◾️من مفارقاتنا المجتمعية العجيبة؛ أن البعض إذا رأى كبار السن في بلاد الغرب يمشون على الشواطئ (نصف عرايا) لا تغطي أجسادهم إلّا الوشوم، نظر إليهم بعين الإعجاب والتقدير، فهم في نظره مُحبّون للحياة، متناغمون معها، غير منكسرين ولا مستسلمين مثل ربعنا!.. أما إن رأى أحد (شيّابنا) يلجأ مضطرًا لممارسة المشي في أحد (المولات) هربًا من درجة حرارة تقترب من نصف درجة الغليان، فهو في رأيه لا يزيد عن كونه (شوقر دادي) متكلّف، أو ذئب عجوز متصابي، لا يليق بهذا المكان الشبابي المتحضر، ويجب التحذير منه .. فيصبح (شوّيبنا المسكين) كالمستجير من رمضاء الشوارع، بنيران القذف والاتهام والتشكيك، في المجمعات أو المقاهي!. ◾️كبار السن مُقدّرون في كل مجتمعات العالم، وعلى رأسها مجتمعنا المسلم، لأنهم – وأعني الكبار – يمثّلون – في معظمهم- التعقل والرزانة والتجربة الإنسانية الثرية، وتقديرهم لا يكون من خلال الشعارات الجوفاء، بل بتسهيل أمور حياتهم؛ ورفع الضرر أو الظلم عنهم إن وقع .. ولا شك أن ما يفعله البعض من (طقطقة) ورمي بين الحين والآخر بما لا يليق، وشيطنتهم والتحريض عليهم، وتخويف المجتمع منهم؛ هو ظلم لا يندرج تحت مسمى سوء الظن فقط، بل هو من سوء الأدب والتربية، ومن سوء الطوية أيضًا. كبار السن ليسوا ملائكة، ولا ننكر وجود قلة من بواقي (المغازلجية) القدماء، لم تتغير عقلياتهم ولم تتطور منذ أيام (تليفونات العملة)، و(أشرطة الكاسيت) و(رمي الأرقام)، لكنهم – ونسأل الله لنا ولهم الهداية – يظلون قلّة قليلة جدًا، منبوذة من الجميع، وأولهم كبار السن، كما أنهم لا يشكلون ظاهرة، ومصيرهم الحتمي هو الانقراض. ◾️لقد كفلت القوانين في بلادنا العيش الكريم لكل مواطن ومقيم على أراضيها، على اختلاف أعمارهم وأجناسهم، بل إنها ميّزت كبار السن بشيء من التقدير المستحق، لكن وعلى الرغم من كل هذا، إلّا أن البعض (من زود الفطنة) يضِن على الكبير (السعودي فقط) بدخول مجمع تجاري أو ممارسة رياضة، أو حتى التمتع بشرب كوب قهوة في مقهى، وكأنه حق خاص بالشباب وحدهم، ولا يليق بغيرهم!. ◾️لست من روّاد المقاهي ومطاعم الأسواق، ولا أكتب اليوم دفاعاً عن أحد، كما أنني لست ضد النقد، لكنني بالتأكيد ضد التنّمر وممارسة الإرهاب الفكري تجاه أي شريحة مجتمعية، فكيف والتنمر يصل إلى شريحة يجلّها الجميع ويحترمها، وكأنهم يحصرون التحرش في هؤلاء (الشيبان المنفلتون)، الذين يجب أن لا يتجاوزوا بيوتهم ومساجدهم!!. ◾️باختصار.. ما يحاول البعض تصويره على أنه ظاهرة عند كبار السن السعوديين، هو أمر طبيعي جدًا يحدث في كل المجتمعات الإنسانية، ولا يجب تهويله ولا تعميمه.. الظاهرة الحقيقية؛ التي يجب وضع حد فوري وقوي لها؛ هي تجرؤ البعض على صناعة محتوى على حساب هؤلاء الكبار، ومحاولة الصعود على أكتافهم، ولو من خلال الكذب والافتراء.. ولهؤلاء وغيرهم أقول: هل تعلم يا مدّعي التحضّر أن أحد أهم معايير قياس التحضر في المجتمعات المتقدمة هو طريقة تعاملك مع كبار السن؟!.
مشاركة :