من رحم المعاناة يولد الإبداع.. كيف؟!

  • 7/20/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لو تتبعنا المبدعين في كل مكان نجد أنهم قاسوا الأمرين حتى وصلوا ويشار لهم بالبنان وأصبحوا مشهورين.. حسنًا سأستعرض هنا بعض من سير أرباب المعاناة والذين خلّدوا أدباً رفيعاً لا تملك -رغم اختلافنا في بعض النصوص- إلا أن تصفّق لجميل ما قرأته، وإن بعض الأبيات أو المقولات صارت تردد على ألسنة الناس فعادت حِكَماً وأمثلة، مِن ذلك الشاعر الحطيئة، والذي صال وجال بأشعاره رغم معاناته النفسية بسبب أُمه التي شككته في نسبه، فمرّة تقول له أخوالك من قبيلة كذا ومرات تقول إن أخواله من قبيلة ثانية وهكذا حتى خرج الشاعر العظيم مضطرباً نفسياً سبّبت عُقدة عاشت وكَبَرت معه وأثرّت على شخصيته ومع ذلك كانت نصوصه وقصائده من العجب العجاب جمالاً وتفرّداً رغم أن القليل منها أودعته السجن والقصة المعروفة التي بسسبها أخرجته ممّا كان فيه من ضيق: ماذا تَقولُ لِأَفراخٍ بِذي مَرَخٍ زُغْبَ الحَواصِلِ لا ماءٌ وَلا شَجَرُ أَلقَيتَ كاسِبَهُم في قَعرِ مُظلِمَةٍ فَاِغفِر عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ يا عُمَرُ أَنتَ الأَمينُ الَّذي مِن بَعدِ صاحِبِهِ أَلقَت إِلَيكَ مَقاليدَ النُّهى البَشَرُ لَم يوثِروكَ بِها إِذ قَدَّموكَ لَها لَكِن لِأَنفُسِهِم كانَت بِكَ الخِيَر أما الشاعر الآخر هو بشار بن برد، فاقد البصر بالإضافة إلى أنه ذميم خِلْقة، عاش يتيماً، فقيراً، مشكوك في نسبه أعربي أم مولى كما في قصته المشهورة حين قال له آخر لما سمع شِعْره وعرف أنه مولى: فقال ما للمولي وللشعر؟ وغضب وقال أبياتًا في ذلك منها: أعاذل لا أنام علي اقتسار ولا ألقي علي مولي ولا جار سأخبّر فاخر الأعراب عنّي وعنه حين بارز للفخار أنا ابن الأکرمين أبّاً وأمّاً تتنازعني المَرازب من طُخار المهم عندي هنا هو شاعرية بشار واختياره لفن الهجاء وبرز فيه وتميّز لكن في المقابل له قصائد لها وقعها في النفس وباقية حكماً وأمثلة وتسري بها الركبان.. وأخيرًا... الكتابةَ علاجٌ وشفاء، انتماء للحرف وولاء للفكرة وليس هذا فحسب بل ينطبع بداهةً للرسّام، والممثل وهكذا في شتّى الفنون، فكما للحرف متسعاً للحياة فكذلك الرسّام يرى بريشته منفذاً لبلوغ روحه، حتى الممثّل خصوصاً اللعبة المسرحية تساعد المرضى النفسيين شفاء وعافية، طول أمد وانفراج ألم بأمل الفنون والثقافة والفكر والأدب.

مشاركة :