سلطنة عُمان تعلن القوائم النهائية للمرشحين لعضوية مجلس الشورى للفترة العاشرة

  • 7/22/2023
  • 13:26
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ياسر رشاد - القاهرة - أﻛﺘﻮﺑﺮ اﻟﻘﺎدم... دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻫﺎدﺋﺔ ﺗﺘﺠﺪد ﻛﻞ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات   أعلنت وزارة الداخلية فى سلطنة عُمان، القوائم النهائية للمرشحين لعضوية مجلس الشورى للفترة العاشرة، والتى تجرى خلال أكتوبر القادم، وبلغ إجمالى المرشحين 843 مرشحاً بينهم 32 امرأة. تتجدد انتخابات الشورى فى سلطنة عمان كل أربع سنوات لتشكل الحدث الأهم والأبرز على الساحة الوطنية، حيث لا صوت يعلو على أصوات المرشحين، وتدافعهم بالوسائل القانونية المتاحة لنيل ثقة الناخبين والفوز فى السباق الانتخابى، وصولاً إلى الغاية الأسمى، خدمة عمان والمساهمة الواعية والمخلصة فى مسيرتها التنموية لتحقيق تطلعات أبنائها. فلسفة النهضة العُمانية  إن انتخابات مجلس الشورى تستمد أهميتها من الموقع المركزى الذى يتصدره المواطن فى فلسفة النهضة العُمانية والدور المحورى الذى يمثله فى مسيرة العمل الوطنى، فهو محرك التنمية ووقودها وإليه تؤول مكاسبها ومنجزاتها، ومن هنا، فإن الشراكة فى صنع القرار بين المواطن وقيادته المستنيرة، تمثل أساس الحكم فى الدولة العمانية الحديثة، ليست ترفاً مرحلياً أو ظرفا طارئا، إنما هى الأرضية الصلبة التى أقامت عليها عمان بنيانها الحضارى القوى المتماسك. ولا شك أن تجربة الشورى العُمانية وديمقراطيتها الهادئة يمكن أن تتعزز على المستوى الوطنى بتعظيم قدرة المجلس على ممارسة صلاحياته التشريعية والرقابية وفق القانون، وفى تكامل وتنسيق مع مختلف أجهزة الدولة، بما يسهم فى تحقيق مصالح المجتمع وإثراء الخطط والاستراتيجيات التنموية وتحديد أولويات الأهداف الوطنية وتحفيز سياسات الشفافية والمساءلة فى العمل الحكومى، ومكافحة الفساد. ولأن عُمان ليست جزيرة معزولة عن العالم، فإن ثقة المواطنين فى مثل هذه المجالس قد تخبو وقد تزداد توهجاً تبعاً لما تمارسه من أدوار، وتتأثر بالعديد من الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تمر بها المجتمعات، لذا فإن المأمول من مجلس الشورى العمانى فى فترته العاشرة إيلاء المزيد من الاهتمام بقضايا المجتمع والمواطنين، فمن شأن ذلك تعظيم ثقة الناخبين بالمجلس، ومن جهة أخرى لا تقل أهمية، على الناخبين أن يكونوا على دراية ووعى بأدوارهم فى العملية الانتخابية، فالمشاركة الواسعة والفعالة فى الانتخابات والاختيار الصحيح للمرشحين من الكفاءات المؤهلة، والتزام النزاهة فى التصويت كفيل بتقوية أداء المجلس وجعله منبراً حقيقياً لصوت المجتمع.  مسيرة تتميز بالتدرج والخصوصية والجمع بين الأصالة والمعاصرة على مدار تجربتها التاريخية فى الشورى العُمانية خلال أكثر من نصف قرن، اعتمدت سلطنة عُمان سياسة التطور التدريجى، ففى كل فترة كان هناك استحداث آليات إلكترونية جديدة. وتطبيقاً لذلك اعتمدت وزارة الداخلية العُمانية خلال الفترة التاسعة الماضية، جهازاً إلكترونياً جديداً تم استخدامه لأول مرة فى انتخابات مجلس الشورى, وتم تعميمه على جميع مراكز الاقتراع بمختلف ولايات محافظات السلطنة، ومن خلاله تم تصويت جميع الناخبين العُمانيين.  