خطاب الكراهية تعريفات كثيرة... والذكاء الاصطناعي واعد بالحلول

  • 7/5/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يتردد الحديث عن خطاب الكراهية عبر وسائل الإعلام التقليدي و«النيوميديا». وينطوي المفهوم على سلبية في النظرة إلى الآخر، فرداً كان أو جماعة، لأسباب شتى، بيئية وثقافية، والإعلاء من شأن الذات، بالمقابل. تولد الكراهية أسئلة بالجملة: هل هي موروثة أم مستجدة؟ هل تعرف بصورة مختلفة بحسب كل مجتمع؟ وما الاختلافات بين الكراهية في الواقع وفي الفضاء الإلكتروني؟ تحاول «سيدتي» الإجابة عن الأسئلة، بالاتكاء على وجهات نظر اختصاصيين في علم النفس والاجتماع، مع الإشارة إلى بصيص أمل تحمله التقنية في المواجهة والعلاج.أشرفت على التحقيق وشاركت فيه | نسرين حمود Nisrine Hammoud بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine وماغي شمّاMaguy Chamma تصوير | محمد رحمة Mohamad Rahme جدة | نسرين عمران Nesreen Omran الرباط | سميرة مغداد Samira Maghdad الرياض | محمود الديب Mahmoud AlDeep تصوير | عبد العزيز العريفي Abdulaziz Alarify على موقع الأمم المتحدة الرسمي، هناك إقرار بغياب التعريف الشامل لخطاب الكراهية، لكن من أجل توفير إطار عمل موحد للمنظمة لمعالجة القضية، ثمة سمات ثلاث: الأولى؛ يمكن نقل خطاب الكراهية من خلال أي شكل من أشكال التعبير، بما في ذلك الصور والرسوم المتحركة والميمات (أو الميمز) والأشياء والإيماءات والرموز، مع النشر عبر الإنترنت أو خارج الشبكة. الثانية؛ خطاب الكراهية تمييزي (أي هو متحيز ومتعصب وغير متسامح) أو ازدرائي (أي هو احتقاري ومهين ومذل) لفرد أو مجموعة. الثالثة؛ يمس خطاب الكراهية العوامل المحددة للهوية الحقيقية والمتصورة لفرد أو مجموعة، بما في ذلك: الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو النسب أو نوع الجنس، كما خصائص مثل: اللغة أو الخلفية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإعاقة أو الحالة الصحية، وأمور أخرى كثيرة. تستشهد ندين قالوش، الاختصاصية النفسية، بقول للشاعر البريطاني جورج غوردون بايرون ((1824 - 1788))، في وصف الكراهية، مفاده أنها «إحساس هو الأطول أمداً على الإطلاق؛ الناس يقعون في الحب في لحظة خاطفة ولكنهم يكرهون بتمهل وعلى روية»، مضيفة أن «الكراهية شعور قد يراود معظم الأفراد، وقد يؤثر أحياناً في سلوكهم أو بعض تصرفاتهم بطريقة سلبية. هذا الشعور القوي بالرفض تجاه شخص أو مجموعة من الأشخاص أو حتى فكرة عبارة عن حالة عاطفية سلبية تشتمل على: الخوف والغضب والاحتقار والاشمئزاز. يمكن أن تؤدي الحالة إلى العنف أو التمييز». عن الفروق بين الكراهية الفردية والجماعية، توضح الاختصاصية لـ «سيدتي»، الآتي: الكراهية الفردية: هي الشعور بالرفض أو العداوة تجاه شخص أو مجموعة أو فكرة، لأسباب ترجع إلى تجارب شخصية عاشها الفرد واختبرها، مثل: نزاع مع شخص معين أو أي تفاعل سلبي معه، قد ينجم عنه التعرض إلى الأذى أو الخيانة؛ ما يولد الشعور بالكراهية والبحث عن طريقة للتخلص من هذا الأذى. الكراهية الجماعية: هي الشعور بالرفض أو العداوة القوية تجاه مجموعة أو فئة من الأفراد. أسباب الكراهية الجماعية مبنية على عومل ثقافية أو اجتماعية أو أيديوليوجية. تتوسع الاختصاصية في الشرح عن الكراهية، قائلة: إن «كل فرد يولد ومعه الكراهية، مثل أي شعور آخر، لكن الكراهية الجماعية مكتسبة من خلال التنشئة والبيئة ككل والإعلام». وتضيف أن «الشعور بكراهية الغير لا يقتصر على البالغين، بل يطال الأطفال أيضاً، فكل منهم يتأثر بمحيطه المؤلف من أفراد عائلته وأصدقائه ومجتمعه. بالتالي، هو سيتبنى الانحيازات التي يراها بمحيطه. مثلاً: إذا كان محيطه لا يحب فئة معينة من الأشخاص، هو على الأرجح سيكرهها لتصبح جزءاً من اللاوعي عنده. عندما ينضج الطفل، لا يمتلك إجابة واضحة عن أسباب الكره». وتضيف أن «الطفل بين عمر 6 - 12 عاماً يستطيع أن يميز بين المقبول والمرفوض بالمجتمع، بمعنى أنه يفهم ما المعايير والتصنيفات الاجتماعية؟ وخلال هذه المرحلة العمرية، تنشأ عنده الكراهية الجماعية». عن أسباب الكراهية، تتحدث الاختصاصية قالوش، عن الخوف في الأساس، فإذا شعر الفرد بأنه معرّض لخطر معين، يمكن أن يكره مصدر هذا الخوف، سواء كان شخصاً أو فكرةً. ويمكن أن ينبع الخوف من المجهول، بمعنى إذا كان الشخص لا يعرف معلومات كافية عن فئة معينة من الأفراد، يلجأ إلى الأفكار النمطية المنشرة عن هذه الفئة؛ ما قد يولد عنده شعور بالكراهية تجاهها». تلي الخوف التنشئة؛ عندما يتبنى الولد (والبنت) انحيازات محيطه(ا)، إضافة إلى تفضيلات المجموعة التي ينتمي إليها؛ ما يفسر أن الإنسان لديه ميل طبيعي إلى أن يفضل المجموعة التي ينتمي إليها عن المجموعة التي لا ينتمي إليها. أحياناً، يمكن أن يتطور الشعور بالكراهية تجاه المجموعة الثانية، خصوصاً إذا كانت المجموعة التي ينتمي إليها تُشجّع على التمييز ضد الغير. للتجارب الشخصية حصة في الأسباب أيضاً؛ مثلاً: إذا تسبب شخص لنا بأي نوع من الأذى، سواء على الصعيد الجسدي أو اللفظي أو المعنوي، ممكن أن نشعر بكراهية تجاهه، تساعدنا في أن نبحث على طريقة للتخلص من هذا الأذى. ولا يمكن الإغفال في إطار الأسباب، عن ذكر العوامل الاجتماعية والثقافية التي تقوم بدور مهم في توليد مشاعر الكراهية. يمكنك الاطلاع على الرُهاب أنواع جديدة بتأثيرات التكنولوجيا والـ «نيوميديا» يقول الدكتور عبد الله أبو عوض، أستاذ العلوم الاجتماعية والسياسية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان (شمالي المغرب): «وجد خطاب الكراهية بوجود البشر، لذا هو إحدى الظواهر المستجدة والقديمة في الوقت نفسه، ولو أن للكراهية في هذا العصر، قواعدها التي تعتمد على مستوى المعالجة والمقاربة وآليات التصنيف». ويضيف أن «خطاب الكراهية، هو الذي يكون مفعماً برفض الآخر وعدم قبوله والاستهانة به». ويرجع إلى مرجعية التاريخ، ويستشهد بالألمان الذين سطروا لمفهوم البقاء للأصلح وللأقوى، بإعلانهم الجنس الآري والحرب على العالم، ليقول: إن «خطاب الكراهية اعتُمد أساساً في النظريات السياسية العسكرية، ثم انتقل بعد ذلك إلى المراحل الاجتماعية على أساس أن تتبناه مجموعة من الفئات الاجتماعية لترجمته بوصفه خطاباً للعنصرية. لكن، بحكم أن مفهوم خطاب الكراهية واسع، قد يضاف إليه الإرهاب والتطرف والإقصاء المعتمد على جنس بشري دون آخر». ويلفت إلى اختلاف وجهات النظر في المعالجة، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو حتى الدينية، وإلى صبغة الخطاب المباشرة وغير المباشرة. ويخلص إلى أن «لا هوية لخطاب الكراهية، فهذا الأخير عبارة عن نزعة فردية تدل على قصور في الوعي وتعصب حاد لفكرة معينة يمليه عدد من الاختلالات العقدية والنفسية والاجتماعية، فالخطاب بعيد بمسافات عميقة عن كنه الإنسان وقيمه، التي يجب أن يؤطرها كلّ من الإخاء والمحبة والتآزر؛ أي القيم النبيلة التي هي أصل الإنسانية جمعاء التي تدعمها كل الديانات السماوية». تقول يارا عبود، اختصاصية في علم النفس العيادي: إن «خطاب الكراهية يشير إلى أي شكل من أشكال التواصل، سواء كان منطوقاً أو مكتوباً، يعبّر عن التحيّز أو التمييز أو العداء تجاه الأفراد أو الجماعات، بناء على سمات مثل: العرق والدين والنوع الاجتماعي والتوجه الجنسي والإعاقة أو أي خاصية أخرى». في تفصيص خطاب الكراهية، هناك التحيّز؛ أي اعتناق معتقدات أو مواقف سلبية تجاه مجموعة معينة، بالاستناد إلى قوالب نمطية، وهذه الأخيرة وجهات نظر مُبسّطة وعامة عن تلك المجموعة. تتجلى المعتقدات والمواقف، في: التجريد من الإنسانية، وتصوير الأفراد الآخرين أو الجماعات الأخرى على أنهم أدنى من البشر! أضيفي إلى ذلك، هناك ديناميكيات المجموعة والهوية الاجتماعية؛ أي تطوير الناس ارتباطات قوية بمجموعاتهم الاجتماعية، وصولاً إلى النظر إلى أعضاء المجموعات الأخرى على أنهم منافسون. يمكن أن يعمل خطاب الكراهية على تقوية الروابط داخل المجموعة وتعزيز الشعور بالوحدة ضد المجموعات الخارجية. «التصدي لخطاب الكراهية ومكافحته مسألة مُعقّدة تتطلّب نهجاً متعدّد الأبعاد»، بحسب الاختصاصية عبود، التي تقول إن «لا حلّ واحداً يمكن أن يقضي تماماً على خطاب الكراهية، لكن من خلال تنفيذ مزيج من الاستراتيجيات الآتية، من الممكن إنشاء مجتمع أكثر شمولاً واحتراماً:التدابير القانونية: لدى العديد من البلدان قوانين ولوائح معمول بها للتصدي لخطاب الكراهية. قد يساعد، في هذا الإطار، تعزيز هذه القوانين.