السعوديات من خلف عجلة القيادة يتطلعن لمزيد من الحرية

  • 7/7/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الرياض - قبل خمس سنوات، صارت جوهرة الوابلي من أوائل النساء اللواتي قدنَ سيارة في السعودية، في خطوة جاءت في سياق حملة إصلاحات في المملكة المحافظة ولكن بعض الناشطات يعتبرنها غير كافية. وتقول الوابلي البالغة من العمر 55 عامًا وتسكن مدينة بريدة وسط البلاد، لوكالة فرانس برس "اتخذتُ قرار القيادة في أول دقيقة من السماح" للنساء بذلك عام 2018. وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أصدر في سبتمبر/أيلول 2017، أمرا ملكيا سمح بإعطاء رخص للنساء لقيادة السيارات لأول مرة منذ عقود، كما تم تأسيس مدارس لتعليم قيادة السيارات خاصة بالنساء في خمس مدن في أنحاء المملكة. وشكّل رفع حظر قيادة السيارات للنساء في المملكة آنذاك خطوة مهّمة جذبت أنظار العالم إلى الإصلاحات الكبيرة التي أحدثها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وكان ينظر إلى الحظر على أنه أكثر الإجراءات قمعا للمرأة، وسيؤدي رفعه إلى تغيير كبير في الحياة اليومية للنساء اللواتي لن يعدن بحاجة إلى سائقين ذكور للتنقل وسيتمكنّ من توفير الأموال التي كانت تدفع لصالح هؤلاء السائقين. وتستذكر الوابلي أنها قدّمت دروسًا مجانية لسعوديات على مدى عامين، قبل أن تنتشر مكاتب تعليم القيادة في المملكة التي تفتقر إلى شبكات النقل المشترك، قائلة "أخذتُ زمام المبادرة بأن أعلّم وأدرب السيدات والفتيات القيادة وبالمجان، لأن هذه رسالة لتمكين المرأة من المواصلات". وتؤكد أن هذا ليس سوى نموذج واحد عن التقدم الذي أحرزته المملكة في مجال حقوق النساء في السنوات الأخيرة، مشيرة إلى أنه مذاك أصبحت المرأة السعودية "سفيرة، وكيلة وزارة، مديرة عامة، (تتولى مناصب) بمجالس إدارات البنوك، أصبحت ترأس جامعات"، حتى أنها أصبحت رائدة فضاء، في إشارة إلى ريانة برناوي وهي أول امرأة عربية تشارك في مهمة إلى محطة الفضاء الدولية في مايو/أيار الماضي. ومع تراجع دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت بمثابة شرطة دينية واسعة النفوذ، والسماح بالاختلاط في المناسبات العامة ورفع إلزامية ارتداء العباءة التقليدية في الشارع، يعطي المجتمع السعودي انطباعًا بأنه تغيّر بالفعل. غير أنّ ناشطات حقوقيّات يقطنَّ في الخارج، يشككنَ في مدى عمق الإصلاحات، وينددنَ بالقمع الذي ما زالت تتعرض له بعض النساء. وتقول لينا الهذلول رئيسة قسم التواصل في مؤسسة "القسط" لحقوق الإنسان ومقرها لندن، "نعم هناك تغييرات اجتماعية"، لكن "نحن في حالة خوف دائم لأن الناس لا يعرفون ما يحصل فعلًا، أو ما إذا كان مسموحًا لهم القيام بأمر ما أم لا". وتحاول السلطات السعودية أن تركّز على التقدّم المحرز خصوصًا في مجال حقوق النساء، وتتطلّع إلى جعل المملكة النفطية الثرية التي لطالما كانت مغلقة أمام الزوّار الأجانب، وجهة سياحيّة ومركزًا للأعمال. وارتفعت نسبة السعوديات في سوق العمل بأكثر من الضعف منذ 2016 من 17 في المئة إلى 37 في المئة وتساهم هذه