يعمل الجهاز الجديد الذى تم تخصيصه للتصويت فى الانتخابات، بتقنية حديثة متطورة وسهلة الاستخدام، حيث يعمل وفق خطوات سهلة وسريعة وميسرة فبمجرد أن يضع الناخب بطاقته الشخصية فى مكان مخصص بالجهاز بالشكل الموضح على شاشة الجهاز يقوم الجهاز بشكل مباشر بالتعرف على هوية الشخص ومقر قيده بالولاية التابع لها، حيث تقوم الشاشة بعرض قائمة المترشحين من تلك الولاية أمام الناخب وقرين كل مترشح صورته الشخصية ورقم المترشح يظهر بشكل واضح ودقيق. تعد الدورة العاشرة فى انتخابات مجلس الشورى العُمانى، تطوراً مفصلياً مهماً كونها تجسد مسيرة أكثر من ثلاثين عاماً من استراتيجية «التدرج وفقاً للخصوصية» التى تنتهجها سلطنة عمان منذ عقد السبعينيات من القرن الماضى فى سياق بناء نموذجها الحضارى فى الشورى والديمقراطية، مرتكزة فى ذلك على مبدأ الجمع بين الأصالة والمعاصرة بأسلوب عصرى، وبعبارة أخرى أكثر تعبيراً، الجمع المتوازن بين مفهوم أصالة الأمة العمانية فى الحفاظ على هويتها الحضارية وتقاليدها الأصيلة، وبين مفهوم المعاصرة التى تعنى الانفتاح على تجارب الاخرين واستيعاب مقومات الحضارة الحديثة والاستفادة من معطياتها فى بناء الدولة العصرية الحديثة وهى دولة المؤسسات والقانون. تجربة متجذرة ومتدرجة تاريخياً الواقع أن تجربة الشورى والديمقراطية فى سلطنة عُمان قديمة ومتجذرة فى المجتمع العُمانى، فقد تجسدت ممارسة الشورى من خلال «السبلة العمانية» التى لا تخلو منها قرية من القرى، ولا مدينة من المدن، والتى تعتبر نموذجاً أصيلاً فى تطبيق الشورى، ففيها يلتقى أهل الرأى والاختصاص لبحث المسائل والتشاور فى قضايا المجتمع، والنظر فى المصالح العامة، بإعمال الفكر فيها والأخذ بالرأى الأصوب والأصلح. وقد تطورت الشورى العمانية على امتداد العقود الماضية، ليس فقط على الصعيد المؤسسى والتنظيمى، ولكن ايضاَ على صعيد الممارسة والدور الذى تقوم به مؤسسات الشورى وتهيئة المناخ لمشاركة أوسع وأعمق من جانب المواطنين العمانيين فى صياغة وتوجيه التنمية الوطنية.  ولعل ما أسهم فى تحقيق ذلك أن التجربة العُمانية فى ميدان العمل الديمقراطى ارتكزت على تراث عُمانى خصب ومتواصل فى هذا المجال من ناحية، وعلى رؤية عُمانية واضحة استطاعت ان تمزج بنجاح بين خبرة الماضى، ومعطيات الحاضر، ومتطلبات التطور الاجتماعى والسياسى والتفاعل الايجابى معه بخطى متدرجة ومستمرة من ناحية ثانية. التدرج فى آليات تطبيق منهاج الشورى العمانية وفى الإطار الكلى الموجه للبناء والتنمية، تدرجت سلطنة عمان فى ممارسة الشورى، وقد تمثل هذا التدرج فى آليات تطبيق منهاج الشورى العمانية من خلال تأسيس المجلس الاستشارى للدولة، الذى استمر من عام 1981 إلى عام 1991م، وكان رئيسه وأعضاؤه يرشحون بالتعيين من خلال المراسيم السلطانية، ثم الإعلان عن مجلس الشورى فى عام 1991م. ومنحه الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالى والإدارى، كخطوة جديدة فى مواصلة التقدم فى التجربة الديمقراطية فى السلطنة، ثم الانتقال فى عام 1997 إلى إنشاء مجلس الدولة ومجلس عمان، ويضم مجلس عمان مجلسى الدولة والشورى، حيث رافق ذلك أيضاً التدرج فى عملية الانتقال من التعيين إلى الانتخاب، وزيادة فى عدد الأعضاء، ونسبة التمثيل ومشاركة المرأة، وفى الصلاحيات، وفى شكل