فرض هيبة الدولة يطغى على الحسابات القبلية في مصر

  • 7/14/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كثيرا ما تتوتر الأوضاع بشكل سريع بين رجال الأمن والمواطنين المصريين ويتخذ ذلك بعدا قبليا وعشائريا، ما يتطلب التعامل معه تعاملا حازما وفوريا كي لا تخرج الأوضاع عن السيطرة، لكن تدخلات الشرطة كثيرا ما تصطدم بالاحتجاجات الشعبية والتنديد الحقوقي. القاهرة - فرضت أجهزة الأمن المصرية الهدوء على كافة أرجاء محافظة مرسى مطروح القريبة من الحدود الليبية عقب محاولات لإثارة فوضى بعد احتجاج العشرات من أبناء بعض القبائل الموجودة هناك بسبب مقتل شاب على يد ضابط شرطة أثناء محاولة الأخير القبض عليه بتهمة تهريب عدد من السيارات. وتعاملت الأجهزة الأمنية المصرية بحزم كي لا تترك الأوضاع عرضة للمزايدات السياسية، واتخذت إجراءات تضمن الوصول إلى الجناة ومنع دخول البعض من أبناء القبائل في مناوشات، ومواجهة الأمر بالصرامة اللازمة كأحد مسارات تطبيق القانون على الجميع، فهيبة الدولة أهم من أي حسابات قبلية ضيقة. ولقي الشاب فرحات المحفوظي (35 عاماً) مصرعه الثلاثاء الماضي أثناء حملة أمنية قام بها قسم شرطة براني التابع لمركز سيدي براني التابع لمحافظة مرسى مطروح، للقبض على مجموعة من المتهمين بتهريب سيارات محتفظ بها لدى قوات الشرطة، وتعمد الشاب الهرب وحاول ضابط الشرطة إيقافه. وأثار الحادث حالة من الغضب لدى أبناء قبلية “أولاد علي” الممتدة بين مصر وليبيا وينتمي الشاب إلى أحد فروعها، وأسهم في إثارة قطاع من الرأي العام بالمحافظة بعد أن انتشرت شائعات حول ما جرى، واهتمت مواقع التواصل الاجتماعي بالحادث وبثت تجمع العشرات من المحتجين أمام قسم شرطة براني بزعم أن ضابط الشرطة تعمد قتل الشاب. أيمن نصري: أجهزة الدولة قامت بدورها لضبط الأمن في محافظة حدودية أيمن نصري: أجهزة الدولة قامت بدورها لضبط الأمن في محافظة حدودية ولم تصدر وزارة الداخلية المصرية موقفا رسميا من الواقعة (حتى منتصف يوم الخميس)، ما قاد إلى النفخ في الأزمة والتظاهر بالقرب من قسم براني. وقام عدد من الأهالي الأربعاء بقطع الطريق الواصل بين محافظة مرسى مطروح، الواقعة على ساحل البحر المتوسط، ومدينتي بورسعيد شرقا والسلوم غربا. وكشف مصدر أمني لـ”العرب” أن “قوات الشرطة استخدمت حقها القانوني في التعامل مع قضية إجرامية استهدفت المساس بالأمن، مع رصد وصول أشخاص لديهم سجلات إجرامية وشكلوا مافيا للهجرة غير الشرعية وتهريب مواطنين إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا”. وأضاف المصدر ذاته أن “أجهزة الأمن لم تتخذ إجراءات غير طبيعية وحاولت ضبط الأوضاع وإجراء تحقيق في الواقعة وضمان تخفيف الضغط عن الأجهزة الشرطية في المنطقة لتحقيق هدف رئيسي يتمثل في الحفاظ على صورتها وهيبتها، وأن دخول قوات الجيش ساعد في قطع الطريق على جهات معادية حاولت تأليب الناس على أجهزة الدولة”. ونشطت اللجان الإلكترونية التابعة لتنظيم الإخوان بشكل مكثف لتوجيه الاتهامات إلى جهاز الشرطة واتهام أحد أفراده بالتورط في انتهاكات بشأن الواقعة المرتكبة، وروجت لشائعات حول وفاة الشاب داخل قسم الشرطة وليس خارجه، لحصد التعاطف معها. وما زاد الأمر سخونة أن قوات الأمن في مرسى مطروح قامت بتوسيع دائرة الاشتباه مؤخرا لضبط مطلوبين على ذمة