تعليق: خطوة أخرى لإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى المسار الصحيح

  • 7/16/2023
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

تمثل التفاعلات المتكررة رفيعة المستوى أحدث الخطوات نحو تحقيق انفراجة بين الصين والولايات المتحدة. فقد التقى مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وانغ يي يوم الخميس وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في جاكرتا، وهو ثاني لقاء لهما خلال شهر واحد فقط. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قامت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين بزيارة لبكين. خلال العام الماضي في بالي، توصل رئيسا الدولتين إلى إجماع حدد اتجاه العلاقات الصينية الأمريكية. بيد أن العلاقات الثنائية انحرفت عن مسارها، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سلسلة من الأقوال والأفعال الخاطئة من جانب واشنطن ضد الصين. لكي يصبح العالم أفضل، فإن العلاقات الصينية الأمريكية لا تتحمل مزيدا من التراجع. وتأمل الصين، من خلال استقبالها بلينكن ويلين، في أن تعمل واشنطن مع بكين لترجمة التفاهمات المشتركة التي توصل إليها الرئيسان إلى إجراءات ملموسة، لإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى المسار الصحيح. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، يحتاج البلدان إلى إدارة الخلافات على النحو الصحيح وعدم التأثر بأي نوع من أنواع التشتيت حتى يتسنى لهما تهيئة ظروف مواتية لتحقيق الاستقرار في علاقاتهما. وينبغي على كل منهما توخي الحذر من أحداث "وحيد القرن الرمادي"، التي قد يكون لها تأثير تخريبي على العلاقات الثنائية، والتعامل مع أحداث "البجعة السوداء" بشكل صحيح لضمان عدم تطورها إلى تحديات جديدة. وينبغي على الجانب الأمريكي أن يحترم المصالح الأساسية للصين احتراما تاما، ويمتنع عن التدخل غير المبرر في الشؤون الداخلية للصين وانتهاك سيادة الصين وسلامة أراضيها، ويكف عن محاولات قمع واحتواء الصين في التجارة والتكنولوجيا، ويرفع العقوبات غير المبررة وغير المعقولة المفروضة على الصين. إن الأمر الأكثر إلحاحا يتمثل في ضرورة العمل بشكل مشترك على استكشاف ووضع مبادئ توجيهية أو أطر إستراتيجية للعلاقات الصينية الأمريكية. فبكين تأمل دائما في علاقات سليمة ومستقرة بين الصين والولايات المتحدة، وتثق بأن الجانبين يمكنهما التغلب على جميع العقبات، وإيجاد الطريق الصحيح لتحقيق الوفاق بينهما على أساس مبادئ الاحترام المتبادل، والتعايش السلمي، والتعاون القائم على الكسب المشترك. ولتحقيق استقرار العلاقات الصينية الأمريكية وتحسينها، تحتاج أمريكا إلى التفكير مليا في الأمر الذي دفع العلاقات إلى دوامة هبوطية، وترجمة إجماع بالي إلى إجراءات ملموسة وتنفيذ تلك التعهدات التي قطعها الرئيس الأمريكي جو بايدن على نفسه. فقد قدم بايدن تعهدات متعددة بأن الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة مع الصين، وأنها لا تهدف إلى تغيير النظام في الصين، وأن تنشيط تحالفها لا يستهدف الصين، وأن الولايات المتحدة لا تدعم "استقلال تايوان"، وأنها لا تعتزم السعي إلى صراع مع الصين. ويبقى أن نرى ما إذا كانت واشنطن ستفي بتعهداتها. من جانبه قال ليو يا وي، مدير برنامج الصين في مركز كارتر، إن الأمر يرجع إلى الولايات المتحدة فيما إذا كانت العلاقات الثنائية يمكن أن تتحسن. تدل التفاعلات رفيعة المستوى التي جرت مؤخرا على أن الجانبين يطمحان إلى تحقيق انفراجة. ومن الضروري الحفاظ على هذا الزخم، والإخلاص شرط أساسي للتواصل البناء. في هذا الصدد، ذكرت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) أن زيارة يلين ساعدت الجهود الهشة للجانبين على مواصلة الحوار، ولكنها حذرت من أن "الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك من شأنه أن يختبر قدرة واشنطن وبكين على مقاومة الإجراءات الانتقامية". إن التعايش السلمي بين أكبر اقتصادين في العالم أمر بالغ الأهمية لمستقبل البشرية ومصيرها. وقد أظهرت الصين دائما قدرا كافيا من الإخلاص في السعي إلى الحوار لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، التي تقف عند مفترق طرق. وما زال الأمل قائما، وخاصة مع الزيارة المرتقبة للمبعوث الأمريكي لشؤون المناخ جون كيري وزيارة محتملة لوزيرة التجارة الأمريكية جينا رايموندو، في عودة العلاقات الثنائية إلى المسار الصحيح. ولكن إذا ما أصرت واشنطن على ممارسة الحيلة القديمة المتمثلة في التعامل بوجهين، أو حتى أصبحت أكثر إصرارا على احتواء الصين، فمن المرجح أن تسقط العلاقات الصينية الأمريكية في دوامة من المواجهات والصراعات.

مشاركة :