ارتبط اسم دبي بسعيها الدؤوب نحو الريادة في شتى القطاعات؛ فبعد أن نجحت في ترسيخ مكانتها كمركز محوري ونقطة وصل رئيسية لحركة التجارة العالمية، انطلقت في مسيرة تطويرية حدّدت لها قيادتها الرشيدة هدفاً لم تحِد عنه منذ البداية وهو بلوغ قمة مؤشرات التنافسية العالمية في مختلف المجالات، لتنطلق مشاريع ومبادرات اشتركت جميعها في عنوان واحد وهو "الإبداع" فكانت دبي الأرض الحاضنة والمحفزة لأفكارهم، والمشجعة لهم على ارتقاء أعلى مراتب التميز. وكذلك أوجدت دبي نموذجا فريداً وناجحاً للشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، فكانت تلك الشراكة من أهم عوامل النجاح التي مكّنت دبي من اختصار الزمن بإصرار على ألا تنتظر المستقبل الذي تريده لنفسها بل تبادر من الآن لصناعته كما تتصوره وتقوم اليوم بتنفيذه، في حين لم تكن تلك الشراكة لتصل إلى ما هي عليه الآن من تميّز لولا تكامل جنبات منظومة العمل في الإمارة في إطار واضح من التشريعات التي أسهمت في خلق البيئة الخصبة لنمو وازدهار شتى القطاعات التنموية. وفي هذا السياق، يقول أحمد سعيد بن مسحار، الأمين العام للجنة العليا للتشريعات في دبي "تواصل اللجنة العليا للتشريعات بتوجيهات وقيادة سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية رئيس اللجنة العليا للتشريعات في إمارة دبي، والتي تأسست في العام 2014، تحقيق مزيد من النجاحات التي تسهم في دفع قاطرة التطور التشريعي في إمارة دبي، وتأكيد مكانتها العالمية ودعم ازدهارها وتقدمها". ويستطرد قائلاً: "إن الحوكمة الرشيدة والأطر التنظيمية الواضحة كانت دائماً حاضرة في مسيرة دبي التنموية، إذ حرصت القيادة الحكيمة أن تكون هذه المسيرة الطموحة محمية بسياج قوي وراسخ من التشريعات والأطر التنظيمية التي تشكّل فيما بينها البيئة الآمنة التي تكفل لجميع أشكال التنمية أن تمضي في طريقها دون معوقات تحدّ من سرعتها أو تعطلها عن مستهدفاتها التي حشدت في سبيلها كل الإمكانات ليس فقط لتحويل دبي إلى المدينة النموذج للمستقبل بل المساهمة في صُنعِه". ويضيف موضحاً: "كان لهذه المنظومة التشريعية المتكاملة والمتطورة أثرها في تعزيز تطور دبي السريع لتصبح أحد أهم مراكز الاستثمار والأعمال والابتكار والتكنولوجيا، وعلى مدار عقود، جرى العمل بتوجيهات ومتابعة وتشجيع القيادة الرشيدة وبتضافر جهود الجهات المعنية على بناء نظام قانوني واضح وشفاف يحفز على الابتكار ويدعم الشركات الناشئة والمشاريع الريادية والأفكار الخلاقة لتنمو وتزدهر، ويمكّن مؤسسات الأعمال الكبرى، المحلية والعالمية، من التوسّع والنمو انطلاقاً من بيئة تنعم بأعلى مستويات الأمان والاستقرار والشفافية. منطقة حرة للتكنولوجيا والإعلام وفي إطار التشريعات التي كان لها كبير الأثر في ترسيخ مكانة دبي كمركز رئيس للابتكار والتكنولوجيا، كانت البداية مبكرة مع إصدار قانون "منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام" وكان أول قانون يعتمد لها في دبي لسنة 2000، حيث كان يهدف هذا القانون إلى وضع الإستراتيجيات والسياسات وطرق تنفيذها بهدف جعل دبي مركزاً للقطاعات الثلاثة التي شملها اسم المنطقة الحرة، وحدّد القانون مهام المنطقة الحرة الجديدة من نوعها في المنطقة، وفي مقدمتها توفير البنية التحتية والخدمات اللازمة لدعم الأنشطة المتضمنة في المنطقة الحرة، وتنظيم الأعمال والأنشطة في نطاقها، وتوفير خدمات الاتصالات والإنترنت، وتوثيق مواقع الإنترنت والتجارة الإلكترونية ووضع الشروط اللازمة وتنظيم التجارة والمعاملات بين مؤسسات المنطقة الحرة وأية جهات خارجها، حيث تتولى سلطة دبي للتطوير حالياً استكمال مسيرة النجاح وفقاً للقانون رقم (15) لسنة 2014 بشأن سلطة دبي للتطوير. وفي العام 2002، صدر أول قانون في المنطقة يعنى بالمعاملات والتجارة الإلكترونية، وتضمّن