لا شيء يختفي أو ينسى!

  • 7/5/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ذات يوم سألت صديقاً شاعراً: أين يذهب كل هذا الحب وكل تلك الصداقات والذكريات والمواقف والحكايات والأحاديث والفرح والضجيج الذي عشنا خلاله أجمل التجارب؟ أين تختفي تلك القصص التي ملأت حياتنا لسنوات؟ كيف نتركها خلفنا هكذا ونمضي؟ كيف تنتهي؟ كيف تختفي؟ هل هي من يقرر أن يذهب إلى النسيان أم نحن الذين نقرر أن ننهيها لأي سبب كان، منطقي أو غير ذلك؟ وما معنى النسيان؟ أين يقع هذا النسيان بالضبط؟ هل يمكن أن يعود الذين يذهبون إليه أم أنه كالعدم الذي لا يعود منه أحد؟ يقول لي الصديق: لا شيء يذهب، لا شيء يختفي أو ينسى أو يتم إعدامه في محرقة العدم، فكل ما عشناه صار يتزاحم في أرواحنا ويدور فيها كأجرام سماوية، كالرفاق الذين صحبونا في رحلة الحياة، هل يختفي الرفاق حتى وإن تسللوا من ثقوب الوقت والأيام، هل يتساقطون من ثقوب الذاكرة؟ كأهلنا، وزملائنا، كالجيران والأصدقاء، كتوجهاتنا، وكقناعاتنا التي نؤمن بها والتي راكمناها ونحن نؤسس أفكارنا، وكالكتب التي قرأناها والمنازل التي سكناها والمدن التي زرناها، وككل شيء عبرناه وعبرنا، هل يختفي وينسى كأنه لم يكن؟ إن ما يختفي ويسقط تماماً هو ما نقرر نحن أن ننساه ونمحوه (إن استطعنا) لأنه تسبب في إيلامنا، لذلك نحن لا نخفي الشخص أو الحدث بقدر ما نخفي الجرح لنتجاوز الألم وما يذكر به لنحمي أنفسنا، لأننا لا نريد أن نواجه أنفسنا بأننا أسأنا الاختيار، وبأننا لم نكن نستحق ذلك الوجع غير المبرر؟ وحتى هذه المحاولة قد تنتهي بالفشل، فقد لا ننجح في نسيان هذا الألم وأولئك الذين آلمونا! قال لي: نحن نعبر الحياة بكل تلك الحمولة لأن حكمة ومتعة الحياة في النهاية تكمن في خلاصة التجربة، تماماً كالرحلة الأسطورية لجزيرة (إيثاكا) الأسطورية التي تنتظر القادمين بكل حمولتهم ليعيشوا متعة العيش مع كل ما حظوا به وهم يتنقلون ويتجولون في كل موانئ الدنيا قبل وصولهم إليها! طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :