خرج منظمو ملتقى قراءة النص الـ 14، عن صمتهم بعد الانتقادات التي وجهت لهم من عدد من المثقفين، حيال ما وصفوه بابتعاد الملتقى عن الفكرة الرئيسة التي وجد من أجلها في تقديم قراءة تحليلية لحقبة الخطاب النقدي الحداثي، الذي ساد خلال فترة الثمانينات الميلادية. حيث كانت أبرز الملاحظات التي دارات نقاشات حولها في المشهد الثقافي بشأن الملتقى الذي نظمه أدبي جدة نهاية الأسبوع المنصرم، تتمثل في حالة "الإغراق التفصيلي"، في السردية التاريخية، أكثر من تقديم قراءة تاريخية متوازنة، فالأمر وفقاً لحسابات بعض المثقفين على مواقع التواصل، ما هو إلا أوراق تقدم على منصة، أكثر منها توضيح ملامح المشهد الثقافي، وتصورات البناء الفني لشكل الرواية والقصة والشعر. مقاربة سوسيو ثقافية ومن الملاحظات التي جاءت في سياق الملتقى شخصنة الحقبة في شخوص أدباء ونقاد، دون البحث في تصورات المرحلة ومعطياتها، والغرق الكبير في مسار الجدل الذي حدث مع التيار المحافظ، الذي رأى في خطاب الحداثة فكراً لا يتماشى مع المعتقدات. التقرير الختامي الصادر عن أمانة الملتقى، والذي حصلت "الوطن" على نسخة منه، كان بمثابة رد غير مباشر على المنتقدين، ومما جاء في بعض فقراته أن أهميته تكمن في أنه قدم جوانب كثيرة من ملامح تلك التجربة، ولكن ضمن مسار القراءة الهادئة، وبخاصة بعد مرور27 عاما على تلك الحقبة، إضافة إلى أن الجلسات خاضت بشكل مباشر في سياق عمليات التحديث والتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي صاحبت تحولات المرحلة الفكرية والأدبية، كمقاربة "سوسيو ثقافية". الملتقى حمل عنوان "الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية ما بين 1400 - 1410: قراءة وتقويم"، وقدمت فيه 32 ورقة بحثية حكمتها لجنة علمية متخصصة، ما يعني قراءة تلك المرحلة من جوانب مختلفة، تناول حقبة الخطاب النقدي الحداثي، وهذا بدا واضحاً من خلال 6 جلسات. توصيات الملتقى أضاف الغامدي من يقرأ التوصيات التي خرجت باسم الملتقى، يستطيع أن يقرأ أن الأمر يحتاج إلى قراءة أعمق، وهو ما جاء من خلال 4 مقترحات هي: تبني إعادة قراءة مراحل الحركة الأدبية بالمملكة في عقودها المتلاحقة، تبني مشروع يؤرخ لمرحلة الثمانينات، تنطلق مما انتهت إليه أوراق الباحثين، وذلك ضمن مشروع "تأريخ الحركة الأدبية في المملكة"، وإعادة طباعة الإنتاج الأدبي النقدي، وجمع ما لم يجمع منه مما هو في أوعية المصادر ونشره، وحث الجامعات على الاهتمام البحثي بما يشغل قضايا الأدب السعودي. 8 محاور رئيسية حددتها أمانة الملتقى، تمثلت في: مداخل ورؤى نظرية إلى الحركة الأدبية في المرحلة المدروسة، وعلاقة الحركة بحركة التأسيس والتحديث الثقافي بالمملكة، وعلاقة الحركة بالتنمية الثقافية والاجتماعية في المملكة، وعلاقة الحركة بالحركات الثقافية في العالم العربي، وكتب إبداعية ونقدية مؤسسة للحركة، وشخصيات إبداعية ونقدية مؤثرة في الحركة الأدبية، ومؤسسات إعلامية وأدبية مؤثرة، والمحور الأخير تمثل في الظواهر والقضايا الإبداعية والنقدية. قراءة تحليلية أمر آخر جاء على لسان أمين عام الملتقى الدكتور ربيع الغامدي الذي أكد لـ"الوطن" أن الذين ركزوا على جانب واحد، يريدون تفصيل أحداث تلك المرحلة، في ملتقى صمم ليومين فقط، وهذا أمر غير مقنع، لكن ما قدمه النادي قراءة شاملة لجميع جوانب تلك المرحلة، لمعرفة من أين سيبدأ تدوين أو توثيق تلك المرحلة في المشهد الثقافي والأدبي المحلي، لذا - والحديث للغامدي- حاولنا بقدر الإمكان التنويع في طبيعة الحضور والأشخاص الذين ينتمون لتيارات ثقافية مختلفة. تنوع الأوراق بحسب التقرير الصادر عن الملتقى يمكن القول إن المعالجات التي عرضت من خلال مقدمي الأوراق، كانت تحمل صفة العمق في جوانب كثيرة، وهو ما قابله جانب من النقاشات والانتقادات البناءة في بعض التفاصيل. ومما جاء في سياق التقرير أيضاً أن ملتقى قراءة النص أعطى الأمر أهمية، من خلال التركيز على المسارات المتنوعة التي خاض من خلالها الباحثين والباحثات للموضوع الرئيس، برؤى مختلفة امتازت بها كل ورقة عن الأخرى، وبخاصة تلك الغضافات التي تتعلق بمسألة تجذير هوية تلك الحقبة من الزاوية الفكرية العميقة، التي أخدت شكلا صراعيا وجدلا له أبعاد دينية ومجتمعية. وراهن منظمو الملتقى على الجيل الجديد من الأدباء والأديبات السعوديين، الذين حضروا بكثافة جلسات الملتقى، ومعرفتهم بفصول تلك المرحلة بوجهات نظر مختلفة، واستماعهم لشهودها المحاضرين بأوراقهم البحثية، ما يعني حصولهم على جرعات مهمة لأهم مكون في التاريخ الثقافي والأدبي المحلي، للحصول على الإجابة المهمة التي تعمقوا فيها: ماذا حصل؟ وماذا جرى؟ بعيداً عن التباس التعبئة الإيديولوجية.
مشاركة :