الأرقام الإحصائية في تعزيز الانطباع الذي تسعى السلطات السعودية لإعطائه عن كونها تعمل بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على تعزيز حقوق المرأة، ما أتاح لها الحصول على إشادة أخيرا في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. إلا أن نسب البطالة بين السعوديات لا تزال مرتفعة رغم ذلك، إذ بلغت 20.5 في المئة العام الماضي مقارنة بـ4.3 في المئة للرجال السعوديين. ويسلط هذا الرقم الضوء على مهمة ملحة تواجه صنّاع القرار في السعودية وتتمثل في توفير وظائف لجميع السعوديات المهتمات بالمشاركة في اقتصاد يشهد تغيرات سريعة. ودرجت السعوديات على العمل وتحقيق النجاح في مجالات عدة مثل التعليم والطبابة، لكنّ التدابير التي اتخذت في السنوات الأخيرة والتي قلصت إلى حد ما التمييز بين الجنسين في مكان العمل وخففت القيود على الملابس النسائية أتاحت فرصا جديدة. ويشمل ذلك وظائف في قطاع الفنادق والمطاعم مثل النوادل وموظفي الاستقبال وهي أعمال كان يهيمن عليها الأجانب في السابق وهو ما شكّل تعزيزا لسياسة 'السعودة' التي تتبناها الحكومة منذ سنوات طويلة وتزايدت وتيرتها أخيرا. وترى المحللة السعودية نجاح العتيبي ومقرّها لندن، أن "بعد قرار السماح للنساء بالقيادة، رأينا أن كل السياسات التي تلت ذلك شكّلت تحديًا لدور المرأة التقليدي في المجتمع السعودي الذي أعطاها دورًا واحدًا تلعبه هو تربية الأطفال". ويلاحظ زوار المملكة منذ لحظة نزولهم من الطائرة، الواقع الجديد وفي الكثير من الحالات، تختم جوازات سفرهم عناصر أمن سعوديات يتحدثنَ اللغة الإنجليزية بطلاقة ويستقبلنَهم بابتسامة عريضة. ويرى الزوّار أثناء إقامتهم، نساءً يقدنَ سيارات أجرة خاصّة وأُخريات يعملنَ في كراجات لتصليح السيارات وحتى سائقات قطارات سريعة تقلّ الحجّاج إلى مكّة المكرّمة. غير أنّ الواقع داخل المنازل قد يكون في بعض الأحيان مختلفًا تمامًا. وترى الناشطة السعودية هالة الدوسري ومقرّها الولايات المتحدة، أن "لا شيء تغيّر" في العائلات المحافظة التي ما زالت النساء فيها تحت رحمة ولي الأمر الذكر. وتلفت إلى أن بعضهنّ يعشنَ "في وهم بأنّ بفضل فتح الأماكن العامة، بفضل تخفيف القيود على لباس النساء والاختلاط، بات بإمكانهنّ التحرّك بحريّة أكبر في هذه الأماكن"، لكنّها تضيف أن كثيرات ما زلنَ "ضحايا قمع عائلاتهنّ". والسماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة سبقته خطوات إصلاحية اجتماعية عديدة، بينها إعادة فتح دور السينما وإقامة فعاليات موسيقية مختلطة، ضمن حملة تغييرات قال ولي العهد إنها تهدف إلى إعادة المملكة للإسلام المعتدل. وتشهد السعودية في السنوات الأخيرة تحولات واسعة وقرارات غير مسبوقة، حيث بدأت المملكة في تنظيم فعاليات ترفيهية وثقافية في سياق الإصلاح المتدرج وهناك اتجاها لبعث المزيد من المشاريع يأتي على ضوء الانفتاح الذي يقوده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضمن رؤية "السعودية 2030" الرامية لبناء مجتمع نابض بالحياة مع توفير أفضل نمط حياة للسكان والزوار.

مشاركة :