إخناتون الفرعون المتشدد يعود دار الأوبرا الإنجليزية

  • 3/3/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دار الأوبرا الوطنية الإنجليزية إنتاجا جديدا لأوبرا فيليب غلاس التي تتناول حياة الفرعون المصري إخناتون. ويركز العمل على حياة قائد منعزل لا يؤمن إلا بفكره، يُعتقد بأنه نشر أول ديانة توحيدية. كما يتناول العرض صراعا في سوريا وثورة مضادة اندلعت في مصر. والأوبرا تطرح عددا من الأسئلة على الممثلين والجمهور على حد سواء، وموضوعها مازال تترد أصداؤه في الأحداث العالمية حتى الآن. ويقول فيليب ماكديرموت، مخرج العرض، خلال فترة الاستراحة : كوّن إخناتون ثقافته الأخرى الكاملة اعتمادا على الشمس. وأضاف أن الفرعون الذي حكم في القرن الرابع عشر قبل الميلاد لمدة 17 عاما وهو والد توت عنخ أمون :اعتبرت ديانته في مرحلة معينة أول نوع يتفاعل مع النظام البيئي، وحقيقة أنه وضع نفسه في مركز هذا الشئ وعلاقته بالشمس جعله شخصية متشددة للغاية. وقصة إخناتون هي الثالثة ضمن ثلاثية غلاس لعروض الأوبرا التي تتناول شخصيات تاريخية، إذ سبق وتعامل ماكديرموت مع دار الأوبرا الوطنية الإنجليزية وقدم عرض ساتياجراها عن المهاتما غاندي و أينشتاين على الشاطئ. وتابع ماكديرموت قائلا :على الرغم من أن الشمس كانت جزءا من الدين قبل ذلك الوقت، فإنها جزء من عالم متعدد الآلهة، لذا يعد ذلك بمثابة انتقال من كل هذه الآلهة الاستثنائية المختلفة التي نعرفها من اللغة الهيروغليفية المصرية. وأضاف :كان غريبا أن يغير ثقافة بدت مجسدة بصريا، فعلى سبيل المثال وضع تماثيل لنفسه ولأسرته وهو معهم، كان شيئا مختلفا للغاية عما ألفناه في فن رسوم الأيقونات المصرية. بنى إخناتون مدينة جديدة وكرسها للمعبود آتون، إله الشمس، ونظرا لكونه شخصية في تاريخ مصر القديمة فإنه شخصية قوية جدا لكتابة أوبرا عنها، حسبما قال ماكديرموت، الذي عبر وهو ودار الأوبرا عن الأمل في أن تترجم هذه القوة في صورة مبيعات قوية في شباك التذاكر. وكان الجمهور قد تقبل عروض الأوبرا السابقة لفيليب غلاس في دار الأوبرا الوطنية الإنجليزية بقبول حسن، وتقول الفرقة إن عرض ساتياغراها كان أكثر الأعمال المعاصرة شعبية. ويعتبر تجسيد شخصية إخناتون أول عمل بإنتاج بريطاني كامل للأوبرا منذ عام 1987، لكنه يأتي في وقت لا تبتسم فيه الآلهة برفق لدار الأوبرا. فمجلس الفنون التابع له دار الأوبرا خفض ميزانيته بواقع 4.8 مليون جنيه استرليني في عام 2014. وفي مرحلة حاسمة أثناء عرض إخناتون، نشب خلاف مع جوقة دار الأوبرا بشأن الأجور وواجه العمل أزمة، بعد أن أعلنت جوقة الفرقة أنها سترفض الغناء في الفصل الأول من العرض الأخير لإخناتون. وشكلت كل هذه الأمور ضغوطا على ماكديرموت، لكن في حديثه قبل إعلان الجوقة إضرابها، كان المخرج مطمئنا للتحديات التي تواجه إنتاج الأوبرا خلال خلاف القطاع. وقال :هذا ثالث عمل أخرجه لغلاس، وكنت في رحلة مع الفرقة. وأضاف :أثناء عرضنا الأول لساتياغراها في عام 2007، مرت الجوقة بفترة غريبة من الرتابة. وكنت أطلب منهم أداء مهامهم في عمل فيليب غلاس التي يغنون فيها باللغة السنسكرتية القديمة. وتصف أوبرا غلاس، التي تستعين نصوصها بترانيم قديمة وصلوات ونقوش تغنى بلغتها الأصلية، الحاكم القديم الذي يتجاهل نداءات تطلب المساعدة من حاشيته في سوريا، وتعرضه لهجوم من أعداء