كيف نواجه استفزاز الشيطان؟.. حرق القرآن نموذجا

  • 7/8/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وأنا أتابع لقطات حرق القرآن الكريم من قبل بعض الحمقى، تذكرت جانبا من كلمة سابقة لسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله حين قال: «إننا نأمل أن يتوقف العالم عن ازدراء الأديان ومهاجمة الرموز الدينية والوطنية تحت شعار حرية التعبير؛ لأن ذلك سيخلق بيئة خصبة للتطرف والإرهاب». حقا ما قال، وهو ما حدث ويحدث للأسف؛ على أني سألت نفسي ما الذي سأعمله لو كنت أعيش في السويد أو في أي مكان في أوروبا، وشاهدت ذلك التعيس وهو يحرق القرآن الكريم، أو أولئك الحمقى وهم يركلون المصحف الشريف بأقدامهم؟ ناهيك عمن يسيء لنبينا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -. سؤال فتح أمامي سؤالا آخر وهو: من المستفيد من تأجيج الصراع بين الجالية المسلمة في السويد وباقي أفراد المجتمع المسيحي؟ وهل الأمر متعلق وحسب بالصهيونية اليهودية التي ليس في مصلحتها اندماج المسلمين في أوروبا؟ أم هناك مستفيدون آخرون؟ أشير إلى أن السويد وجاراتها من الدول الاسكندنافية يستشعرون حجم التواجد المسلم بين ظهرانيهم، ويدركون قوة الجالية المسلمة في المستقبل، في ظل قلة عدد أفراد العائلة الأوروبية في مقابل العائلة الوافدة، ولذلك بتنا نشهد ظاهرة مصادرة الأبناء من أسرهم بحجة حقوق الطفل واتهام والديهم بعدم قدرتهم على تربيتهم التربية السليمة، أو بعدم تمكينهم من القبول بحرية الرأي، وبالتالي فإن أي غضب عارم إزاء تدنيس المقدسات المسلمة سيعطي الجهات الرسمية فرصة لمصادرة الأبناء من حضن أبويهم بهدف تربيتهم، وهم في واقع الحال يريدون أن يغرسوا في وجدانهم ما يريدون ويرغبون وليس وفق ما عليه آباؤهم وأمهاتهم من دين وقيم وأخلاق، ورحم الله أبا العلاء المعري حين قال: وينشَأُ ناشِئُ الفِتيان منَّا على ما كانَ عوَّدَه أبُوه. على أن مستفيدا أصيلا يقف وراء كل ذلك وغيره، وهو الشيطان الرجيم الذي ليس في مصلحته أن يعيش الناس في سلام وأمان، وليس في صالحه أن يسود الوئام بين مختلف الأفكار والمذاهب والديانات، ولذلك أجده حاضرا في كل فعل منكر وخبيث، كما هو الحال في حادثة حرق المصحف الشريف، أو الإساءة لنبينا الكريم - صلى الله عليه وآله وسلم -، ناهيك عن دعمه الجلي لظاهرة الشذوذ، وحشده العالم لتأييد مجتمع الشواذ. وبالتالي فأمام هذا الوعي بحجم المشكلة وتبعاتها، ما الذي يجب أن يعمله المسلمون في تلك الأماكن؟ في قناعتي فإن أفضل عمل يمكن أن يقوم به المسلمون هو التجاهل أولا، والاستفادة من هكذا حدث للتعريف بقيم الإسلام وأخلاق نبينا عليه الصلاة والسلام. فحادثة كهذه تخولني كمواطن ومقيم مسلم أن أطلب من الجهات الرسمية وقتا ومساحة لأعلن فيه عن موقفي سلميا، وفي الوقت الذي يُحرَق فيه القرآن الكريم، ويُسب فيه نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - بحماية القانون، أصدح برأيي رافعا القرآن والإنجيل وحتى التوراة لأعلن للملأ بأن ديننا ونبينا يفرض علينا أن نحترم جميع الكتب المقدسة، وأن نؤمن بعيسى وموسى وجميع الأنبياء المرسلين، وأن نتفهم كل الأفكار والثقافات الأخرى. هكذا خطاب سيُركس الشيطان وأعوانه، وهكذا تفاعل إيجابي سيعيد للقرآن ولنبينا الأكرم حقه المهدور، وسيحفز الأوروبيين ليبحثوا أكثر في قيمنا الدينية، ويتجاوزوا ما روجه الغرب الصهيوني من أفكار خاطئة حول المسلمين، وما صنعته الاستخبارات (الغرب صهيونية) من نماذج مسلمة بشعة كداعش ومثيلاتها. علينا أن ندرك بأن جانبا كبيرا من صراعنا مع الآخر ناشئ عن أزمة خطاب بيننا وبينهم، كما علينا أن نفهم أطر وعي الآخرين ومنطلقاتهم، وأن نستوعب واجباتنا كمسلمين أولا، قبل أن ننجر إلى صراعات ما أمرنا الله بها، وصدق الله القائل في محكم كتابه {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}. في هذا السياق أشيد بخطاب معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد العيسى الذي ما فتئ يقدم خطابا تنويريا معتدلا في وقت تتداعى فيه النفوس إلى العنف، وتنجر فيه المجتمعات المسلمة في أوروبا إلى الصدام، وليت رابطة العالم الإسلامي تتبنى عقد ندوات في أوروبا للتعريف بالقرآن وقيمته؛ والمهم أن تتبنى ومعها منظمة التعاون الإسلامي إقرار مشروع أممي يفرض صيغة للتعايش العالمي، ويجرم أي تعد مسيء ضد الثوابت الدينية لكل أحد. zash113@

مشاركة :