هذا القانون جملة من الأهداف المواكبة للتطور السريع في هذا المجال، ومن أهمها إزالة العوائق أمام التجارة الإلكترونية وتعزيز تطور البنية التحتية التشريعية والتجارية لتطبيق هذه التجارة بصورة مضمونة، وتسهيل نقل المستندات الإلكترونية إلى الجهات الحكومية وتعزيز توفير خدمات هذه الجهات إلكترونياً بكفاءة، وإيجاد بيئة آمنة تحد من فرص الاحتيال، وإرساء مبادئ موحّدة للقواعد واللوائح والمعايير المتعلقة بتوثيق وسلامة المراسلات الإلكترونية، والمساهمة في تنمية التجارة الإلكترونية. الأمن الإلكتروني وجاء القانون رقم (11) لسنة 2014 بإنشاء مركز دبي للأمن الإلكتروني ليزيد من الشعور بالطمأنينة لممارسة الأعمال في الفضاء الرقمي بما توفره دبي من مؤسسات وأطر تنفيذية هدفها تحقيق مقومات الأمان الكاملة لتلك الأعمال، حيث خوّل القانون المركز بوضع وتنفيذ سياسة الإمارة في مجال أمن المعلومات الحكومية، والمعايير الكفيلة بتوفير الأمن الإلكتروني في دبي والإشراف على تنفيذها، والتأكد من فاعلية أنظمة أمن شبكة الاتصالات والمعلومات لدى الجهات الحكومية في الإمارة، علاوة على مكافحة جرائم تقنية المعلومات على اختلاف أنواعها. وفي العام 2015، صدر قانون تنظيم نشر وتبادُل البيانات في إمارة دبي، لتحقيق جملة من الأهداف المهمة من أبرزها تمكين الجهود الرامية لجعل دبي مدينة ذكية، وإدارة بيانات دبي وفق منهجية واعية ومحددة، تتفق مع أفضل الممارسات العالمية، لدعم عملية اتخاذ القرار في الجهات الحكومية، وتحقيق التكامل والتناغم بين الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، علاوة على تعزيز الشفافية وإرساء قواعد الحوكمة بشأن نشر وتبادل البيانات، وزيادة كفاءة خدمات الجهات الحكومية من حيث الجودة والسرعة والدقة وتبسيط الإجراءات وخفض كلفة التشغيل. أُطر مؤسسية ومع تواصل عملية التطوير التشريعي وحرصاً على اكتمال بناء المنظومة القانونية المواكبة لسرعة عمليات التطوير الجارية في دبي، صدر في العام التالي وتحديداً في 2016، قانون إنشاء مُؤسّسة بيانات دبي لتعزيز مكانة الإمارة في مجال نشر وتبادل البيانات، والمساهمة في بناء قاعدة معرفة وبيانات تستفيد منها الجهات الحكومية والقطاع الخاص ضمن إطار مؤسسي. وكان إصدار قانون إنشاء مؤسسة حكومة دبي الذكية في العام 2015، بمثابة نقلة نوعية مهمة في مسيرة التحوّل الرقمي في دبي ببناء جسر جديد تعبر به إلى الهدف الذي حدده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في العام 2013، بتحويل دبي إلى "مدينة ذكية"، لتكون المؤسسة مساهمة في بناء مجتمع المعرفة، ودعم توجه القطاع الحكومي في مجال التحوّل الذكي، وتقديم خدمات ذكية إبداعية بالاعتماد على كوادر مؤهلة وإجراءات عمل وأنظمة تقنية متطورة، وفق أفضل المعايير والممارسات العالمية. ومع إصدار القانون رقم (1) لسنة 2021 بإنشاء هيئة دبي الرقمية أُضيفت لَبِنة جديدة في البناء التشريعي المتطور الذي أرست أسسه دبي، لتكون دائماً مستعدة بتشريعات تعمل في إطارها مؤسسات تسابق من خلالها دبي عقارب الساعة في مضمار التنمية التي تركز في جوهرها على الارتقاء بجودة حياة الإنسان وتسعى لتسخير معطيات العصر في خدمته وتلبية احتياجاته. وفي سبيل تمكين الهيئة من تحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها وفي مقدمتها دعم جهود الإمارة في مجال التحول الذكي والرقمي، وإيجاد بيئة رقمية آمنة، ودعم عملية صناعة القرار وقياس الأداء الإستراتيجي للتحول الذكي، فقد نص قانون الهيئة رقم (1) لسنة 2021 على إلحاق عدد من الجهات الحكومية في الإمارة بالهيئة، وهي كل من مؤسسة حكومة دبي الذكية ومؤسسة بيانات دبي ومركز دبي للأمن الإلكتروني ومركز دبي للإحصاء، وذلك لضمان تكاتف جهود تلك الجهات الأربع في تحقيق رؤية القيادة الرشيدة