فيتنام دولة تعتبر من أكثر الدول التي مرت بأوقات عصيبة من قلاقل وحروب. احتلتها القوات الفرنسية واليابانية وخاضت حربا مع أمريكا تعتبر من أكثر الحروب بشاعة. وإلى عام 1975م عندما سقطت عاصمة فيتنام الجنوبية (سايغون) بعد قرار أمريكا بأنه لا طائل لحرب لا نهاية لها وبعد خسارة خمسين ألف جندي أمريكي وانقسام في المجتمع الأمريكي، بدأت فيتنام عهدها كدولة موحدة بين الشمال والجنوب. ولكنها استمرت كدولة يحكمها النظام الشيوعي، واستمر الفقر والعوز لدولة مساحتها أكثر من ثلاثمائة ألف كيلو متر مربع وكثافة سكانية تعتبر الأكثر. وقد كانت فيتنام أثناء حربها مع أمريكا تتصدر أخبار جميع المحطات التلفزيونية حول العالم. وقد كانت دولة معزولة لا يوجد لديها إلا عدد قليل من الصداقات الدولية. ولكن وفي خلال سنوات قليلة خرجت فيتنام من عزلتها لتصبح في العام 2000م من الدول القليلة التي لديها علاقات مع جميع دول العالم ولتصبح قوة اقتصادية عالمية. ومع وجود الكثير من السكان غير المتعلم والفقير؛ قررت في الآونة الأخيرة بتصدير العمالة إلى دول كثيرة وكان منها المملكة العربية السعودية. وبالفعل تم توقيع اتفاقيات، وبدأ سماسرة مكاتب الاستقدام السعودية بالتوافد على فيتنام، ولكن بعضهم لم يكن يعلم بأن فيتنام بدأت عصر الشفافية بعد أن أصبحت جزءا لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية العالمية. ولكون المسؤولين في فيتنام يعرفون ما يمكن أن يدره عليهم من عملات صعبة؛ جراء تصدير العمالة وخاصة غير المدربة؛ فقد كانوا يعلمون بأنه حتى لو تم إرسال مواطن فيتنامي إلى دول مثل المملكة بالمجان، فخلال عام واحد سيكون باستطاعة العامل الفيتنامي تحويل مبالغ من الممكن أن تغير حياة أسرة بأكملها في فيتنام، وخاصة في الريف الفيتنامي. ورغم ذلك، تم الإعلان بأن تكلفة العامل أو العاملة ستصل إلى مبلغ أقل من ثلاثة آلاف ريال. ولكن وبقدرة قادر وبعد حضور الكثير من مندوبي الاستقدام لدينا في المملكة وسفرهم إلى فيتنام، فقد تم رفع التكاليف إلى عشرة أضعاف. ولكن الكل سمع عن طرد بعضهم. وبهذا يجب تقديم الشكر لسفارتنا التي انتبهت إلى الارتفاع المتواصل في أسعار تكاليف الاستقدام. وفي الحقيقة، فقد أصيب الكثير من المواطنين بخيبة أمل إذ إن التلاعب بالتكاليف يدل على أن الفساد بدأ يدفع ثمنه المواطن البسيط في الداخل، عبر مكاتب الاستقدام، ولكن مضاف له هذه المرة فساد بدأ يعطي صورة قاتمة عن مجتمعنا، وكأننا نقبل بأمور قد يتم تصنيفها بتجارة البشر. أي ادفع أكثر واحضر لك سائقا أو عاملة منزلية من فيتنام بطريقة أسرع. وفي الوقت الحالي بدأ الكثير من المواطنين يسأل.. لماذا دول الخليج تستقدم العمالة من دول شرق آسيا بتكاليف أقل؟! ولكن بلا مجيب. وأخيرا.. جاء الجواب من فيتنام. فسبب ارتفاع التكاليف ليس بسبب دول شرق آسيا.. ولكن اتضح أن السبب هو أن بعضنا هو من يقوم برفعها.
مشاركة :