التعليم والتوعية: من الضروري نشر التعليم والتوعية بالآثار الضارة لخطاب الكراهية؛ أي تثقيف الأفراد بعواقب كلماتهم، والحث على التعاطف والتفاهم، وتشجيع الإعلام المسؤول، علماً أن للمؤسسات الإعلامية تأثيراً كبيراً في الخطاب العام.أنظمة فعالة عبر الإنترنت: ينتشر خطاب الكراهية على منصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. في المواجهة، يساعد سنّ مبادئ توجيهية للمجتمع، مع أنظمة إشراف فعاّلة وتزويد المستخدمين بآليات للإبلاغ عن خطاب الكراهية للحد من انتشاره.التعاطف: هو عنصر أساس في مكافحة خطاب الكراهية؛ يتمثل في تشجيع الأفراد على وضع أنفسهم في مكان أولئك الذين يميّزون ضدهم.التدخلات النفسية: التدخلات القائمة على اليقظة، كالتأمّل والتأمّل الذاتي، ليصبح الأفراد أكثر وعياً بأفكارهم وعواطفهم وتحيّزاتهم وتقليل ردود الأفعال التلقائية، كلها تساهم في الحدّ من خطاب الكراهية. من المهم ملاحظة أن نجاح هذه التدخلات النفسية قد يختلف باختلاف الفرد وشدّة مواقفه وسلوكياته. بالمقابل، يقود إهمال الحلول إلى توليد آثار جانبية سلبية مختلفة لخطاب الكراهية، سواء على الأفراد أو على المجتمع، كما تشير عبود، منها: التأثير النفسي في الأفراد المستهدفين به؛ ما يؤدي إلى القلق والخوف، كما يمكن أن يخلق الخطاب المذكور بيئة معادية تؤدي إلى تآكل شعور الشخص بالانتماء والرفاهية، وصولاً إلى التعرّض المطوّل لخطاب الكراهية المسبب لمشكلات الصحة العقلية طويلة الأجل، بما في ذلك الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة. أما الانقسام الاجتماعي نتيجة خطاب الكراهية فيؤدي إلى زيادة العداء والتوتر والصراع بين المجموعات المختلفة، من دون أن ننسى بالطبع تهديد الحرية والديمقراطية. يصف عبد الرحمن القراش، الاختصاصي والباحث الاجتماعي، خطاب الكراهية بأنه «نار تحت الرماد»، مضيفاً أن «الكراهية تغزو القلوب الضعيفة التي تتوهّم بأنها بلغت مراتب الملائكة فوق البشر، من دون إدراك أن الكراهية صفة قبيحة طُرد الشيطان بسببها من رحمة الله وجناته». من الناحية الاجتماعية، يقول الاختصاصي القراش: إن «الكراهية بمنزلة سرطان اجتماعي لا يؤدي سوى إلى الهدم، وتدمير البناء الذي دعا إليه المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بأن يكون الناس في بوتقة واحدة، متآلفين، من دون النظر إلى ألوانهم وأعراقهم، فضلاً عن كل الأعراف والقوانين الدولية التي تُحاربه وتُجرّمه». ويوضح أن «لا دليل ملموس يؤكد أن الإنسان يولد، ولديه هذا الداء العُضال، لكن نستطيع القول إن هناك استعداداً فطريّاً لاكتساب الكراهية بسبب ما يحمله الفرد من جينات وراثية لعائلة متفاخرة؛ إذ يعيش في بيئة خصبة تُنمّي لديه هذا الخطاب. ولو نظرنا بعين فاحصة، سنرى أن مقدار الكراهية يختلف من بيئة إلى أخرى، ومن مجتمعٍ إلى آخر حسبما يتربى عليه الفرد من أيديولوجيات قد تغذّي هذا السلوك المشين». ويلفت الباحث إلى أن «خطاب الكراهية، في وقت سابق، كان مُباشراً بين الأفراد، كما تحمله صفحات الجرائد والكتب، أمّا اليوم، مع الانفجار التقني، وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت الأخيرة ميداناً لتصفية الحسابات، ونشر مثل هذه السلوكيات وتغذيتها بشكلٍ واسع، سواءً بأسماء معروفة أو مخفية خلف مُعرّفات وهمية. لذا، وضعت السعودية من خلال النيابة العامة قانوناً يحمي الأفراد والمجتمع من تلك الممارسات، ونشرته في وسائل الإعلام، بل قدمت للمحاكمة كل مَن دعا لها». ويُنبه إلى أن إحدى الوسائل الأهم لتفرقة المجتمع العربي، كان خطاب الكراهية وإثارة الأحقاد بين الأفراد؛ إذ يُسهّل ذلك التحكم فيهم عندما تضيع الحقوق وتنتشر البغضاء، فتخلق العداوات وتكثر الجرائم وتتعطل عجلة التنمية، وهذا كان الضامن الوحيد ليعيش الناس في صراع دائم، بعيداً عن جودة الحياة والتقدم الحضاري وانتشار روح الألفة وخطاب المحبة والود». إقرئي المزيد عن الذَكاءُ البَشَريُّ.. هل تهدده تقنيات عالم اليوم؟     