تجددت التحذيرات الأممية من تدهور الوضع الإنساني في إقليم دارفور بسبب تصاعد العنف، فيما دعت الأمم المتحدة طرفي الأزمة في السودان إلى ضمان سلامة المدنيين. وحذرت لجنة الإنقاذ الدولية من تزايد العنف في إقليم دارفور، مشيرةً إلى فرار 36 ألف شخص من المنطقة إلى تشاد خلال الأسبوعين الماضيين. وقال مدير قسم الطوارئ بـ«لجنة الإنقاذ الدولية» مويتي مونغانيا: «ما عقد الوضع، تصاعد الصراعات العرقية في السودان، ما أثار مخاوف من احتمال ظهور موجات أخرى من اللاجئين». وفي سياق متصل، أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن بالغ قلقها من التقارير المتلاحقة التي تفيد بأن المدنيين في السودان، بمن فيهم النازحون، واللاجئون المحاصرون وسط الأزمة، أصبحوا ضحايا للقتال من دون تمييز. وقالت المفوضية في بيان صحافي: «تأكد مقتل 28 لاجئاً يستضيفهم السودان»، في الخرطوم في 25 يونيو الماضي. وأعربت المفوضية عن صدمتها وتعازيها للعائلات المنكوبة، مضيفة أنها تعمل على تتبع الأقارب والضحايا، وتوفر الدعم النفسي الاجتماعي وغيره من مظاهر الدعم. وأشار البيان إلى أنه «رغم الدعوات التي لا تحصى للأطراف كافة لحماية غير المقاتلين، إلا أن المدنيين الأبرياء، بمن فيهم اللاجئون يجبرون على الفرار من القتال وسط ظروف غاية في الخطورة، ويتعرضون للمضايقات والانتهاك والسرقة وممارسات إجرامية أخرى». وأشارت المفوضية إلى أن «هناك تقارير غير مؤكدة واردة من غرب دارفور، تفيد بأن الناس يُمنعون من مغادرة مدينة الجنينة التماساً للأمان، وكذلك من عبور الحدود إلى تشاد»، مشددة على أن «هذه الحوادث غير مقبولة وتؤكد التحديات الجمة التي يواجهها المدنيون الباحثون عن الأمن والأمان بعيداً عن مناطق الصراع». وأضافت المفوضية أنها «تراقب باستمرار وضع اللاجئين العالقين في الخرطوم، وتوفر استشارات للحماية عبر خطوط ساخنة، وتسعى جاهدة لمساعدتهم في التماس الأمان وإيجاد سبل للانتقال من مناطق الصراع متى سنحت الأوضاع». وتسببت الأزمة في السودان في نزوح ولجوء أكثر من 2.5 مليون شخص، وقبل اندلاع هذه الأزمة، كان يستضيف السودان 1.1 مليون لاجئ أغلبهم من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا. وقال المدير الإقليمي في المفوضية لمنطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي والبحيرات العظمى، مامادو ديان بالدي: «مرة أخرى، يقع اللاجئون ومدنيون آخرون ضحية لهذه الأزمة المأساوية»، ودعا طرفي الأزمة للسماح للمدنيين بحرية التنقل لأماكن أكثر أمناً، وضمان حمايتهم وسلامتهم واحترام حقوق الإنسان الأساسية. ومع اقتراب الأزمة من دخول شهرها الرابع، تتزايد العقبات التي تحول من دون إيصال المساعدات الإنسانية إلى ملايين المتضررين. وتتوزع هذه العراقيل، بين عقبات ناجمة عن نقص التمويل من جهة، وأخرى تتعلق بانعدام الأمن بسبب المواجهات من جهة أخرى، وذلك فضلاً عن مشكلات ترتبط بالقيود التي يفرضها طرفا الأزمة، على عمل الفرق التابعة للمنظمات الإنسانية، سواء من خلال تشديد إجراءات منح أفرادها تأشيرات الدخول، أو التباطؤ في إعطائهم التصاريح اللازمة لاضطلاعهم بمهامهم، أو استيراد الإمدادات والمستلزمات الضرورية. فمنذ بدء المعارك، لم تحصل الوكالات الإغاثية، سوى على عدد محدود من التأشيرات للسماح بدخول العاملين الأجانب فيها، وهو ما حال من دون استقدام بعض الخبراء المتخصصين في التعامل مع أزمات كتلك الناشبة في السودان حالياً، وفرض في الوقت نفسه ضغوطاً إضافية، على الموظفين المحليين، المتأثرين من الأصل بالأزمة. من جهة ثانية، وفي الوقت الذي تؤكد فيه الأمم المتحدة، أن هناك حاجة ماسة لجمع ما يزيد على ثلاثة مليارات دولار من الجهات الدولية المانحة، لتمويل عمليات الاستجابة الإنسانية، سواء في السودان أو في البلدان المجاورة التي استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين القادمين من هذا البلد، لم يلتزم المانحون حتى الآن، سوى بتقديم نصف هذا المبلغ. بجانب ذلك، تعاني المنظمات الإغاثية الدولية العاملة في السودان الأمريْن، لتوزيع المساعدات التي تمكنت من تدبيرها، على المتضررين من الأزمة الحالية، وذلك بفعل عدم وجود ممرات إنسانية آمنة تُسهِّل الوصول إلى المناطق التي تشهد المعارك الأكثر ضراوة، ما أجبر الكثيرين هناك، على الاعتماد على جيرانهم، وشبكات الدعم الإنساني المحلية. وأفضت كل هذه العوامل، التي تُضاف إليها عمليات النهب واسعة النطاق لمستودعات المنظمات الإنسانية الدولية ومقارها في المدن السودانية المختلفة، إلى ألا يتجاوز عدد من تلقوا الدعم الإغاثي منهم منذ اندلاع الأزمة، وفقاً لتقديرات كشف عنها خبراء لموقع «ذا نيو هيومانيتريان» الإلكتروني، ثلاثة ملايين شخص، من أصل 25 مليوناً يعانون تبعات الأزمة، وهو ما يشكل نصف سكان السودان. ويؤكد الخبراء أن الوضع الراهن، يُوجب أن تكرس الوكالات الإغاثية المختلفة، مزيداً من الجهود لتمكين المنظمات الإنسانية المحلية، من ممارسة دورها، في توفير الإمدادات الضرورية للسودانيين، باعتبار أنها تتمتع بقدرة أكبر على الوصول إلى المتضررين، ممن يفتقر كثير منهم، للطعام والماء والكهرباء كذلك، منذ عدة أسابيع.
مشاركة :