لم ننس حين استدرج الداعشي سعد ابن عمه وصديق عمره الأعزل إلى منطقة نائية بالقرب من حائل فلا صوت هناك سوى صرخات المغدور به وصداها وهو يستنجد بابن عمه - القاتل - الذي قيده بالحبال ورفع عليه السلاح وأطلق أعيرته النارية بكل ثقة وجرأة فأرداه قتيلا وكانت آخر كلماته «تكفى يا سعد» كجملة تختزل مرحلة من العداء والانقياد والحمق واستباحة الدماء حتى لو كانت دماء واحدة ومن عرق واحد. آلمتنا الحادثة وآلمنا ذلك الشاب الهزيل البريء وهو يتعلق بقشة النخوة التي تلاشت بمجرد أن زرعت فكرة داعش في عقل سعد فجند على قتل من يقع بيده من أقربائه المرتدين، حسب مزاعم ذلك الفكر الخارجي وخصوصا الجنود ومن يعمل في السلك العسكري، والحال لا يختلف كثيرا عن قاتل أمه وقاتل خاله والقائمة تطول. استشهاد وكيل رقيب «بدر الرشيدي» الجندي في قوات الطوارئ في منطقة القصيم على يد ستة دواعش ثلاثة منهم أشقاء وجميعهم من أقاربه قبل ثلاثة أيام تعيد لنا مشهد تكفى يا سعد، ولكن المرعب أننا أمام منعطف خطير في تفخيخ العقول وسرعة برمجتها، وتغلغل هذا الفكر بخفة وخفاء، ولا تكمن خطورة حادثة الرشيدي يرحمه الله في التكتيك والغدر والخسة فقط بل الخطر الأكبر هو «كيف اتفقوا»؟ نعم ؛ كيف اتفق ستة أقارب على قتل ابن عمهم وكيف اتفقوا على القسوة ذاتها والوحشية ذاتها وما هذا الفكر الخبيث الذي جمعهم على الغدر والخسة وماذا ينتظرنا في قادم الأيام من هذا الكيان وصبيته المارقين؟ نحن نمر بمرحلة قاسية، مرحلة «تكفى يا سعد» تجسيد صارخ لمهازل الجريمة والقتل حين يطال أقرب الناس فيقدمون قرابين لكيان إرهابي شيطاني يستخدم الفاشلين اجتماعيا ليصنع منهم أبطالا أمام أنفسهم فيتوهمون أنهم فعلا شجعان سيلتقون بالحور العين لحظة تطاير أشلائهم فينعمون بحياة سرمدية من إشباع الغرائز فقط وكأن الجنة لا نعيم بها إلا تلبية الغرائز ولا أعلم هل أخبروا عن نار تتلظى لمن قتل نفسا بغير حق! كم من تكفى قيلت وستقال، وكم من أرواح ستزهق على أيد عابثة وعقول استهوتها لعبة الموت والتفجير والأحزمة الناسفة، وكم من الآلام يجب أن نتجرعها في قصص تعتصر لها قلوبنا حتى يتوقف هذا النزيف في شريان الوطن؟ بقي أن أقول: داعش كأفعى «الأناكوندا» تلتقف ما يقع أمام فكيها من فاشل ومتطرف ويائس ومضطرب وأحمق من شبابنا.. ثم تتقيأهم مجرمين مارقين لا هدف لهم إلا الدماء.. فهل أعددنا ما يليق بقطع دابر هذا العبث؟!
مشاركة :