نفد الصبر الخليجي على الأعمال الإرهابية لحزب الله اللبناني، الذي يعتبر ذراع إيران في المنطقة، وقررت تصنيف ميليشيات الحزب، بكل قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها، «منظمة إرهابية»، وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أنه نظرًا لاستمرار تلك الميليشيات في ممارساتها الإرهابية، فقد قررت دول المجلس اعتبارها منظمة إرهابية، وسوف تتخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارها بهذا الشأن استنادا إلى ما تنص عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبقة في دول المجلس، والقوانين الدولية المماثلة. اتخذت دول الخليج هذا القرار، بعد عمليات إرهابية متتالية للحزب امتدت منذ تأسيسه بتاريخ في 1982، ولم تنتهِ حتى هذا التاريخ. ففي عام 1985 جرت محاولة لاغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح بتفجير سيارة مفخخة، وتمكنت السلطات الكويتية من إلقاء القبض على 17 متهمًا، بينهم لبناني عضو في حزب الله، يتخذ اسمًا حركيًا، إلياس صعب، وهو اسم غير حقيقي. وحاول حزب الله إطلاق سراح هؤلاء الـ17 من السجن عن طريق خطف الطائرة الكويتية الجابرية من قبل عماد مغنية مقابل تحرير رهائن الطائرة وتركها، وعندما رفضت الكويت هذه المقايضة بدأ مغنية بقتل الرهائن فقتل منهم اثنين، قبل أن يتوجه إلى الجزائر حيث فاوضته السلطات الجزائرية وأقنعته بإطلاق الرهائن ثم تحرير الطائرة مقابل تهريبه وإعادته إلى طهران التي انطلق منها لتنفيذ جريمته. واستمرت إيران بمحاولة زعزعة استقرار دول الخليج عن طريق ذراعها «حزب الله»، فقد استفاق السعوديون في الثالث عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 على وقع تفجير إرهابي في مدينة الخبر شرق السعودية، أسفر الهجوم عن مقتل 19 جنديا أميركيا وجرح نحو 500 شخص. وأظهرت التحقيقات أن المهاجمين قاموا بتهريب المتفجرات إلى السعودية من لبنان، وتمكنت قوات الأمن السعودية من إلقاء القبض على المشتبه به الرئيسي، أحمد إبراهيم المغسل، بعد 20 عامًا من عملية التفجير، إثر ورود معلومات تؤكد عن وجود أحمد المغسل، في العاصمة اللبنانية بيروت. ومنذ عام 1997 والسلطات السعودية تطلب من الجانب الإيراني تسليمها أحمد المغسل مع ثلاثة مطلوبين سعوديين آخرين، منهم علي سعيد بن علي الحوري، بعد تأكيدات على وجوده في إيران. ولم تسلم البحرين من إرهاب حزب الله، فقد سعى الحزب إلى زعزعة استقرار المنامة، ففي فبراير (شباط) 2011 أحبط الأمن البحريني شحنة من الذخائر والمتفجرات والأسلحة قبالة السواحل البحرينية، وهو التاريخ الذي شهدت فيه البحرين اضطرابات أمنية خطيرة، وضبطت المنامة خلية إرهابية تبين أنها مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، إذ ظهرت جليًا أنشطة إيران السرية في البحرين، ومحاولاتها زعزعة الاستقرار في البلاد، من خلال بث الفرقة بين المواطنين، الأمر الذي أدى إلى استدعاء وزارة الخارجية البحرينية، القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإيرانية في المنامة، مهدي إسلامي، وقدمت له احتجاجًا رسميًا على ما وصفته بـ«التدخل» في الشؤون الداخلية للبلاد. وواصلت إيران محاولاتها لزعزعة استقرار البحرين ففي الثلاثين من سبتمبر الماضي 2015، أعلنت وزارة الداخلية البحرينية عن العثور على موقع تحت الأرض داخل منزل يحتوي على كميات كبيرة من المتفجرات تزن أكثر من 1.5 طن، بالإضافة إلى ضبط موقع آخر بالقرب منه يستخدم كورشة لتصنيع القنابل محلية الصنع بقرية النويدرات وسط منطقة مأهولة بالسكان، وأشارت البحرين إلى أنه تبين من خلال عمليات البحث والتحري وجمع المعلومات أن المقبوض عليهم على ارتباط وثيق «بعناصر إرهابية موجودة في العراق وإيران». وفي الثالث عشر من أغسطس (آب) من عام 2015 كشفت السلطات الكويتية عن «خلية العبدلي» بعدما ضبطت قوى الأمن مخزنا للأسلحة والمتفجرات في مزرعة بمنطقة «العبدلي» الحدودية. ودلت التحقيقات على أسلحة ومعدات وأجهزة اتصال في 3 مواقع أخرى بينها مخبأ محصن بالإسمنت المسلح تحت بيت أحد المتهمين. وقدرت وزارة الداخلية في بيان وقتها كمية الأسلحة بعشرين طنًا تقريبًا. وقضت محكمة الجنايات الكويتية بإعدام اثنين من أعضاء «خلية العبدلي» الذين اتهموا بـ«التخابر مع إيران» و«حزب الله» اللبناني، وقضت بالسجن على 20 آخرين من أعضاء الخلية. وتضمنت الأحكام، الإعدام للكويتي حسن عبد الهادي حاجية والإيراني عبد الرضا حيدر دهقاني (هارب) بعدما أدانتهما بحيازة أسلحة ومتفجرات وذخائر والتخابر مع أطراف أجنبية في قضية الخلية التي كشف عنها في أغسطس الماضي. وأكدت السعودية والحكومة اليمنية في نهاية فبراير الماضي ضلوع حزب الله اللبناني مباشرة في الحرب بين الحكومة الشرعية والانقلابيين من ميليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والتخطيط لشن عمليات داخل الأراضي السعودية. وقال العميد أحمد عسيري المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي إن التحالف العربي - الذي تقوده بلاده ضد الحوثيين وصالح - أكد العام الماضي ضلوع مرتزقة إيرانيين وعناصر من حزب الله في تدريب الحوثيين، مشيرا إلى تسجيلات صوتية تؤكد وجودهم على الحدود اليمنية السعودية. الجدير بالذكر أن إيران اعتمدت على حزب الله كوسيط لتدريب وتأهيل خلايا الموت في ضاحية بيروت ومدينة قم الإيرانية، وخلال السنوات العشر الماضية جند حزب الله المئات من المقاتلين اليمنيين التابعين للحوثي، إضافة إلى تأهيل طواقم إعلامية وصحافية عبر دورات تدريبية استضافتها بيروت، واعتمدت على تجنيد العشرات منهم لاستخدامهم في عملية الانقلاب. وفي 21 سبتمبر (أيلول) 2014، قال مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، وهو شخصية مقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي: «إن ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإسلامية»، وإن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة للالتحاق بالثورة الإيرانية. واعترف محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني، في يناير (كانون الثاني)، بوجود 200 ألف مقاتل مرتبطين بـ«الحرس الثوري» في خمس دول بالمنطقة، هي: اليمن وسوريا والعراق وباكستان وأفغانستان، يضاف إلى ذلك حزب الله وميليشياته الإرهابية، وقال إنها تعمل من أجل حماية ودعم «الولي الفقيه» والجمهورية الإسلامية في إيران، وهو الاعتراف الأول الذي يؤكد أن إيران تعمل على زعزعة استقرار المنطقة.
مشاركة :