تشيد سارة الحمود، مستشارة تقنية، بالجهود المكافحة لخطاب الكراهية والتنمّر في السعودية، والمتمثلة في إقرار نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، الذي صدر بمرسوم ملكي عام 2007، ومن أهدافه: المساعدة في تحقيق الأمن المعلوماتي وحماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة. وتفيد بأن النظام يُصنّف عدداً من الجرائم الإلكترونية، مثل: المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزوّدة بالكاميرات، أو ما في حكمها، والتشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة. بالطبع، بارحت مضامين الكراهية العالم الواقعي والمطبوعات، لتنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات والمواقع، إلى حدّ أن أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، صرّح أخيراً أنه «يجب علينا مجابهة التعصب من خلال التصدي للكراهية التي تنتشر في الإنترنت انتشار النار في الهشيم». في هذا الإطار، توضّح الدكتورة سارة الحمود، أستاذة علوم الحاسب المشاركة ومستشارة التقنية والذكاء الاصطناعي، الفروق بين خطاب الكراهية والتنمر، قائلةً: إن «خطاب الكراهية والتنمر ينتشران في العالمين الواقعي والافتراضي، إلّا أن الفارق واضح بينهما، فخطاب الكراهية يوجّه إلى جماعات وفرق كثيرة، فيما يوجّه التنمّر إلى شخص معلوم بعينه». وتزيد أن «التعبير عن الكراهية والتنمر يحملهما التسلط عبر الإنترنت، وإرسال رسائل التهديد أو نشر الشائعات أو انتحال هوية معينة (بمعنى أن الجاني قد ينتحل شخصية وهمية أو يختفي خلف معرّفات مزورة؛ ما يؤدي إلى تفاقم الآثار الضارة على الضحايا)، أو التشهير أو مشاركة معلومات خاصةٍ دون موافقة المعني بها». وتلفت إلى أن «خطاب الكراهية (أو التنمر) المبثوث من خلال الشبكات الاجتماعية أو الرسائل الإلكترونية، يعدّ أشدّ خطراً، فهو سريع الانتشار وأكثر تأثيراً، فالأذى أو الترهيب أو المضايقة أو التهديد، تنتقل بسرعةٍ وبأشكالٍ مختلفةٍ باستخدام الشبكة العنكبوتية». وتضيف أنه «في الواقع الافتراضي، قد يستمر الأذى الناتج من وجود المحتوى الكاره أو المتنمر للأبد، عكس العالم الواقعي؛ حيث يقع الخطاب ويختفي بانتهاء الحادثة؛ ما يعني أن ضحية الكره الإلكتروني قد يُرهق، ويُحاصر بشكلٍ أكبر». لكن، ثمة مبادرات عدة لمكافحة الخطاب، منها واحدة في السعودية، بدفع من الذكاء الاصطناعي، ما يبين أن الأخير، وعلى الرغم من كل «الخشية» منه، قد يستخدم في تقديم الحلول في المجتمعات. في السياق، تُعلي المستشارة التقنية دور أنظمة الذكاء الاصطناعي في المواجهة؛ أي في كشف خطابات الكراهية والتنمر الإلكتروني، بدقة عالية؛ إذ تستطيع أنظمة الذكاء الكشف عن مصدر تلك الكتابات السلبية بشكلٍ آلي وتحديد الكثافة، فالاستهداف عبر الحلول والقرارات التي تعالج الحالة. وتتطرّق الدكتورة سارة إلى جهودها في المجال، كاشفةً عن عملها على دراساتٍ ميدانيةٍ لكشف خطاب الكراهية في منصّة «تويتر»، باستخدام الذكاء الاصطناعي، عبر الاستناد إلى أكبر مدوّنة باللهجة النجدية «مرسى»؛ إذ تحتوي على 140 ألف جملةٍ عربيةٍ بهذه اللهجة، مصنّفة إلى سلبي أو إيجابي، ومتاحةٍ بالمجان لعموم الباحثين في العالم العربي. تشرح الفكرة، قائلة: إن «تلك الجمل المصنّفة، تتيح تغذية خوارزميات الذكاء الاصطناعي حتى تتدرّب عليها، لتقوم بالتصنيف والتحليل بشكلٍ آلي ودقيقٍ لملايين البيانات الجديدة بضغطة زرّ». يمكنك الاطلاع أيضاً على السعادة مفردة بمعان كثيرة   يتردد الحديث عن خطاب الكراهية عبر وسائل الإعلام التقليدي و«النيوميديا». وينطوي المفهوم على سلبية في النظرة إلى الآخر، فرداً كان أو جماعة، لأسباب شتى، بيئية وثقافية، والإعلاء من شأن الذات، بالمقابل. تولد الكراهية أسئلة بالجملة: هل هي موروثة أم مستجدة؟ هل تعرف بصورة مختلفة بحسب كل مجتمع؟ وما الاختلافات بين الكراهية في الواقع وفي الفضاء الإلكتروني؟ تحاول «سيدتي» الإجابة عن الأسئلة، بالاتكاء على وجهات نظر اختصاصيين في علم النفس والاجتماع، مع الإشارة إلى بصيص أمل تحمله التقنية في المواجهة والعلاج.أشرفت على التحقيق وشاركت فيه | نسرين حمود Nisrine Hammoud بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine وماغي شمّاMaguy Chamma تصوير | محمد رحمة Mohamad Rahme جدة | نسرين عمران Nesreen Omran الرباط | سميرة مغداد Samira Maghdad الرياض | محمود الديب Mahmoud AlDeep تصوير | عبد العزيز العريفي Abdulaziz Alarify على موقع الأمم المتحدة الرسمي، هناك إقرار بغياب التعريف الشامل لخطاب الكراهية، لكن من أجل توفير إطار عمل موحد للمنظمة لمعالجة القضية، ثمة سمات ثلاث: الأولى؛ يمكن نقل خطاب الكراهية من خلال أي شكل من أشكال التعبير، بما في ذلك الصور والرسوم المتحركة والميمات (أو الميمز) والأشياء والإيماءات والرموز، مع النشر عبر الإنترنت أو خارج الشبكة. الثانية؛ خطاب الكراهية تمييزي (أي هو متحيز ومتعصب وغير متسامح) أو ازدرائي (أي هو احتقاري ومهين ومذل) لفرد أو مجموعة. الثالثة؛ يمس خطاب الكراهية العوامل المحددة للهوية الحقيقية والمتصورة لفرد أو مجموعة، بما في ذلك: الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو النسب أو نوع الجنس، كما خصائص مثل: اللغة أو الخلفية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإعاقة أو الحالة الصحية، وأمور أخرى كثيرة. الكراهية من وجهة نظر نفسية ندين قالوش تستشهد ندين قالوش، الاختصاصية النفسية، بقول للشاعر البريطاني جورج غوردون بايرون ((1824 - 1788))، في وصف الكراهية، مفاده أنها «إحساس هو الأطول أمداً على الإطلاق؛ الناس يقعون في الحب في لحظة خاطفة ولكنهم يكرهون بتمهل وعلى روية»، مضيفة أن «الكراهية شعور قد يراود معظم الأفراد، وقد يؤثر أحياناً في سلوكهم أو بعض تصرفاتهم بطريقة سلبية. هذا الشعور القوي بالرفض تجاه شخص أو مجموعة من الأشخاص أو حتى فكرة عبارة عن حالة عاطفية سلبية تشتمل على: الخوف والغضب والاحتقار والاشمئزاز. يمكن أن تؤدي الحالة إلى العنف أو التمييز». ندين قالوش: خلال المرحلة العمرية من 6 إلى 12 سنة، تنشأ عند الطفل الكراهية الجماعية   بين الكراهية الفردية والجماعية عن الفروق بين الكراهية الفردية والجماعية، توضح الاختصاصية لـ «سيدتي»، الآتي: الكراهية الفردية: هي الشعور بالرفض أو العداوة تجاه شخص أو مجموعة أو فكرة، لأسباب ترجع إلى تجارب شخصية عاشها الفرد واختبرها، مثل: نزاع مع شخص معين أو أي تفاعل سلبي معه، قد ينجم عنه التعرض إلى الأذى أو الخيانة؛ ما يولد الشعور بالكراهية والبحث عن طريقة للتخلص من هذا الأذى. الكراهية الجماعية: هي الشعور بالرفض أو العداوة القوية تجاه مجموعة أو فئة من الأفراد. أسباب الكراهية الجماعية مبنية على عومل ثقافية أو اجتماعية أو أيديوليوجية. تتوسع الاختصاصية في الشرح عن الكراهية، قائلة: إن «كل فرد يولد ومعه الكراهية، مثل أي شعور آخر، لكن الكراهية الجماعية مكتسبة من خلال التنشئة والبيئة ككل والإعلام». وتضيف أن «الشعور بكراهية الغير لا يقتصر على البالغين، بل يطال الأطفال أيضاً، فكل منهم يتأثر بمحيطه المؤلف من أفراد عائلته وأصدقائه ومجتمعه. بالتالي، هو سيتبنى الانحيازات التي يراها بمحيطه. مثلاً: إذا كان محيطه لا يحب فئة معينة من الأشخاص، هو على الأرجح سيكرهها لتصبح جزءاً من اللاوعي عنده. عندما ينضج الطفل، لا يمتلك إجابة واضحة عن أسباب الكره». وتضيف أن «الطفل بين عمر 6 - 12 عاماً يستطيع أن يميز بين المقبول والمرفوض بالمجتمع، بمعنى أنه يفهم ما المعايير والتصنيفات الاجتماعية؟ وخلال هذه المرحلة العمرية، تنشأ عنده الكراهية الجماعية». أسباب مسؤولة عن أسباب الكراهية، تتحدث الاختصاصية قالوش، عن الخوف في الأساس، فإذا شعر الفرد بأنه معرّض لخطر معين، يمكن أن يكره مصدر هذا الخوف، سواء كان شخصاً أو فكرةً. ويمكن أن ينبع الخوف من المجهول، بمعنى إذا كان الشخص لا يعرف معلومات كافية عن فئة معينة من الأفراد، يلجأ إلى الأفكار النمطية المنشرة عن هذه الفئة؛ ما قد يولد عنده شعور بالكراهية تجاهها». تلي الخوف التنشئة؛ عندما يتبنى الولد (والبنت) انحيازات محيطه(ا)، إضافة إلى تفضيلات المجموعة التي ينتمي إليها؛ ما يفسر أن الإنسان لديه ميل طبيعي إلى أن يفضل المجموعة التي ينتمي إليها عن المجموعة التي لا ينتمي إليها. أحياناً، يمكن أن يتطور الشعور بالكراهية تجاه المجموعة الثانية، خصوصاً إذا كانت المجموعة التي ينتمي إليها تُشجّع على التمييز ضد الغير. للتجارب الشخصية حصة في الأسباب أيضاً؛ مثلاً: إذا تسبب شخص لنا بأي نوع من الأذى، سواء على الصعيد الجسدي أو اللفظي أو المعنوي، ممكن أن نشعر بكراهية تجاهه، تساعدنا في أن نبحث على طريقة للتخلص من هذا الأذى. ولا يمكن الإغفال في إطار الأسباب، عن ذكر العوامل الاجتماعية والثقافية التي تقوم بدور مهم في توليد مشاعر الكراهية. يمكنك الاطلاع على الرُهاب أنواع جديدة بتأثيرات التكنولوجيا والـ «نيوميديا»   خطاب الكراهية في المجتمعات يقول الدكتور عبد الله أبو عوض، أستاذ العلوم الاجتماعية والسياسية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان (شمالي المغرب): «وجد خطاب الكراهية بوجود البشر، لذا هو إحدى الظواهر المستجدة والقديمة في الوقت نفسه، ولو أن للكراهية في هذا العصر، قواعدها التي تعتمد على مستوى المعالجة والمقاربة وآليات التصنيف». ويضيف أن «خطاب الكراهية، هو الذي يكون مفعماً برفض الآخر وعدم قبوله والاستهانة به». ويرجع إلى مرجعية التاريخ، ويستشهد بالألمان الذين سطروا لمفهوم البقاء للأصلح وللأقوى، بإعلانهم الجنس الآري والحرب على العالم، ليقول: إن «خطاب الكراهية اعتُمد أساساً في النظريات السياسية العسكرية، ثم انتقل بعد ذلك إلى المراحل الاجتماعية على أساس أن تتبناه مجموعة من الفئات الاجتماعية لترجمته بوصفه خطاباً للعنصرية. لكن، بحكم أن مفهوم خطاب الكراهية واسع، قد يضاف إليه الإرهاب والتطرف والإقصاء المعتمد على جنس بشري دون آخر». ويلفت إلى اختلاف وجهات النظر في المعالجة، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو حتى الدينية، وإلى صبغة الخطاب المباشرة وغير المباشرة. ويخلص إلى أن «لا هوية لخطاب الكراهية، فهذا الأخير عبارة عن نزعة فردية تدل على قصور في الوعي وتعصب حاد لفكرة معينة يمليه عدد من الاختلالات العقدية والنفسية والاجتماعية، فالخطاب بعيد بمسافات عميقة عن كنه الإنسان وقيمه، التي يجب أن يؤطرها كلّ من الإخاء والمحبة والتآزر؛ أي القيم النبيلة التي هي أصل الإنسانية جمعاء التي تدعمها كل الديانات السماوية». معتقدات ومواقف سلبية    يارا عبود   تقول يارا عبود، اختصاصية في علم النفس العيادي: إن «خطاب الكراهية يشير إلى أي شكل من أشكال التواصل، سواء كان منطوقاً أو مكتوباً، يعبّر عن التحيّز أو التمييز أو العداء تجاه الأفراد أو الجماعات، بناء على سمات مثل: العرق والدين والنوع الاجتماعي والتوجه الجنسي والإعاقة أو أي خاصية أخرى». في تفصيص خطاب الكراهية، هناك التحيّز؛ أي اعتناق معتقدات أو مواقف سلبية تجاه مجموعة معينة، بالاستناد إلى قوالب نمطية، وهذه الأخيرة وجهات نظر مُبسّطة وعامة عن تلك المجموعة. تتجلى المعتقدات والمواقف، في: التجريد من الإنسانية، وتصوير الأفراد الآخرين أو الجماعات الأخرى على أنهم أدنى من البشر! أضيفي إلى ذلك، هناك ديناميكيات المجموعة والهوية الاجتماعية؛ أي تطوير الناس ارتباطات قوية بمجموعاتهم الاجتماعية، وصولاً إلى النظر إلى أعضاء المجموعات الأخرى على أنهم منافسون. يمكن أن يعمل خطاب الكراهية على تقوية الروابط داخل المجموعة وتعزيز الشعور بالوحدة ضد المجموعات الخارجية. يارا عبود: التصدي لخطاب الكراهية ومكافحته مسألة مُعقّدة تتطلّب نهجاً متعدّد الأبعاد استراتيجيات في المواجهة «التصدي لخطاب الكراهية ومكافحته مسألة مُعقّدة تتطلّب نهجاً متعدّد الأبعاد»، بحسب الاختصاصية عبود، التي تقول إن «لا حلّ واحداً يمكن أن يقضي تماماً على خطاب الكراهية، لكن من خلال تنفيذ مزيج من الاستراتيجيات الآتية، من الممكن إنشاء مجتمع أكثر شمولاً واحتراماً:التدابير القانونية: لدى العديد من البلدان قوانين ولوائح معمول بها للتصدي لخطاب الكراهية. قد يساعد، في هذا الإطار، تعزيز هذه القوانين.