عادة ما يستهوي منظر الطعام المحروق من لحوم أو خضار أو خبز شهية الإنسان لتناوله، وتذوُّق طعمه ونكهته، وغالبًا ما تكون لذيذة، فتدفعه إلى التهامه؛ لأن الشواء أو الطهي لفترات طويلة كما هو معروف يجعل الأكل أحيانًا ممتعًا. ومنذ عقود أثار تناول الأطعمة المحترقة الكثير من الجدل بين العلماء وخبراء الصحة؛ إذ أشار بعضهم إلى خطورة هذه الأطعمة على صحة الإنسان، فيما أكد البعض الآخر عدم وجود أي دليل علمي يثبت هذا الأمر. ولمعرفة مدى تأثير الطعام المحروق على صحة الإنسان، وهل صحيح أنه يؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان، كان لا بد من استشارة أهل العلم بذلك. وأوضح الطبيب عبدالله الذيابي، استشاري الجهاز الهضمي والكبد والمناظير، لـ"سبق" أن طهي الطعام إلى درجة الاحتراق، كالخبز أو اللحوم أو حكاك القدر، قد ينتج منه تكوُّن بعض المركّبات، مثل الأكريلاميد، وهي مادة كيميائية تُستخدم بشكل رئيسي في عمليات صناعية معينة، مثل صناعة الورق والأصباغ والبلاستيك، وفي معالجة مياه الشرب ومياه الصرف الصحي، وتوجد بكميات صغيرة في بعض المنتجات الاستهلاكية، مثل تغليف المواد الغذائية وبعض المواد اللاصقة، كما توجد مادة الأكريلاميد في دخان السجائر.. إلا أنه لا توجد أبحاث علمية كافية لتأكيد أن هذه المادة إذا تكونت في الطعام المحروق، أو أن الطعام المحترق يسبب السرطان، بحسب المركز البريطاني لأبحاث السرطان. وأضاف: من الشائع لدى الجميع منذ زمن بعيد أكل الخبز المحترقة أطرافه من النار، وأكل حكاكة القدر، والتوست المحمص، وطبخ المندي على حطب السمر. وفي الزمن الحالي شاع استخدام المايكروويف في طبخ الطعام، واستخدام المبيدات في الإنتاج الزراعي للطعام. كما انتشرت العديد من الشائعات حول ما إذا كان الطعام المحروق أو استخدام المايكروويف أو المبيدات تزيد من خطر الإصابة بالسرطان. ولفت "الذيابي" إلى أنه لا يكفي أن نهتم بجودة ما نأكله، وإنما بنوعية طعامنا أيضًا، فكثير من أنواع الطعام كاللحوم والحلويات وبعض الخضار والفواكه يمكن أن تحتوي على مواد ضارة؛ لذا يجب الاهتمام بنوعية الطعام أكثر من جودته. وتابع بأن الطعام أحيانًا قد يكون عامل خطورة للإصابة بالسرطان؛ فتناول اللحوم المصنَّعة والمعالَجة كالنقانق والبرجر يزيد خطر الإصابة بسرطان القولون؛ لاحتوائها على مواد كيميائية وحافظة، تحفز الإصابة بالسرطان. وتعرُّض المحاصيل الغذائية لكميات كبيرة من المبيدات الكيميائية يزيد خطر الإصابة بالسرطان إلا أن كمية المبيدات المصرح باستخدامها حاليًا تُعد آمنة، بحسب تصريح منظمة الصحة العالمية عام 2022. وأردف: "ومثال على ذلك: المحلي الصناعي (إسبارتام) أدرجته منظمة الصحة العالمية قبل أيام عدة (14-7-2023) ضمن المركبات التي يُحتمل أنها تزيد خطر الإصابة بالسرطان. هذا المحلِّي يتوافر في منتجات متعددة، مثل: المشروبات الغازية، الآيس كريم، بعض الأدوية.. وهو لا يزال آمنًا في حال عدم تجاوز الكمية الموصَى بها (40 ملليجرام لكل كيلو من وزن الجسم). والإثباتات العلمية لا تزال حاليًا محدودة". وأوضح استشاري الجهاز الهضمي والكبد والمناظير: من المفاهيم الخاطئة أن تسخين الطعام باستخدام الميكروويف يسبب السرطان، بالرغم من أن أفران الميكروويف تعد منذ عقود عنصرًا أساسيًّا في الكثير من المطابخ؛ فإنها لا تزال من أكثر الأجهزة المنزلية إثارة للجدل. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أشعة الميكروويف لا تسبب أضرارًا طالما استُخدم الجهاز بالطريقة الصحيحة. وكشف الدكتور عبدالله أن فرن الميكروويف يستخدم موجات كهرومغناطيسية لتسخين الطعام، لكنه لا يجعل الطعام مشعًا. وعملية تسخين الطعام تكون عن طريق التسبب في اهتزاز جزيئات الماء، وهذا الاهتزاز ينتج منه حرارة، وبذلك يتم تسخين الطعام. واستخدامه يعد آمنًا، ولم يرتبط علميًّا بخطر الإصابة بالسرطان. وكشف استشاري الجهاز الهضمي أن العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة بالسرطان متعددة، منها: التدخين، الشيشة، الخمر، السمنة، التعرض للإشعاع كأشعة الشمس لفترات طويلة، أو الأشعة فوق البنفسجية، والعوامل الوراثية. وختم الدكتور عبدالله حديثه لـ"سبق" بالقول: يمكن تقليل خطر الإصابة بالسرطان بالإقلاع عن التدخين (الإيجابي والسلبي) والشيشة والخمر، والمحافظة على وزن مثالي، وعمل الفحوصات الوقائية للكشف المبكر عن الأورام (كفحص سرطان الثدي والقولون)، كما أن تناول الفواكه والخضراوات والنظام الغذائي الصحي والمتوازن يمد الجسم بالعناصر الغذائية الأساسية من بروتينات وكربوهيدرات ودهون وفيتامينات ومعادن، ويعزز صحة الجهاز المناعي، ويقي من الأمراض، ويقلل خطر الإصابة بالسرطان، مثل: سرطان المريء والمعدة والقولون.
مشاركة :