بدأ سكان وزائرو لندن، التعود على مشاهد «نوم المشردين» ليلاً ونهاراً في أهم شوارع العاصمة البريطانية. ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن مؤسسة (Chain Homeless Database) المحلية المختصة ببيانات المشردين، فإن أعداد من ينامون في العراء داخل لندن، ارتفع بواقع 10053 شخصاً، بينهم 625 امرأة، ما يعني زيادة مطردة في أعداد المشردين بشكل عام قدرت بـ 21 %، مقارنة بالعام الماضي. وأظهر التقرير أن 6391 شخصاً ينامون في العراء للمرة الأولى بزيادة 26 %. منظمة (End Violence Against Women)، المعنية بإيقاف العنف ضد المرأة، دعت إلى توفير أماكن آمنة، بشكل عاجل للنساء المشردات، لحمايتهن من الابتزاز والمضايقات، وأكدت جاهزيتها التامة للتواصل مع البلديات لحل مشكلة النساء المشردات، لما يعانينه من ضعف يؤثر في مستقبلهن. أسباب «الظاهرة المتزايدة» في بريطانيا، تعود بشكل أساسي إلى ارتفاع مستوى المعيشة والتضخم الذي بلغ 8.7 %، فيما قاد رفع بنك إنجلترا «الفائدة»، إلى زيادة قياسية في القيمة المالية لتأجير المنازل في البلاد. يشار إلى أن بنك إنجلترا عمد إلى رفع «الفائدة» 9 مرات خلال عام لتسجل حالياً 5 %، وسط توقعات خبراء بتجاوزها 6 % نهاية العام الجاري. هذا الرفع المتزايد، تسبب في زيادة أسعار الإيجارات على نحو حال دون قدرة بريطانيين على تحمله، خاصة من فقدوا وظائفهم أو مشروعاتهم الصغيرة. الخبير الاقتصادي، كورنيليا ماير، أعربت لـ «البيان»، عن قلقها من الزيادة الكبيرة في أعداد «مشردي لندن»، لا سيما أن عدداً ليس بقليل منهم أصبح مشرداً للمرة الأولى، وقالت إن «أرقام المشردين»، تعكس أزمة ارتفاع كلفة العيش، وتكشف عن «حجم العلاقة المأساوية» بين نقص الإسكان (ميسور التكلفة)، وأزمة استمرار ارتفاع كلفة المعيشة. من جهتها، قالت الرئيس التنفيذي لجمعية (St Mungo) الخيرية للتشرد، إيما حداد، لـ «البيان»، إن تراجع أعداد المنازل المعروضة للتأجير في السوق بأسعار «معقولة»، وتناقص أعداد المساكن الاجتماعية، التابعة للبلديات في لندن بشكل خاص، التي تقدم لذوي الحاجة العاجلة، يعني أن الناس باتوا يكافحون من أجل العثور على مكان للسكن، والبقاء فيه لفترة أطول. حداد دعت الحكومة البريطانية إلى تحمل مسؤولياتها بالعمل على زيادة أعداد المساكن، وتخفيض «الكلفة المُبالَغ فيها»، بهدف الوصول إلى كلفة حقيقية للإيجارات، مقدرة أن عدم التدخل السريع سوف يؤدي إلى استمرار زيادة أعداد المشردين. أما المختص في الشأن الاقتصادي البريطاني، أنور القاسم، أفاد لـ «البيان»، بأن تباطؤ الحكومة في تطبيق إصلاحات قوانين الإسكان، بشكل أساسي إنهاء العمل بالمادة 21 من قانون الإسكان، يفاقم الأزمة (المادة 21 تتيح لملاك المنازل والعقارات استعادة منازلهم من المستأجرين دون وجود أسباب قوية، وخلال فترة إشعار من شهر إلى شهرين). إلى ذلك، أزمة التشرد المتصاعدة في لندن، تتطلب اهتماماً فورياً، وعملاً جماعياً. لا يمكن تجاهل العلاقة بين ارتفاع تكاليف المعيشة بسبب التضخم، والزيادة في أعداد المشردين. فمن خلال تنفيذ مبادرات إسكان قوية بأسعار معقولة، وتعزيز أنظمة الدعم الاجتماعي، يمكن أن تخطو لندن خطوات كبيرة نحو التخفيف من معاناة مواطنيها الضعفاء، وتمهد الطريق لمدينة أكثر رحمة! تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :