طال استمرار أعمال الشغب، كان من الصعب على الحكومة مقاومة اتخاذ نهج أشد، وإذا انتشرت الاضطرابات، فإنها لن تساعد إلا اليمين المتطرف، الذي لديه الزخم السياسي ومصلحة كبيرة في استحضار شبح الاضطرابات المدنية.
مشاركة :