استمع خالد الكمدة اثبت أنك رجل وطلقها، دعها تعرف قيمتك... عبارة بسيطة، يلقي بها صديق عابر أو زميلة عمل خرقاء دون أدنى منطق ولا يسير من حكمة، تُحرك ما خمد من بقايا الجاهلية، تستنهض مشاعر بربرية هذبتها حضارتنا وثقافتنا وديننا، تلخص الرجولة في القدرة على النطق بكلمة الطلاق، وليس أسهل من إثباتها.... كلمة واحدة، تثبت بها لجميع من تحلقوا حولك من السذج، رجولتك باستخدام حق منح لك تكليفاً لا تشريفاً، تؤكد لهم قدرتك على تدمير حياة إنسانة، وتشريد أحلامها، وكسر كرامتها، بلا عناء ولا حياء. من المؤسف أن ترى أكثر الحقوق استثماراً بين الرجال حق بغيض كالطلاق، يهتم به ويستخدمه الذكور أكثر من جميع حقوق الرجولة، يهددها به ويتفاخر بقدرته على تفعيله في المحافل والمجالس، دون أدنى عناية بما يرتبط به من المسببات والنتائج. تلفه خيلاء الرجولة كزوبعة تحول بينه وبين رؤية الصواب، تمنعه من مقاربة الحقائق، وتفتح له الباب واسعاً لقطع رباط مقدس، مُنِحَ به أمانة لم يصنها. أن تكون العصمة في يدك، وتكون قادراً على حل عقد يهتز بفكه عرش الرحمن، فهذا ليس جائزة لك على تفوقك الرجولي، بل تكليفاً لك بحراسة هذا العقد، بحماية أطرافه وشروطه، وبأن تتقي الله فيهم. أن تُطلق بغير سبب واضح، ولا عذر منطقي، فهذا ليس إثباتاً لرجولتك بل عيباً فيها، نقصاً في قدرتك على حماية رعيتك، ضعفاً في الحكمة ووهناً في الرشد. لا تستمتع لهم، استمع إلى صوت ضميرك، لا تقس رجولتك بمقياس استخدامك لقدراتك وحقوقك، بل بجود نخوتك وسخاء حكمتك. لا تُعرّفها قيمتك بغيابك، بل بحضورك الحنون، برعايتك الرزينة، باتزانك ومحبتك وصبرك على ما لا تخلو الحياة منه من هفوات، وما قد تمر به حياتك الزوجية من كبوات. لم يكن الطلاق قط أفضل الحلول، فهل جربت بعضها قبل أن تصل له؟ هل تذكرت ما قد يعجبك فيها عندما كرهت فيها الكثير؟ هل جربت أن تقيّم نفسك على عين المقياس الذي ترى به عيوبها، وأن تقوم ما لا ترضى هي فيك، قبل أن تُغشي عينيك بسيئاتها وتحتفي بعقابها على طريقتك الرجولية الحصرية؟ هل جربت أن تثبت لها أنك رجل باحتوائك لها أخطأت أم أصابت، وأن تعرفها قيمتك بصبرك على ضعفها ولطفك مع اعوجاجها..؟
مشاركة :