الرامية إلى جعل دبي المدينة الرائدة عالمياً في مجال الاقتصاد الرقمي، وضمان شمولية التحول الرقمي لتصبح دبي عاصمة رقمية عالمية. وفي ضوء مواصلة دبي تعزيز جودة خدماتها الرقمية وتطوير هيكلها القانوني المواكب لسرعة توجهها نحو البيئة الرقمية، والتي تسعى أن تكون سبباً في راحة وسعادة كل مواطن ومقيم وزائر في دبي، تم إصدار القانون رقم (9) لسنة 2022 بشأن تنظيم تقديم الخدمات الرقمية في إمارة دبي، حيث أورد القانون بصورة مُفصّلة القواعد والضوابط والمعايير المتعلقة بتقديم تلك الخدمات، فيما حدد كذلك التزامات ومسؤوليات المتعامل الساعي للحصول على الخدمات الرقمية في دبي، ليضع القانون بذلك إطاراً واضحاً للعلاقة بين مُقدّم الخدمة الرقمية والمستفيد منها. الهيئة المستقلة والمتخصصة الوحيدة في العالم للأصول الافتراضية في العام 2022، أطلقت دبي "سلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية" وهي الهيئة المستقلة والمتخصصة الوحيدة في العالم في هذا المجال، بهدف توفير إطار عمل آمن ومتطور لتمكين قطاع الأصول الافتراضية من التوسّع، وضمان حماية السوق والمستثمرين وتسريع الاقتصاد الرقمي. وتأسست السلطة وفقًا للقانون رقم 4 لسنة 2022 الخاص بتنظيم الأصول الافتراضية في إمارة دبي، لتتولى مسؤولية تنظيم الأصول الافتراضية وأنشطتها في دبي، حيث تضطلع السلطة بدور رئيس في تطوير المعايير الدولية لحوكمة الأصول الافتراضية. وفي فبراير 2023، أصدرت سلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية اللوائح التنظيمية للأصول الافتراضية والأنشطة ذات الصلة لتحدد إطار عمل شامل للأصول الافتراضية مبني على مبادئ الاستدامة الاقتصادية والأمن المالي عبر الحدود وتم تصميم إطار عمل الأصول الافتراضية بشكل يوفر اليقين التنظيمي ووضوحاً أكبر في السوق، وذلك دعماً لأهداف أجندة دبي الاقتصادية D33 الرامية إلى جعل دبي عاصمة للاقتصاد المستقبلي. البيئة الذكية ومع مسارعة الإمارة الخطى لتكون أذكى مدن العالم، تمكنت من الحفاظ على موقعها ضمن الـ20 الكبار عالمياً على مؤشر المدن الذكية 2023 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في مدينة لوزان السويسرية، وذلك للعام الرابع على التوالي. ويشكل قطاع التنقل الذكي في دبي أحد القطاعات التي تشهد تطوراً متسارعاً، فيما تهدف إستراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة إلى تحويل 25 في المائة من إجمالي وسائل النقل في دبي لذاتية القيادة بحلول عام 2030 . من ثم، كان إصدار القانون رقم (9) لسنة 2023 بشأن تنظيم تشغيل المركبات ذاتية القيادة في دبي بمثابة خطوة استباقية من شأنها الاستعداد لاستخدام هذا الشكل الجديد من أشكال التنقل الصديقة أيضاً للبيئة، والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، حيث خول القانون هيئة الطرق والمواصلات في دبي اختصاصات عدة كونها جهة الاختصاص الأولى، ومن أهمها وضع السياسات والخطط الإستراتيجية لرفع كفاءة تطوير وتشغيل المركبات ذاتية القيادة، فيما جاء القانون على درجة كبيرة من التفصيل والوضوح ليضع هذه التكنولوجيا الجديدة في إطارها القانوني الصحيح الذي يكفل حماية أمن وسلامة مستخدميها ويحدد حقوق ومسؤوليات الأطراف ذات الصلة. ¬ومن خلال استعراض هذا التطور السريع في استحداث التشريعات المواكبة للمتغيرات العالمية المحيطة والمتعلقة بالتحوّل الرقمي وتبنّي نموذج الحياة الذكية، يتضح مدى نضج البيئة القانونية في دبي واكتمال بنيانها التشريعي الراسخ والذي يتمتع بقدر كبير من المرونة بما يخدم المصلحة العامة، دون إغفال لمراعاة حقوق الناس في مدينة تعلي كلمة القانون وتجعل من أحكامه درعاً يحميها من المخاطر ويمكنها من مواصلة الطريق نحو غد حافل بالفرص للجميع. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :