«فيلم كتير كبير».. واقع بلا رتوش

  • 3/3/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بدا المخرج اللبناني مير جان بوشعيا أشبه بجراح، في عمله (فيلم كتير كبير)، الذي يُشرح فيه الواقع ويقدمه كما هو بلا رتوش، متسلحاً فيه بخطوط سينما الواقع على اختلاف توجهاتها، من خلال تقديمه سيناريو بسيطاً، قابلاً للتطبيق بأي مكان على وجه البسيطة، وليس لبنان فقط، معتمداً في ذلك على ما تمتلكه الصورة من سطوة وتأثير، لنكون أمام فيلم داخل فيلم تجمع خلطته بين الإثارة المتقنة والتشويق والكوميديا السوداء، التي تنقل لنا واقعاً مجتمعياً ممزقاً تنخر جنباته الطائفية والفساد. يفتتح الفيلم الذي يبدأ اليوم عرضه رسمياً بالإمارات، مشاهده بـمعركة تنتهي بقتل شاب صغير، ودخول جاد (الممثل وسام فارس) السجن، نيابة عن أخويه زياد الحداد (الممثل ألن سعادة) وجو (الممثل طارق يعقوب)، واللذان نتبين لاحقاً أنهما يعملان بتجارة المخدرات، ويتخفيان وراء مخبز للبيتزا، وبعد خروج الصغير جاد من السجن، يقرر زياد التوقف عن تجارة المخدرات ليضمن مستقبلاً آمنا لشقيقيه، إلا أن مسؤوله لا يوافق على ذلك، ويحاول تصفيته أثناء عمليته الأخيرة. زياد يشتبه بالأمر ويفر مع المخدرات، ليبدأ بمحاولة تهريبها خارج لبنان عبر خطة جهنمية اكتشفها صدفة عن طريق صديقه المخرج شربل (الممثل فؤاد يمين) الذي يبوح له أن علب نيغاتيف الأفلام السينمائية لا يتم فتحها بالمطار حتى لا تفسد مادة الفيلم. وليتمكن زياد من تمرير خطته يُقرر تصوير فيلم سينمائي يتناول مشكلة الطائفية، ليتسع الأمر بعد أن يفهم زياد لعبة السينما وتأثير الصورة على الجمهور، ما يحوله لمنتج سينمائي مهم يحجز مكانه على شاشات الفضائيات. أداء عفوي رسائل عدة يحملها الفيلم بين جنباته، ولكن مخرجه لا يبدو فيه واعظاً، بقدر محاولته أن يكون صادقاً مع المشاهد الذي يقف أمام فيلم واقعي، يسلك فيه بوشعيا دروب السينما الواقعية. نلمس ذلك في طبيعة الشخصيات وشكلها وطريقة أدائها العفوية وقد ساعدها اتساع المساحة الممنوحة لها، وأيضاً في حواراتها التي لم يتم تشفيرها ما جعله فيلماً (للكبار فقط). في حين أن المشهد الأخير في الفيلم جاء صادماً، ففيه استخدم المخرج لثوان معدودة شاشة سوداء قبل أن يقفل بمشهد دخول زياد لأروقة إحدى استوديوهات الفضائيات، في مشهد عام قابل للتأويل. حبكة الفيلم الذي يدور في إطار الجريمة، جاءت محملة بتحية للسينما اللبنانية وروادها وعلى رأسهم المخرج جورج نصر (يظهر بالفعل في الفيلم) الذي يعد بمثابة الأب المؤسس للسينما اللبنانية، وهو أول سينمائي لبناني يشارك بمهرجان كان السينمائي عام 1957 من خلال فيلم إلى أين، حيث يأتي توظيف السينما هنا في إطار استعراض العلاقة بين الناس والفن السابع، وقوة الصورة وتأثيرها على المنظومة المجتمعية عموماً. قوة الصورة بوشعيا أكد لـالبيان أن الفيلم اعتمد في حبكته على مفهوم قوة الصورة وتأثيرها على المجتمع وحياتنا اليومية، قائلاً: لم أحاول تقديم فيلم داخل فيلم، بقدر ما حاولت اختبار قوة الصورة والإعلام، وقدرتها على توجيه المجتمع، مبيناً أن الفيلم لا يُسود الواقع، قائلاً: حاولت فيه البحث عن الحقيقة والواقعية، عبر ترك المجال للكاميرا لأن تنقله كما هو، من دون رتوش، حتى في لغة الشارع التي أبقيتها كما هي. تطوير يعد هذا الفيلم بمثابة تطوير لفيلم قصير عنوانه (فيلم كبير) كان بوشعيا قد صنعه كمشروع تخرج له، وقد دفعه ما حققه الروائي القصير من نجاح في المهرجانات، إلى تحويله لفيلم طويل، بمساعدة شقيقيه لوسيان وكرستيان اللذين أصبحا (من خلال هذا الفيلم) منتجين سينمائيين للمرة الأولى، تماماً، كما يحدث مع شخصية الفيلم الرئيسية زياد حداد (آلن سعادة) الذي جاء أداؤه لافتاً فارضاً فيها ما يتمتع به من كاريزما حقيقية.

مشاركة :