التعليم والتوعية: من الضروري نشر التعليم والتوعية بالآثار الضارة لخطاب الكراهية؛ أي تثقيف الأفراد بعواقب كلماتهم، والحث على التعاطف والتفاهم، وتشجيع الإعلام المسؤول، علماً أن للمؤسسات الإعلامية تأثيراً كبيراً في الخطاب العام.أنظمة فعالة عبر الإنترنت: ينتشر خطاب الكراهية على منصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. في المواجهة، يساعد سنّ مبادئ توجيهية للمجتمع، مع أنظمة إشراف فعاّلة وتزويد المستخدمين بآليات للإبلاغ عن خطاب الكراهية للحد من انتشاره.التعاطف: هو عنصر أساس في مكافحة خطاب الكراهية؛ يتمثل في تشجيع الأفراد على وضع أنفسهم في مكان أولئك الذين يميّزون ضدهم.التدخلات النفسية: التدخلات القائمة على اليقظة، كالتأمّل والتأمّل الذاتي، ليصبح الأفراد أكثر وعياً بأفكارهم وعواطفهم وتحيّزاتهم وتقليل ردود الأفعال التلقائية، كلها تساهم في الحدّ من خطاب الكراهية. من المهم ملاحظة أن نجاح هذه التدخلات النفسية قد يختلف باختلاف الفرد وشدّة مواقفه وسلوكياته. بالمقابل، يقود إهمال الحلول إلى توليد آثار جانبية سلبية مختلفة لخطاب الكراهية، سواء على الأفراد أو على المجتمع، كما تشير عبود، منها: التأثير النفسي في الأفراد المستهدفين به؛ ما يؤدي إلى القلق والخوف، كما يمكن أن يخلق الخطاب المذكور بيئة معادية تؤدي إلى تآكل شعور الشخص بالانتماء والرفاهية، وصولاً إلى التعرّض المطوّل لخطاب الكراهية المسبب لمشكلات الصحة العقلية طويلة الأجل، بما في ذلك الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة. أما الانقسام الاجتماعي نتيجة خطاب الكراهية فيؤدي إلى زيادة العداء والتوتر والصراع بين المجموعات المختلفة، من دون أن ننسى بالطبع تهديد الحرية والديمقراطية. من الناحية الاجتماعية عبد الرحمن القراش يصف عبد الرحمن القراش، الاختصاصي والباحث الاجتماعي، خطاب الكراهية بأنه «نار تحت الرماد»، مضيفاً أن «الكراهية تغزو القلوب الضعيفة التي تتوهّم بأنها بلغت مراتب الملائكة فوق البشر، من دون إدراك أن الكراهية صفة قبيحة طُرد الشيطان بسببها من رحمة الله وجناته». من الناحية الاجتماعية، يقول الاختصاصي القراش: إن «الكراهية بمنزلة سرطان اجتماعي لا يؤدي سوى إلى الهدم، وتدمير البناء الذي دعا إليه المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بأن يكون الناس في بوتقة واحدة، متآلفين، من دون النظر إلى ألوانهم وأعراقهم، فضلاً عن كل الأعراف والقوانين الدولية التي تُحاربه وتُجرّمه». ويوضح أن «لا دليل ملموس يؤكد أن الإنسان يولد، ولديه هذا الداء العُضال، لكن نستطيع القول إن هناك استعداداً فطريّاً لاكتساب الكراهية بسبب ما يحمله الفرد من جينات وراثية لعائلة متفاخرة؛ إذ يعيش في بيئة خصبة تُنمّي لديه هذا الخطاب. ولو نظرنا بعين فاحصة، سنرى أن مقدار الكراهية يختلف من بيئة إلى أخرى، ومن مجتمعٍ إلى آخر حسبما يتربى عليه الفرد من أيديولوجيات قد تغذّي هذا السلوك المشين». ويلفت الباحث إلى أن «خطاب الكراهية، في وقت سابق، كان مُباشراً بين الأفراد، كما تحمله صفحات الجرائد والكتب، أمّا اليوم، مع الانفجار التقني، وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت الأخيرة ميداناً لتصفية الحسابات، ونشر مثل هذه السلوكيات وتغذيتها بشكلٍ واسع، سواءً بأسماء معروفة أو مخفية خلف مُعرّفات وهمية. لذا، وضعت السعودية من خلال النيابة العامة قانوناً يحمي الأفراد والمجتمع من تلك الممارسات، ونشرته في وسائل الإعلام، بل قدمت للمحاكمة كل مَن دعا لها». ويُنبه إلى أن إحدى الوسائل الأهم لتفرقة المجتمع العربي، كان خطاب الكراهية وإثارة الأحقاد بين الأفراد؛ إذ يُسهّل ذلك التحكم فيهم عندما تضيع الحقوق وتنتشر البغضاء، فتخلق العداوات وتكثر الجرائم وتتعطل عجلة التنمية، وهذا كان الضامن الوحيد ليعيش الناس في صراع دائم، بعيداً عن جودة الحياة والتقدم الحضاري وانتشار روح الألفة وخطاب المحبة والود». إقرئي المزيد عن الذَكاءُ البَشَريُّ.. هل تهدده تقنيات عالم اليوم؟     