الروائي والقاص والصحافي والفنان التشكيلي الفلسطيني، غسان كنفاني، السارد لقضية «أرض البرتقال الحزين» ، وبمقدار ما كان أول شهداء الكلمة الفلسطينية المقاتلة في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة.. بمقدار ما كان «لواء فكريا مسلحا»، بحسب تعبير رئيسة وزراء إسرائيل وقتئذ، غولدا مائير، عقب جريمة اغتياله: «اليوم تخلصنا من لواء فكري مسلح. فغسان بقلمه كان يشكل خطرا على إسرائيل أكثر مما يشكله ألف فدائي مسلح». وكان يراه البعض «كتيبة من المؤلفين»، وليس كاتبا فردا.. وكان يقول عن نفسه، إنه لا يذكر يوما نام فيه من دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن 600 صفحة، كان يقرأ ويستوعب بطريقة استثنائية. أعاد فلسطين إلى أرضها، وأعاد الأرض إلى تاريخها غسان كنفاني، أول من أدخلنا إلى قلب فلسطين، وقد كنت وجيلي نقف على بابها، ونحبها دون أن نراها، كانت بالنسبة لنا شحنة عاطفية عالية، فأعادها أرضا تنبت البرتقال والياسمين ولكنها تنبت قبل ذلك الرجال والنساء والأطفال.. ويرى مفكرون ومثقفون وشعراء عرب، أن «كنفاني» أعاد فلسطين إلى أرضها، وأعاد الأرض إلى تاريخها، وأعاد التاريخ إلى أهله، وأعاد الأهل إلى هويتهم الأصلية، فإذا فلسطين عربية باللحم والدم والهواء والشمس والقمر والمهد والقيامة والجلجلة والأقصى والحرم الإبراهيمي والأنبياء والمعراج والشوك والحصى ومياه العمادة والأغوار التي تضم في حناياها عشرات الصحابة الذين استشهدوا من أجلها. توج غسان كنفاني مسيرته بالشهادة.. تلك الشهادة التي كانت حاضرة في تفاصيل حياته القصيرة فقد استشهد في 8 يوليو/ تموز 1972، بعد انفجار عبوة ناسفة، وضعها الموساد الإسرائيلي، في سيارته حين كان برفقة ابنة شقيقته «لميس نجم» وعمرها 17 عاما. تناثرت أشلاء الشهيد مع الصغيرة لميس، وهي التي كانت أقرب إلى قلبه، حيث كان يكتب لها القصص ويهديها إياها في مناسباتها الجميلة. عاش 36 عاما ..ورسم 36 لوحة فنية وربما لا يعرف كثيرون انه كان أيضا فناناً تشكيلياً، على درجة عالية من الوعي بوسائله الفنية..ويقال إن غسّان كنفاني الذي عاش زهاء ستة وثلاثين عامًا، رسم أيضًا ستة وثلاثين عملاً زيتياً وملوناً، أما الأعمال التي أنجزها غسّان بالفحم أو بتقنيات أخرى مثل قلم الرصاص والحبر فكثيرة، إذ كان ينشرها بمحاذاة النص القصصي أو القصيدة في النشرة الملحقة لصحيفة «المحرر» في ستينات القرن الماضي عندما كان يعمل في الصحيفة..إضافة لتصميم من الأسلاك جمع بين خارطة فلسطين وبندقية إبداعات كنفاني ولا تزال أعمال غسان كنفاني الأدبية التي كتبها بين عامي 1956 و1972 تحظى بأهمية متزايدة.. وظلّت أعماله خالدةً.. ومن بينها: مجموعة قصصية بعنوان موت سرير، نُشرت في عام 1961.. ومجموعة قصصية بعنوان أرض البرتقال الحزين، نُشرت في عام 1963.. ورواية رجال في الشمس، نُشرت في عام 1963.. مسرحية الباب.. مجموعة قصصية بعنوان عالم ليس لنا.. رواية ما تبقى لكم.. رواية القنديل الصغير.. رواية أم سعد 1969. ترك غسان كنفاني 18 كتابًا، إلى جانب مئات المقالات والدراسات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطينى، وفى أعقاب اغتياله تمت إعادة نشر جميع مؤلفاته، فى طبعات عديدة، وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت فى أربعة مجلدات، وترجمت معظم أعمال غسان الأدبية إلى سبع عشرة لغة ونشرت فى أكثر من 20 بلداً، وتم إخراج بعضها فى أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة، واثنتان من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين.
مشاركة :