في كلمة د. بندر العيبان أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف أكدت السعودية أن المجتمع الدولي أصبح معنيا أكثر من أي وقت مضى بمعالجة ظاهرة العنف والتعصب الديني والعرقي وانتشار التطرف والكراهية بين الأمم والشعوب، وأوضحت أهمية مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة، التي طرحت عام 2008، ابتداء من «مؤتمر مكة المكرمة» الذي أرسى قواعد الحوار ومجالاته، مرورا بمؤتمري «مدريد» و«نيويورك» اللذين قيّما التجارب السابقة لمسارات الحوار، وحتى «مؤتمر جنيف»، الذي ركّز على مفهوم القيم الإنسانية المشتركة بين الشعوب. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الدكتور بندر بن محمد العيبان رئيس هيئة حقوق الإنسان في السعودية، أمام مجلس حقوق الإنسان الذي يعقد جلسة رفيعة المستوى في دورته الثانية والعشرين بجنيف، وقال مخاطبا المؤتمر: «إن هذه الجهود توجت بافتتاح مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار في فيينا بتاريخ 26/ 11/ 2012م، الذي يهدف إلى نبذ التعصب وإشاعة ثقافة التسامح والتعايش واحترام التنوع الثقافي والديني، وتشجيع حوار إنساني هادف ومسؤول يستند إلى القواسم المشتركة، وتعميق روح التسامح والتفاهم واحترام الآخر». وجدد الدعوة إلى استصدار قرار أممي يجرم كل من يتعرض للأديان السماوية وللأنبياء والرسل، ووضع العقوبات الرادعة لمثل هذه الأعمال، وأكد الدور المهم والرئيسي لمجلس حقوق الإنسان في معالجة الحالات التي تنطوي على انتهاكات واسعة وممنهجة ضد شعوب بأكملها، مبينا أن الشعب الفلسطيني لا يزال يرزح تحت الاحتلال منذ أكثر من 6 عقود. كما جدد موقف بلاده الداعي إلى ضرورة تفعيل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وأن تستمر قرارات مجلس حقوق الإنسان المعبرة عن تطلعات الشعب الفلسطيني في تحقيق حريته، وتمكينه من حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ورفع الحصار الجائر عنه. وحول الوضع السوري، قال رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودي: «إن استمرار الحالة المأساوية للوضع في سوريا منذ عامين نتيجة لإمعان النظام السوري في استخدام آلة القتل والدمار ضد الشعب السوري، التي راح ضحيتها حتى الآن ما يقدر بأكثر من 90 ألف شخص، وتشريد مئات الآلاف، يمثل تحديا أخلاقيا وإنسانيا للمجتمع الدولي، وينتظر موقفا موحدا من مجلس الأمن يستجيب لتطلعات الشعب السوري، ويضع نهاية فورية لهذه الأزمة، مع تأكيد المملكة على أمن واستقرار سوريا ووحدتها الترابية والوطنية، وتقدير جهود وقرارات مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة». وأكد على دور القضاء في كفالة وحماية الحقوق والحريات المشروعة باعتباره سلطة مستقلة، واحترام أحكامه ومصادره الفقهية والقانونية التي يستند إليها، مفيدا بأن السعودية عززت ذلك، من خلال تطوير مرفق القضاء، وتكريس مبدأ استقلاله، وتعزيز مبادئ المحاكمات العادلة، وتعدد درجات التقاضي، وتعميق مبادئ التوفيق والمصالحة لحل النزاعات، ووضع مشروع قانون للتدابير غير الاحتجازية في العدالة الجنائية. وأضاف أن السعودية تعمل جاهدة على تعزيز حقوق الإنسان من خلال اتخاذ كثير من التدابير والمبادرات الكفيلة بضمان حقوق الإنسان، ومن ذلك إنشاء المؤسسات الوطنية، ووضع آليات للرقابة، وتنفيذ برامج لتنمية الوعي بحقوق الإنسان. وبين أن السعودية تمضي قدما في اتخاذ مزيد من الإجراءات، من أجل تعزيز مشاركة المرأة في مختلف المجالات، التي توجت مؤخرا بتمثيل المرأة في مجلس الشورى لأول مرة من خلال 30 سيدة من مجموع أعضائه الـ150، وتعديل نظام المجلس لضمان ألا يقل تمثيل المرأة فيه عن 20 في المائة من عدد مقاعده، وهي نسبة متقدمة، مقارنة بالمجالس التشريعية في عدد من دول العالم. وأكد سعي السعودية لاستثمار مواردها المالية والاقتصادية لصالح الإنسان بما يعزز مسيرة التنمية المحلية, حيث استأثرت قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والإسكان وصناديق التنمية المتخصصة بالنسبة الأكبر من ميزانية الدولة، مع استمرار دعم الاقتصاد العالمي من خلال انتهاج سياسة بترولية متوازنة، ودعم اقتصادات الدول، لدفع عجلة التنمية في هذه الدول، وكان آخرها مبادرة خادم الحرمين الشريفين في القمة العربية التنموية الثالثة في الرياض، الداعية لزيادة رؤوس أموال المؤسسات العربية المشتركة، بنسبة لا تقل عن 50 في المائة، بما يمكنها من المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية. وأوضح أن بلاده تستعد حاليا لتقديم تقريرها الوطني للدورة السابعة عشرة للفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل، التي ستعقد خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وقال: «كانت تجربتنا الوطنية للإعداد لهذا التقرير مثمرة، وأفضت لحوار فاعل حول حقوق الإنسان داخل الجهات الحكومية والمجتمع المدني، وساعدتنا في خلق وعي متزايد حول تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها».
مشاركة :