قضايا تهريب مواطنين إلى الخارج بهدف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، حيث تريد القاهرة تأكيد مصداقيتها في مكافحة هذا النوع من الهجرات، والذي زاد مؤخرا ويمكن أن يحرج الحكومة سياسيا وأمنيا بعد تمكنها خلال السنوات الماضية من إحكام سيطرتها على منافذ الهجرة غير الشرعية. وقال رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان أيمن نصري إن “أجهزة الدولة الرسمية قامت بدورها لضبط الأمن في محافظة حدودية، وضابط الشرطة استخدم سلاحه عندما شعر بأن حياته مهددة بالخطر، ومهمته قد تكون مواجهة أفراد متهمين، وقراره كان بمعزل عن أي حسابات قبلية”. وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “قوات الشرطة عليها البحث عن أدوات أخرى يمكن استخدامها كبديل للرصاص الحي، وهناك أجهزة الصاعق الكهربائي المتطورة التي تقوم بدور مهم في شل حركة المتهمين دون أن تقضي على حياتهم، كما أن استخدام الرصاص يكون دائما في مناطق الأطراف، لأن الوضعية التي كان عليها الضابط أثناء الحملة الأمنية هي للقبض على مطلوبين ومشتبه بهم في ارتكاب جريمة جنائية”. وشدد نصري على أن سلوك الشرطة في الواقعة يبدو منطقيا، فلو فشلت في فرض الأمن لكان من المتوقع تكرار حوادث التجمهر ولتزايدت الفوضى في المكان، خاصة أن مرسى مطروح منطقة حدودية ولها ظهير صحراوي كبير قريب من ليبيا التي تعاني فوضى أمنية. والمطلوب من الأجهزة الأمنية في مصر هو مواجهة المتطرفين والإرهابيين بحزم، ومواجهة كل محاولات تهريب المخدرات والسلاح والبشر، وذلك ضمن واجباتها التي تحتم عليها أيضا مجابهة الهجرة غير الشرعية من داخل حدودها. اقرأ أيضا: • هدم الثقة بين الجيش والشعب في مصر وتعددت عمليات تهريب البشر عبر الحدود المصرية – الليبية التي تصل إلى نحو 1200 كيلومتر، ما ينعكس على توالي حالات ضبط المراكب غير الشرعية المتجهة إلى سواحل أوروبا، والتي تحمل مواطنين من جنسيات مختلفة، من بينهم مصريون. وتعلن السلطات الأمنية في محافظة مرسى مطروح من حين إلى آخر القبض على مجموعات تتورط في عمليات التهريب، وأصدرت محاكم الجنايات هناك أحكاما تقضي بسجن البعض بتهمة الاتجار بالبشر وتهريب المواطنين إلى الأراضي الليبية. وذكر نصري في تصريح لـ”العرب” أن “مشكلة حادثة مرسى مطروح تكمن في أن الصورة الذهنية عن الشرطة مشوهة عمدا وتتمثل في أن عناصرها يتعاملون مع المتهمين أحيانا بعنف مفرط، وهذه الصورة قامت بعض مواقع التواصل الاجتماعي بتعزيزها على خلفية هذه الحادثة ما جعل ضابط الشرطة متهما وهو في موقف دفاع عن النفس». ويشير متابعون إلى أن جهاز الأمن المصري لديه خبرة في التعامل مع المجتمعات القبلية، وأن النجاحات التي تحققت في سيناء شرقا، بالتعاون والتنسيق مع قوات الجيش، كانت البوابة الرئيسية للتوصل إلى طريقة رشيدة في التعامل مع المجتمع القبلي هناك وإحداث توازن بين فرض هيبة الدولة والاستجابة لمطالب الأهالي وتطويعهم لخدمة قوات الأمن والإسراع في عملية التنمية والإعلاء من قيمة المواطنة هناك. ويؤكد هؤلاء المتابعون أن الوضع ذاته يجب أن يتكرر في المجتمعات القبلية داخل المحافظات الواقعة على الحدود الغربية والجنوبية، وهي بحاجة إلى خطط ذات أبعاد تنموية ونفسية طويلة المدى تمكن من تعزيز الثقة في جميع عناصر أجهزة الأمن.

مشاركة :