المملكة، قبل الإطاحة به وقتله في انتفاضة شعبية قادها الكهنة الذين كانوا يتبعون النظام الديني القديم. ليس معلوما في واقع الأمر كيف مات إخناتون، لكن الشئ المؤكد هو أنه بعد وفاته حدثت إصلاحات دينية للفرعون، وهجرت المدينة التي بناه إخناتون، ثم نهبها حكام لاحقون لموادها بغية تجهيز مقابرهم وآثارهم. وقال ماكديرموت :في هذه القصة نوع من المجتمع الداخلي المنغلق هو (إخناتون) الذي خلقه، وهذا العالم الانطوائي الذي أنشأه في بلاطه الملكي دون أن يستمع إليهم، جعل المملكة معرضة للهجوم عليها من شتى الأوجه. جمجمة يعتقد أنها جمجمة إخناتون وأضاف :ونرى هذه المملكة تسقط بعد اتخاذ مجتمع خارجي قرارا بشأنها وعودتها إلى سالف عصرها، وإعادة ترسيخ النظام القديم. وقال :كان هذا الدين معقدا للغاية، وعندما تنظر إليه تجده شيئا أشبه بفيلم من أفلام الخيال العلمي. ولا يعني المرور إلى العالم السفلي الذهاب إلى مكان آخر، بل كان يعني الذهاب إلى عالم مواز. وأضاف :هذه الشخصيات التي عبرت إلى هذا العالم الآخر لم تمت، فهم أحياء بالنسبة للمصريين القدماء. وقال إن إخناتون :شخص في مركز هذا العالم الملحمي.. شخص حقيقي. وأسند دور إخناتون إلى مغني الأوبرا الأمريكي، أنتوني روث كوستانزو. ويقول المغني الأمريكي إن تجسيد الفرعون بطريقة مقنعة تتطلب تكريسا كاملا للجسد. وأضاف :للتأكد من رسوخ الفكرة في ذاكرة المخ وذاكرة الجسد وذاكرة الحركة، أجري تحول جسدي أيضا، مثل حلق الرأس وإزالة شعر الجسم وإدراك أنه سيظهر على خشبة المسرح عاريا تماما، كما خضع لبرنامج تدريب قوي. وقال :استخدمنا شمعا لكل بوصة من جسدي لإزالة أي شعرة توجد، كان شيئا مؤلما للغاية. وكان حلق رأسي قرارا صعبا. وأضاف :لكن أكثر الأشياء التي أقنعتي عن سائر الأشياء هو وجود منحى فلسفي لحلق الرأس، فأنا أقف على خشبة المسرح لمدة ثلاث ساعات، وأغني بقدر ضئيل من الموسيقى مع نص وسرد صغير للغاية كمؤدي، فما الذي يمكنني أن أفعله لأخبر عن القصة؟ ويصف كوستانزو غناء جزء في العمل بأنه أشبه بسباق ماراثون يتطلب قدرة على التحمل وتركيزا شديدا. وأضاف :يحتاج الأمر مزيدا من التركيز أكبر من أوبرا هانديل، لأنه في حالة أي خطأ في عمل لفيليب غلاس، ستجد نفسك مختلفا عن باقي الفرقة الموسيقية بواقع 18 سطرا في النوتة الموسيقية. واستخدم ماكديرموت العرائس في تجسيده لعرض ساتياغراها على المسرح الوطني الإنجليزي، ورسوما متحركة في عرض بيرفكت أمريكان. وبالنسبة لعرض إخناتون، انتقل إلى الشعائر والحركة، وهو انتقال يصفه بأنه عنصر ممتع يستخدم الرقص والشعوذة في أنماط كاشفة يأمل في أن تأخذ المغنيين والجمهور إلى حالة فكرية مختلفة. وقال :هناك شئ مثير للغاية بشأن المصطلحات من هذا النوع. فكل من يشارك في عمل لفيليب غلاس يعرف أنه يستطيع التباطؤ، لا يمكن أن تجعل الناس تتحرك على خشبة المسرح بسرعة أو تتحدث بطريقة طبيعية، لأنهم في نوع أوبرا لها طبيعة مختلفة. وأضاف: عندما أنتج (غلاس) أعمال الأوبرا الأولى، لم أعتقد أنه كان يعرف أنه عند مستوى معين كان يبتكر أسلوبا خاصا للأداء. وثمة انتقادات لموسيقى فيليب غلاس تصفها بالمنومة، وتدريجية وهو ما يجعلها تتجنب معاني أعمق. لكن ماكديرموت يرفض هذه الرؤية. وقال :بالعكس تماما، إنها (الموسيقى) تخلق حالة أعمق، تجعلك أكثر انفتاحا على حالات تعكس درجة أكبر من الضعف.

مشاركة :