على مدى عقود كان الزعيم الكوبي فيديل كاسترو هدفاً لوكالة الاستخبارات الأميركية التي اعتبرته خنجراً في خاصرة الولايات المتحدة المعادية للشيوعية والاشتراكية، بسبب انتشار أفكاره الثورية التي امتدت إلى دول عدة في قارتي أميركا الوسطى واللاتينية. ولمواجهة كاسترو حاولت الاستخبارات الأميركية مرات عدة اغتياله بشتى الوسائل منها المحاولة الشهيرة لاغتياله من طريق إرسال سيجار متفجر من النوع الذي يفضله كاسترو، ولكن الأمن الرئاسي الكوبي كان حذراً ولم يسمح بمرور أي شيء للرئيس من دون تدقيق وفحص، إضافة إلى أن الزعيم الكوبي كان أقلع عن التدخين نهائياً في ذلك الوقت. ونشر موقع أرشيف الأمن القومي الأميركي أخيراً، معلومات حول محاولة وكالة الاستخبارات الأميركية اغتيال كاسترو في العام 1963، من طريق إعطائه بدلة غوص تصيبه بمرض جلدي مزمن يقضي عليه. وذكر الموقع أن وكالة الاستخبارات الأميركية طلبت من المحامي المقرب من الزعيم الكوبي جيمس دونوفان، إجراء محادثات سرية مع كاسترو، إذ أراد مسؤولو الاستخبارت في ذلك الوقت استغلال العلاقة القوية بين الرجلين لمصلحتهم لتسهيل عملية الاغتيال. وأظهرت الوثائق أنه في أعقاب أزمة الصواريخ الكوبية، تشارك دونوفان وكاسترو في محادثات حول تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا، ووضع مسؤولو الاستخبارات خطة من دون علم دونوفان، قدّم المحامي بموجبها بدلة غوص أثناء تنزهه مع الزعيم الكوبي في شاطئ خليج الخنازير، ملوثة بنوع خاص من الفطريات هو (فطر القدم) والسل والبكتيريا، من شأنها إصابة كاسترو بمرض جلدي مزمن يتسبب بوفاته بعد فترة قصيرة. ووفقاً لأرشيف وكالة الاستخبارات المركزية السري الداخلي الذي نشر العام الماضي، لعبت الوكالة دوراً رئيساً في مهمة دونوفان إلى كوبا، التقى خلالها مديرها جون ماكوني سراً مع دونوفان مرات عدة، وأنشأ ماكوني خلالها قوة من الوكالة أطلق عليها اسم «موسى»، مهمتها «توفير الدعم السري لمحادثات دونوفان مع كاسترو»، وعيّنت أحد كبار أطباء وكالة ويدعى ميلان ميسكوفسكي ليكون المعالج الرئيس له. وحجب اسم من ميسكوفسكي من كتاب جون ماكوني، ولكن ظهر اسمه في كثير من سجلات وكالة الاستخبارات المركزية الأخرى التي رفعت عنها السرية، وقدمت الوكالة لدونوفان شفرة الاتصالات الهاتفية والنصوص عندما كان في كوبا وفلوريدا، وكان الاسم الرمزي لفيديل كاسترو «إري» ولتشي غيفارا كان «فولتون». وذكرت الوثيقة أن خطة الاستخبارات الأميركية بتقديم بدلة الغوص الملوّثة، لم يكتب لها النجاح، بعدما طالب الطبيب ميسكوفسكي دونوفان بالتحقق من البدلة إن كانت الاستخبارات قد عبثت بها. والتقى دونوفان مع كاسترو في العام 1963، وقدم بدلة الغوص وساعة، هدية للزعيم الكوبي، وربما جرى تغيير البدلة بعد تحذيرات الطبيب، لأن كاسترو قام بالغوص مرتدياً البدلة من دون أن يصاب بأي أذى. وأُنتج فيلم أميركي في العام 2015 عن حياة وقصة جيمس دونوفان حمل عنوان «بريدج أوف سبايسيز» (جسر الجواسيس)، جسّد فيه الممثل الأميركي توم هانكس شخصية دونوفان، ورشّح لأفضل فيلم وأفضل ممثل مساعد وأفضل سيناريو، وثلاث جوائز «أوسكار» في الحفل الذي جرى أمس في لوس أنجليس الأميركية.
مشاركة :