طالما عرف الإنسان على مر العصور بأن هندامه وأناقته هما دليل على شخصيته وطريقة تفكيره ومكانته الاجتماعية.. ولكن كيف نقيم الرجل في وقت أصبح معه الجميع يلبسون ثيابا أنيقة.. أيعني هذا بأنهم جميعاً يتمتعون بنفس الشخصية وطريقة التفكير والمكانة الاجتماعية.. طبعاً لا.. لأن هناك فعلاً ما يميز الواحد منهم عن الآخر من خلال ملابسه وغترته. فالغترة تحكي قصة صاحبها ومقدار ثروته ونوع عمله وشخصيته ودرجة اعتزازه بنفسه.. كما أنها تدل على المكان الذي سيذهب إليه أو المكان الذي حضر منه!! كما أن درجة ارتياح الرجل أثناء لبسه لغترة تدل على المجتمع الذي تحدر منه. فالخليجي بصورة عامة والسعودي بصورة خاصة لهما طريقتهما وأسلوبهما المميز في «لبس الغترة»، بل كيفية وضعها، ففي بعض دول الخليج لا يهتمون كثيرا بوضعية «المرزام» وكيف يبدو تحت العقال فتجد الملايين يعتنون بوضعية المرزام أن يكون في الوسط أو كما يقول أهل الكرة في «السنتر» وهنا كمن يعكس وضعيته فيبدو مثل «المرزام» والبعض لا يهتم بهذه الطريقة أو تلك، فهو يضع الغترة كما يحب أن تكون، بل إن قد تحدث «هوشة» في بعض البيوت لعدم اهتمام العاملة المنزلية بكوي غتر البناء خاصة إذا كان لديهم مناسبة مهمة. وكم أعاد أحد الأبناء غترته لإعادة كويها من جديد مع الاهتمام والعناية بإبراز شكل وضعية المرزان المعكوس وأن يكون حاداً ومستقيماً. وكثيرون من الشباب يلبسون الغترة على مضض. وما زلت أذكر عندما كنا طلاباً في المدارس هناك من يضع الغترة على كتفه وليس على رأسه. وأنا شخصيا كنت لا أفضل الغترة عكس اهتمامي بالطاقية. واستمر الوضع لعدة سنوات حتى التحقت بالعمل الحكومي.. وفي العقود الأخيرة ومع تضاعف الدخل للمواطنين بات لدى البعض عديد من «الغتر» ولا أبالغ إذا قلت هناك من لديه من الغتر ما شاء الله وتبارك الله ما يكفي لأن يوزع على سكان حي بأكمله. وأعرف أحد المعارف يقوم بشراء 10 غتر من ماركة شهيرة كل 6 شهور وأخاف أذكر اسماءها فيمسح الزميل العزيز المراجع ما أكتبه. وبعض الأحبة من أبناء الخليج لا يهتمون كثيراً بوضعية الغترة وأن تكون تحت البشت. فهم يضعونها فوق البشت.. مما جعل بعضهم وبهذه الطريقة مثاراً للدهشة والتقدير والتميز عن غيره. وعلى الرغم من امتلاك المواطن العادي لعدد من الغتر إلا أنها في السنوات الأخيرة تضاعفت الأعداد مع منافسة الغترة الشماغ الأحمر. فصارت الحمراء تكاد تكونلغترة الأكثر انتشاراً تأسياً مع اهتمام سيدي ولي عهدنا المحبوب بالغترة الحمراء. والغترة فيما مضى وحتى اليوم نجدها تستعمل في بعض المواقف والحالات الإنسانية أشبه بمنديل. فأطرافها تستخدم لمسح الدموع أو حتى العرق. والغترة بنوعيها تعكس انتماء هذا الرجل أو ذاك إلى فريق الأثرياء أو متوسطي الحال أو حتى محدودي الدخل. فلا عجب أن شعار الشركة المنتجة المخاطة ضمن نسيجها سواء أكانت بيضاء أم حمراء يكشفها. وهذه هي الحياة ناس فوق وناس تحت. مع أن حياة كل واحد منا سوف يكون تحت.. نسيت أن أذكر أن هناك ألواناً مختلفة للغترة وليس فقط للونين الأبيض والأحمر فهناك شماغ أسود وأخضر وحتى أزرق. والأكثر انتشاراً في العراق والشام وفلسطين هو اللون الأسود ولكن بات اللون الأحمر الأكثر انتشار حتى على مستوى العالم. وماذا بعد باتت ماركات «الغتر» توثق جودة وتميز نوعيتها. بل وصلت إيرادات تجارتها لعشرات المليارات اللهم لا حسد. ومع تزايد المناسبات والاحتفالات تضاعف الإقبال على شراء الغتر البيضاء والحمراء وحتى البيضاء السادة. وبات تقديم «الغترة» كهدية ما بين أفراد الأسرة ظاهرة محببة.. ومن أجل العيد اشتريت غترة رائعة تحمل علامة وطنية نفخر بها «صنع في السعودية». ودام عزك يا وطن.
مشاركة :