تواصل إسرائيل لليوم الثاني على التوالي عمليتها العسكرية الأكبر منذ عام 2022 في مدينة ومخيم جنين للاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية. وقال متحدث عسكري للإذاعة العبرية العامة إن الجيش الإسرائيلي "شن جهودا مكثفة لمكافحة الإرهاب في مدينة جنين ومخيمها وشن غارات جوية على البنية التحتية للإرهاب". وداهم المئات من الجنود الإسرائيليين المدعومين بطائرات مسيرة مدينة ومخيم جنين فجر أمس (الاثنين) بعد وقت قصير من انتهاء جلسة مشاورات أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع قادة الأجهزة الأمنية لمناقشة الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية. وقال المتحدث العام للجيش الإسرائيلي دانيال هغاري في إحاطة للصحفيين إن الجيش "نفذ ما لا يقل عن عشر غارات جوية في جنين وتم اعتقال واستجواب 120 مشتبها بهم". وأضاف "ما من نقطة في مخيم جنين للاجئين لم نصل إليها بعد، مشيرا إلى أن العملية جاءت لأن حوالي 50 هجوما انطلق من جنين منذ العام الماضي"، فيما لم يعلق على المدة التي ستستغرقها العملية. إلا أن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي ألمح في وقت سابق من اليوم إلى قرب انتهاء العملية العسكرية على جنين. وقال هنغبي في تصريحات للإذاعة العبرية العامة إن العملية العسكرية في جنين تقترب من تحقيق أهدافها. من جهته قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن القوات قامت "بتحييد مسار إرهابي تحت الأرض كان يستخدم لتخزين عبوات ناسفة في مخيم جنين"، بالإضافة لذلك، قامت القوات "بتحديد موقع غرفتي عمليات ميدانية مملوكة لمسلحين وفككتهما، ودمرت قاذفة قنابل يدوية وصادرت أسلحة ومعدات عسكرية". كما أعلن الجيش يوم أمس العثور على مختبر متفجرات يحتوي على مئات العبوات الناسفة جاهزة للاستخدام بما فيها عبوات أرضية شديدة الانفجار وبؤرة لتخزين الأسلحة. وأسفرت العملية التي شارك فيها حوالي 1000 جندي إسرائيل عن مقتل عشرة فلسطينيين وإصابة أكثر من 100 آخرين، وفقا لمصادر طبية فلسطينية رسمية. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه أجرى تقييما عبر الهاتف حول الوضع الأمني ويتلقى التقييم حول أنشطة القوات في جنين ولمحة عن الوضع الاستخباراتي. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، يعيش ما بين 15 إلى 20 ألف شخص في مخيم جنين للاجئين الذي تبلغ مساحته أقل من نصف كيلومتر مربع. ومن جانبه قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري للصحفيين إن السكان قرروا "بمحض إرادتهم ترك منازلهم في المخيم، وأن سلطات الجيش سمحت لهم بذلك". وأضاف أن الجيش لم يفرض طوقا على المدينة حتى يتمكن العمال من الخروج منها، مشيرا إلى أن جزءا من البنى التحتية المياه والكهرباء انهارت في جنين بسبب الاقتتال. إلا أن منظمة أطباء بلا حدود ومقرها جنيف أفادت أن الجرافات العسكرية دمرت الطرق المؤدية إلى مخيم اللاجئين، مما أعاق سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى. وكتبت المجموعة على تويتر كل الطرق المؤدية إلى المخيم (جنين) مغلقة ولا تستطيع سيارات الإسعاف نقل المرضى الذين هم بحاجة لرعاية صحية. كما أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية أنه "بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، فإن معظم سكان المخيم يفتقرون حاليا إلى مياه الشرب والكهرباء". وكتب آدم بولقوس، مدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في الضفة الغربية، على تويتر "إن وصول المساعدات الإنسانية هو الأكثر إلحاحًا الآن". وسيطرت إسرائيل على الضفة الغربية إلى جانب القدس الشرقية وقطاع غزة، في حرب عام 1967 وحافظت على سيطرتها على هذه الأراضي التي يرغب الفلسطينيون في إقامة دولتهم المستقبلية عليها، على الرغم من الانتقادات الدولية. ويعتبر مخيم جنين الذي تأسس عام 1953 بؤرة صراع ساخنة بين إسرائيل والفلسطينيين، حيث شن الجيش الإسرائيلي في إبريل 2002 عملية "السور الواقي" على المخيم واستمرت لمدة عشرة أيام وأسفرت عن مقتل 52 فلسطينيا و23 جندي إسرائيلي وفقا لتقارير الأمم المتحدة. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جنين بأنها أصبحت "ملاذا للإرهاب". وقال نتنياهو في ختام جلسة تقييم للوضع مع قادة المؤسسة الأمنية وفقا لبيان صادر عن مكتبه أمس في الأشهر الأخيرة أصبحت جنين ملاذا للإرهاب ونحن نضع حدا لذلك. وأضاف أن العملية في جنين تعزز قدرة الردع للحماية من العمليات ولتغيير المعادلة. وبالتزامن مع استمرار العملية العسكرية في جنين، أصيب عشرة إسرائيليين بينهم ثلاثة بجروح خطيرة في عملية دهس في مدينة تل أبيب الساحلية وسط إسرائيل. وفي أعقاب العملية، زار رئيس الوزراء نتنياهو موقع سالم العسكري بالقرب من مدينة جنين، وقال للصحفيين "كان هناك اليوم اعتداء إجرامي في تل أبيب، ولولا تدخل مواطن مسلح لكان من الممكن أن يودي هذا الهجوم بحياة الكثيرين". وأضاف من يتوقع أن هذا الهجوم سيردعنا عن مواصلة حربنا ضد الإرهاب فهو مخطئ، موضحا أن العملية الواسعة في جنين لن تكون لمرة واحدة، مشددا على أن إسرائيل لن تسمح لجنين بالعودة إلى كونها ملجأ للإرهاب، وسنقضي على الإرهاب أينما كان. ويسود توترا بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين في الضفة الغربية خاصة مدينتي جنين ونابلس، حيث قتل أكثر من 180 فلسطينيا برصاص إسرائيلي، فيما قتل 24 شخصا في إسرائيل بهجمات نفذها فلسطينيون منذ بداية العام الجاري.
مشاركة :