الممارسة، وذلك لإثراء مسيرة التطور والبناء، وإفساح المجال للأفكار والآراء التى تخدم الصالح العام، وتسهم فى توفير الحياة الكريمة للمواطنين، وتحقيق الأهداف العليا للوطن، وتم فتح الباب أمام المواطنين العمانيين لخوض انتخابات عامة يتساوى فيها الرجل والمرأة على قدم المساواة للترشح فى المجلس، بحيث تمارس فيها المرأة العمانية حق الترشح والانتخاب. فكانت لها الريادة على صعيد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمشاركتها فى عضوية الشورى منذ عام 1994م، ولا تزال تشارك فى عضوية المجلس. ثم شهد المجلس تطورات مهمة ونوعية سواء على مستوى الصلاحيات خاصة بعد التعديلات التى أجراها السلطان الراحل قابوس بن سعيد «طيب الله ثراه» فى عام 2011 وإعطاء المجلس صلاحيات تشريعية ورقابية، أو سواء على مستوى المشاركة السياسية وتزايد أعداد من لهم حق الانتخاب والذين وصلوا إلى أكثر من 700 ألف ناخب، أو سواء على مستوى دوره فى إعداد القوانين والتشريعات والتعاون مع مجلس الدولة، أو على مستوى تطور البرامج ونظام الانتخابات، حيث أصبح التصويت الإلكترونى متاحا فى الانتخابات عن طريق شاشات اللمس. آمال وطموحات بتراكم الخبرات  فإذا كان من المؤكد أن السنوات الماضية قد سمحت بتراكم الخبرات، على مستوى الآليات والممارسة السياسية على صعيد مجلس الشورى، فإن الفترة الجديدة المقبلة لمجلس الشورى سوف تشهد آمالاً وطموحات كبيرة من جانب المواطنين، خاصة مع اتساع وتعمق اختصاصاته ودوره ومهامه على الصعيد الوطنى. ومع التطورات العالمية الاقتصادية المتسارعة، تبرز أهمية الدورة العاشرة الجديدة لمجلس الشورى، خاصة على مستوى القضايا والموضوعات المطروحة أو المتوقع معالجتها فى المستقبل. وهذه القضايا ترتبط بشكل أساسى بعملية التنمية الشاملة والمستدامة التى تشهدها عُمان على كافة الأصعدة من أجل نهضة الإنسان العمانى باعتباره أداة وهدف التنمية والمتمثل فى استراتيجية (بناء البشر قبل الحجر). يمكن القول، أولاً، أن تجربة الشورى العُمانية أثبتت مستوى الرقى واستيعاب فلسفة العمل النيابى المتمثلة فى مجلس الشورى وربطه بالسياق العام لأهداف وخطط الدولة فى تحقيق التنمية الحضارية والسياسية والاجتماعية الشاملة، وثانياً، أن تجربة الشورى والديمقراطية العمانية جاءت فى جميع مراحل تطورها استجابة للمجتمع العمانى نفسه وليس استجابة لعوامل أو ضغوط خارجية، الأمر الذى يجعلها تجربة متفردة وذات خصوصية. وثالثاً، أن انتخابات الشورى للفترة العاشرة، تجسد مخزناً للقيم والخصوصية العُمانية فى التشريع والممارسة وفى آليات العمل البرلمانى من أجل توسيع عملية المشاركة السياسية لتحقيق قيم التحديث عبر مراحل متتالية، مع الحفاظ على الخصوصية التاريخية والاجتماعية للواقع العمانى، والأخذ بأسلوب التطور التدريجى السلمى البعيد عن النظريات والأطروحات الخارجية التى لا تتفق مع الثقافة السياسية العمانية. وأخيراً تأتى التجربة الديمقراطية العمانية مستندة على الارث المجتمعى للعُمانيين، وما يتميز به المجتمع من ميزات حيوية يستطيع أن يضعها فى خدمة العمل السياسى، من أجل هدف واحد هو خدمة ورقى وتطور الإنسان العُمانى، وذلك لاستكمال مسيرة البناء والتنمية فى سلطنة عُمان وفق رؤية 2040 التى من خلالها يمكن الدخول إلى مصاف الدول المتقدمة.  

مشاركة :