جهود سعودية تشيد سارة الحمود، مستشارة تقنية، بالجهود المكافحة لخطاب الكراهية والتنمّر في السعودية، والمتمثلة في إقرار نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، الذي صدر بمرسوم ملكي عام 2007، ومن أهدافه: المساعدة في تحقيق الأمن المعلوماتي وحماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة. وتفيد بأن النظام يُصنّف عدداً من الجرائم الإلكترونية، مثل: المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزوّدة بالكاميرات، أو ما في حكمها، والتشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة. الكراهية «أونلاين» سارة الحمود بالطبع، بارحت مضامين الكراهية العالم الواقعي والمطبوعات، لتنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات والمواقع، إلى حدّ أن أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، صرّح أخيراً أنه «يجب علينا مجابهة التعصب من خلال التصدي للكراهية التي تنتشر في الإنترنت انتشار النار في الهشيم». في هذا الإطار، توضّح الدكتورة سارة الحمود، أستاذة علوم الحاسب المشاركة ومستشارة التقنية والذكاء الاصطناعي، الفروق بين خطاب الكراهية والتنمر، قائلةً: إن «خطاب الكراهية والتنمر ينتشران في العالمين الواقعي والافتراضي، إلّا أن الفارق واضح بينهما، فخطاب الكراهية يوجّه إلى جماعات وفرق كثيرة، فيما يوجّه التنمّر إلى شخص معلوم بعينه». وتزيد أن «التعبير عن الكراهية والتنمر يحملهما التسلط عبر الإنترنت، وإرسال رسائل التهديد أو نشر الشائعات أو انتحال هوية معينة (بمعنى أن الجاني قد ينتحل شخصية وهمية أو يختفي خلف معرّفات مزورة؛ ما يؤدي إلى تفاقم الآثار الضارة على الضحايا)، أو التشهير أو مشاركة معلومات خاصةٍ دون موافقة المعني بها». وتلفت إلى أن «خطاب الكراهية (أو التنمر) المبثوث من خلال الشبكات الاجتماعية أو الرسائل الإلكترونية، يعدّ أشدّ خطراً، فهو سريع الانتشار وأكثر تأثيراً، فالأذى أو الترهيب أو المضايقة أو التهديد، تنتقل بسرعةٍ وبأشكالٍ مختلفةٍ باستخدام الشبكة العنكبوتية». وتضيف أنه «في الواقع الافتراضي، قد يستمر الأذى الناتج من وجود المحتوى الكاره أو المتنمر للأبد، عكس العالم الواقعي؛ حيث يقع الخطاب ويختفي بانتهاء الحادثة؛ ما يعني أن ضحية الكره الإلكتروني قد يُرهق، ويُحاصر بشكلٍ أكبر». الدكتورة سارة الحمود: الذكاء الاصطناعي قادر على كشف خطابات الكراهية والتنمر الإلكتروني بدقة عالية دور الذكاء الاصطناعي لكن، ثمة مبادرات عدة لمكافحة الخطاب، منها واحدة في السعودية، بدفع من الذكاء الاصطناعي، ما يبين أن الأخير، وعلى الرغم من كل «الخشية» منه، قد يستخدم في تقديم الحلول في المجتمعات. في السياق، تُعلي المستشارة التقنية دور أنظمة الذكاء الاصطناعي في المواجهة؛ أي في كشف خطابات الكراهية والتنمر الإلكتروني، بدقة عالية؛ إذ تستطيع أنظمة الذكاء الكشف عن مصدر تلك الكتابات السلبية بشكلٍ آلي وتحديد الكثافة، فالاستهداف عبر الحلول والقرارات التي تعالج الحالة. وتتطرّق الدكتورة سارة إلى جهودها في المجال، كاشفةً عن عملها على دراساتٍ ميدانيةٍ لكشف خطاب الكراهية في منصّة «تويتر»، باستخدام الذكاء الاصطناعي، عبر الاستناد إلى أكبر مدوّنة باللهجة النجدية «مرسى»؛ إذ تحتوي على 140 ألف جملةٍ عربيةٍ بهذه اللهجة، مصنّفة إلى سلبي أو إيجابي، ومتاحةٍ بالمجان لعموم الباحثين في العالم العربي. تشرح الفكرة، قائلة: إن «تلك الجمل المصنّفة، تتيح تغذية خوارزميات الذكاء الاصطناعي حتى تتدرّب عليها، لتقوم بالتصنيف والتحليل بشكلٍ آلي ودقيقٍ لملايين البيانات الجديدة بضغطة زرّ». يمكنك الاطلاع أيضاً على السعادة مفردة بمعان كثيرة  

مشاركة :