تونس - وقعت تونس والاتحاد الأوروبي اليوم الأحد مذكرة التفاهم المتعلقة بمكافحة الهجرة، وفق ما أعلنته الرئاسة التونسية، إثر لقاء الوفد الأوروبي المكوّن من رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ونظيرها الهولندي مارك روته مع الرئيس التونسي قيس سعيد. وتتضمن الشراكة اتفاقيات بشأن تعطيل نموذج عمل مهربي البشر والمتاجرين بهم وتعزيز مراقبة الحدود وتحسين إجراءات التسجيل والعودة وجميع التدابير الأساسية لتعزيز جهود وقف الهجرة غير النظامية. وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني الجمعة إنه "سيتم الأحد التوقيع على اتفاق بين المفوضية الأوروبية وتونس لمبادرة دعم من قبل الاتحاد الأوروبي"، وفق وكالة "آكي" الإيطالية. وتابع تاياني أن هذه الخطوة تأتي تتويجا لمساعي روما، مضيفا أن بلاده بذلت جهودا كبيرة للتوصل إلى حلول توافقية بين الجانب الأوروبي والسلطات التونسية، قائلا "الاتفاقية في صيغتها النهاية نص يشاطره الجميع، لذلك نحن نسير في الاتجاه الصحيح ويمكننا بلوغ الهدف الذي عملت إيطاليا بجد مع حكومتها كاملة من أجله". وكشف أن البروتوكل هو "التزام مالي يندرج ضمن الإستراتيجية الأوروبية التي ستؤهل تونس على مواجهة الإصلاحات الضرورية بهدوء أكبر لتكون رائدة في مجال مكافحة المتاجرين بالبشر وأن تكون قادرة على النمو وتمتلك وضعا أقل تعقيدًا من الظرف الحالي". وقدم الوفد الأوروبي خلال زيارته إلى تونس في 11 يونيو/حزيران الماضي عرضا لشراكة مع البلد شمال الأفريقي يتضمن مساعدة مالية تتجاوز المليار يورو، بالإضافة إلى أخرى بنحو 150 مليون يورو تصرف بشكل فوري في الموازنة التونسية، إلى جانب تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون في مجال الطاقة النظيفة. وتهدف الاتفاقية إلى كبح تدفق المهاجرين من تونس نحو السواحل الأوروبية ومكافحة المهربين وتسهيل عودة عدد من التونسيين المتواجدين في أوروبا بطريقة غير قانونية إلى تونس. وقالت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس الجمعة إن "روما لعبت دورا مركزيا للتوصل إلى اتفاق مع تونس ونحن ممتنون لها"، وفق وكالة "نوفا" الإيطالية. وتقود روما منذ مدة جهودا دولية لحث شركائها الأوروبيين على تقديم دعم مالي لتونس بهدف مساعدتها على مواجهة أزمتها الاقتصادية، مدفوعة بمخاوف من انهيار الأوضاع بما يؤدي إلى مزيد تدفق المهاجرين من تونس على سواحلها. وترتبط المساعدة الأوروبية بمفاوضات متعثرة بين صندوق النقد الدولي وتونس لمنح الأخيرة قرضا مشروطا بقيمة ملياري دولار، فيما أكد وزير الخارجية التونسي نبيل عمار منذ أسبوع أنه لا يمكن الحصول على قرض من هذا القبيل. بدوره شدد قيس سعيد مرارا على رفضه التام لشرط النقد الدولي المتعلق بخفض الدعم عن المواد الأساسية، معتبرا أن السلم الأهلي لتونس خط أحمر. وخفّضت الدول الأوروبية من ضغوطها التي مارستها على تونس لدفعها إلى تسريع اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، فيما تستعد السلطات التونسية للإعلان عن اقتراحات جديدة لعرضها على الجهة الدولية المانحة، وفق ما كشفه مؤخرا مسؤول حكومي. وتسجّل تونس بانتظام محاولات هجرة لأشخاص يتحدر غالبيتهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء في اتجاه أوروبا. ويستخدم معظم هؤلاء الممر البحري من الشواطئ التونسية نحو القارة مستغلين قرب المسافة التي لا تتجاوز في بعض النقاط 150 كلم بين تونس وجزيرة لامبيدوزوا الإيطالية. وكشفت آخر بيانات لوزارة الداخلية الإيطالية وصول ما مجموعه 34761 شخصًا إلى إيطاليا عبر مراكب غادرت السواحل التونسية من بداية العام حتى 4 يوليو/تموز. ويتمسك الرئيس التونسي، الذي يرفض تحويل تونس إلى شرطي حدود أو محتشد للمهاجرين، بمقاربته في مكافحة الهجرة غير القانوينة التي تقوم على ضرورة اعتماد معالجة جديدة، مشددا على أن "الحلّ لا يمكن أن يقتصر على الجوانب الأمنية التقليدية التي أثبتت التجارب حدودها"، داعيا إلى "القضاء على أسباب هذه الظاهرة".
مشاركة :