الوزير طلع حرامي

  • 12/30/2013
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في 9 كانون الثاني (يناير) 2012 كتبت مقالة عنوانها "الحلم التركي"، انتقدت فيها تصريحات وزير الاقتصاد التركي ظفر جاجلايان، الذي كان يردد بصلف سوف تخسرون. الوزير التركي حينها كان في زيارة إلى السعودية وكان يخاطب في تصريحه دول الخليج العربية. وسعدت وقتها حينما قرأت تعليقا هادئا وموضوعيا للأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي كشف فيه وقتها أن مفاوضات التجارة الحرة بين دول الخليج وتركيا متوقفة منذ أكثر من عامين ولم يتحقق تقدم فيها، نظراً لأن التركيز من الجانب التركي كان على السلع. ("الاقتصادية" 8 يناير 2012). الدكتور عبد الله الشمري الدبلوماسي المتخصص في الشأن التركي لفت انتباهي وقتها إلى أن هذه المقالة كانت مثار نقاش في إحدى وسائل الإعلام التركية. وقد حاولت السفارة التركية وقتها معالجة وترميم تصريحات الوزير التركي الذي بدا أنه يريد استغلال الراهن من أجل تحقيق مزيد من المكاسب التركية. وسعت دول الخليج إلى محاولة استيعاب تركيا باعتبارها محورا مهما في المعادلات الإقليمية. لكن حسابات تركيا ومصالحها كانت ولا تزال تتقاطع، وهذا شأن لا يمكن لأحد أن يعترض عليه، شريطة أن تخرج تركيا من دائرة الوله العثماني الذي يجعلها تتصور أنها تدير اللعبة وتتحكم فيها في العالم العربي، وكأنها تستحضر عصر الآستانة وأدبيات الباب العالي. وهذا الوله لا يضاهيه سوى الوله الفارسي الإيراني الذي يريد أن يمارس الاستقواء والغطرسة نفسيهما. ما الذي أعادني إلى استذكار هذه المقالة وتداعياتها؟ وزير الاقتصاد التركي ظفر جاجلايان قدم استقالته أخيرا بعد توجيه اتهامات له بالفساد، وتم سجن ابنه في إطار قضية الفساد الكبيرة التي هزت قواعد الحكومة هناك وقوضت كثيرا من الصلف وادعاءات النزاهة المزعومة. وعلى أثر ذلك بدأت عمليات ترقيع لا تزال مستمرة، وأخذت تتردد في تركيا معزوفة المؤامرة. هي المعزوفة نفسها التي يجري ترديدها في مجتمعات أخرى كانت حكومة أردوغان تنتحر من أجل دعمها، إلى درجة أن الصحافة التركية المعارضة رأت في التدخل المستفز في الشأن المصري ــــ مثلا ــــ اندفاعا أهوج يهدد مصالح تركيا غير العثمانية. خلاصة القول: لقد خرج الوزير المتغطرس الذي كان يقول سوف تخسرون، وبقيت حقيقة واحدة: السياسة مصالح، ومحاولة الاستغراق في استخدام المتغير الديني فيها يسيء للدين، خاصة مع وجود بشر يكذبون ويقتلون ويسرقون وهم يتلبسون عباءة الدين.

مشاركة :