لا يخفى على كل ذي لب بأن الهدف الأسمى بشأن حجاج بيت الله الحرام لا يخرج عن ثلاثة عناصر مهمة تتمثل في أمنهم وسلامتهم وتمكينهم من أداء فريضة الحج وتكفلت بها السعودية على مدى تاريخها، ويتم الاعتماد في تحقيق هذه الأهداف على الكوادر البشرية على مدى سنوات مضت من خلال وضع الخطط والإشراف عليها وتنفيذها بدعم كامل من القيادة الرشيدة. ولم تكتف السعودية عند هذا الحد بل تحرص في كل موسم حج للاستفادة من التجارب السابقة والحرص على تطوير الخدمة بشكل مستمر وبدء الاستعدادات لموسم الحج المقبل والحرص كذلك على توظيف التقنية في تنفيذ المهام الأمنية والإنسانية بشكل مميز. حظيت في هذا العام شرف التواجد بالمشاعر المقدسة لرصد الخدمات المقدمة لضيوف بيت الله الحرام وفي الحقيقة ما تمت مشاهدته يدعو للفخر والاعتزاز حيث التطوير الشامل للخطط الأمنية والإنسانية. ولعل الأبرز في ذلك توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل لافت للنظر والذي ساهم في نجاح موسم الحج بطريقة مثالية واستفادت منها القطاعات الحكومية والخاصة من خلال توفير أعلى التجهيزات الرقمية المتعلقة بالبيانات والذكاء الاصطناعي والقدرات التقنية الاستشرافية لدعم الجهات الحكومية ومنها الجهات الأمنية مما أسهم في تأمين سلامة الحجاج وراحتهم وتسهيل تنقلهم والخدمات المقدمة إليهم، وذلك في إطار ما تقوم به وزارة الداخلية وقطاعاتها الأمنية المختلفة من مهام أمنية عالية المستوى لخدمة ضيوف الرحمن خلال الحج. وتم تسخير كافة الإمكانيات التقنية لخدمة قطاعات الدولة في مختلف المجالات ذات الصلة بضيوف الرحمن خلال الحج وذلك في إطار ما تحظى به من دعم من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله لتضطلع بدورها في النهوض بمجالي البيانات والذكاء الاصطناعي وتحفيز نموهما وتحقيق الاستفادة منهما. وما حدث خلال مناسك الحج هذا العام يجسد صورة مثلى لاستخدام التطبيقات الحديثة، ويعكس ما يدعو إليه الإسلام من اليسر والسعة والسماحة، إذ ومع إعلان رفع عدد المنضمين إلى قافلة الحجاج هذا العام والعودة لاستقبال آخرين من خارج المملكة، تبنت وزارة الحج السعودية النهج التقني السائد اليوم بغرض تسخير التكنولوجيا والاستثمار في تطبيقاتها لتيسير أداء مناسك الحج. عملية التكيف مع التكنولوجيا وتطبيقها في أداء مناسك الحج ليست وليدة اليوم، بل كانت تنمو وتتواءم مع كل تطور وحدث تكنولوجي جديد، ففي حج العام الماضي أطلقت وزارة الحج والعمرة بطاقة الشعائر الذكية التي تهدف إلى تسريع العمل وضمان أعلى النتائج من خلال مساعدة الحجيج في الوصول إلى غايتهم وكذلك المنظمين في متابعتهم وإرشادهم وضبط وتنظيم العملية بكاملها. بلا شك أن ذلك يأتي الى تحقيق تجربة موسم حج استثنائي، حيث سخرت التكنولوجيا لتحقيق التطلعات، ووجود شبكة ذكية وكاميرات تحليل ذكية لتنظيم وإدارة الطرق وحركة الحجاج، وكذلك تمكين رحلة حج ميسرة يضفي عليها الشعور بالطمأنينة والسكينة، ولن يتوقف ذلك عند هذا الحد بل سيستمر حتى عنان السماء، حفظ الله أمننا وبلادنا من كل مكروه.
مشاركة :