قدم الجيش في النيجر دعماً للانقلاب الذي أعلنه ضباط لعزل الرئيس محمد بازوم، الذي يعد آخر حليف لفرنسا والغرب في منطقة الساحل. أعلن رئيس أركان القوات المسلّحة في النيجر أمس «تأييد إعلان» العسكريين الانقلابيين وضع حدّ «لنظام» الرئيس محمد بازوم الذي يحتجزه أفراد من الحرس الرئاسي، فيما دعا رئيس الحكومة بالوكالة إلى الحوار. وبعد مالي وبوركينا فاسو، أصبحت النيجر ثالث دولة في منطقة الساحل الإفريقي تشهد انقلاباً منذ عام 2020، فيما تقوّضها هجمات جماعات مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة». وتعتبر النيجر واحدة من آخر حلفاء الدول الغربية في منطقة الساحل التي يجتاحها العنف الجهادي، بينما تحوّل اثنان من جيرانها هما مالي وبوركينا فاسو، بقيادة العسكريين الانقلابيين، إلى شركاء آخرين من بينهم روسيا. كما تعتبر النيجر خصوصاً شريكاً مميزاً لفرنسا في الساحل حيث نشرت باريس 1500 جندي. وفي خطوة تقلص فرص بازوم في النجاة سياسياً، قال بيان وقّعه رئيس الأركان الجنرال عبد الصدّيق عيسى، إنّ «القيادة العسكرية للقوات المسلّحة في النيجر قرّرت تأييد إعلان قوات الدفاع والأمن من أجل تجنّب مواجهة دامية بين القوى المختلفة». وفي وقت سابق، قال بازوم، وهو أول رئيس عربي للبلاد في رسالة عبر خدمة «إكس» المعروفة سابقاً بـ«تويتر»، «ستُصان المكتسبات التي حققت بعد كفاح طويل. كل أبناء النيجر المحبون للديموقراطية والحرية سيحرصون على ذلك». يأتي ذلك بعد ساعات على إعلان عسكريين انقلابيين عبر التلفزيون الوطني أنّهم أطاحوا بالرئيس المنتخب ديموقراطياً في عام 2021. من جهته، قال وزير الخارجية ورئيس الحكومة بالوكالة حسومي مسعودو عبر قناة «فرانس24»، «نحن السلطات الشرعية والقانونية». وأضاف مسعودو الموجود في نيامي: «كانت هناك محاولة انقلاب»، ولكن «لم يشارك كلّ الجيش في هذا الانقلاب». وقال «نطلب من هؤلاء الضباط المنشقين وقف تحركهم. يمكن تحقيق كل شيء من خلال الحوار، لكنّ مؤسسات الجمهورية يجب أن تعمل». كذلك، ناشد «جميع الوطنيين والديموقراطيين في النيجر أن يقفوا معاً ليقولوا لا لهذا العمل التفريقي الذي يسعى إلى إعادتنا 10 سنوات إلى الوراء وعرقلة تقدم بلادنا». وقال الكولونيل ميجور أمادو عبدالرحمن محاطاً بتسعة جنود آخرين يرتدون الزيّ الرسمي «نحن، قوّات الدفاع والأمن، المجتمعين في المجلس الوطني لحماية الوطن، قرّرنا وضع حدّ للنظام الذي تعرفونه». وأضاف «يأتي ذلك على أثر استمرار تدهور الوضع الأمني وسوء الإدارة الاقتصاديّة والاجتماعيّة». وأكّد «تمسّك» المجلس بـ«احترام كلّ الالتزامات التي تعهّدتها النيجر»، مطمئنا أيضاً «المجتمع الوطني والدولي فيما يتعلّق باحترام السلامة الجسديّة والمعنويّة للسلطات المخلوعة وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان». وتظاهر مئات الأشخاص دعمًا للعسكريين الانقلابيين صباح الخميس في نيامي، حسبما رأى مراسلو وكالة «فرانس برس» الذين لاحظوا حمل بعض الأشخاص عدة أعلام روسية. وقال خبراء أنه قد تكون هناك أياد روسية وراء تحرك الانقلابيين خصوصاً أن النيجر تعد بلداً مهماً في تصدير مادة اليورانيوم. وتزامن الانقلاب مع افتتاح الرئيس الروسي القمة الروسية ـ الإفريقية في بطرسبورغ. وكانت موسكو نجحت في إثبات حضورها عبر مجموعة «فاغنر» في نحو 8 دول إفريقية بينها مالي وإفريقيا الوسطى وليبيا والسودان وبوركينا فاسو على حساب الوجود الأوروبي وتحديداً الفرنسي. وتوجه بعض الشبان إلى مقر «الحزب النيجيري من أجل الديموقراطية والاشتراكية» الحاكم، على بُعد بضعة كيلومترات من التجمّع، وأضرموا النار في سيارات. وعلّق المجلس العسكري، الذي يضم جميع أسلحة الجيش والدرك والشرطة، كلّ المؤسسات، وأغلق الحدود البرية والجوية، وفرض حظر تجول. وقال ضابط أمس، عبر التلفزيون الرسمي إن أنشطة الأحزاب علقت جزئياً. وقبل الإعلان عن الانقلاب، كان من المقرّر أن تسعى وساطة غرب إفريقية إلى إيجاد حلّ لما كان لا يزال مجرّد محاولة انقلابية، ندّد بها جميع شركاء النيجر. ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدّة الانقلاب المعلن. ودعت روسيا إلى «الإفراج السريع» عن بازوم، داعية الطرفَين إلى «الامتناع عن استخدام القوة وحلّ جميع القضايا الخلافية من خلال الحوار السلمي والبناء». كذلك، دعا وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن من نيوزيلندا إلى «الإفراج الفوري» عن رئيس النيجر. وقال «تحدّثتُ مع الرئيس بازوم في وقت سابق هذا الصباح وقلت له بوضوح إنّ الولايات المتحدة تدعمه بقوّة بصفته رئيساً للنيجر منتخباً بشكل ديموقراطي». ودانت فرنسا «أيّ محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوّة» في النيجر. كذلك فعلت ألمانيا التي دعت إلى «الإفراج الفوري عن الرئيس المنتخب ديموقراطياً»، مطالبة الجيش بالعودة إلى ثكناته. وندد أيضاً الرئيس السنغالي ماكي سال «بشدة بالانقلاب العسكري في النيجر ضد رئيس منتخب ديموقراطياً». كذلك نددت السعودية ومصر والإمارات بتحرك الجيش ودعت إلى الحفاظ على النظام الدستوري. وطالب الاتحاد الأوروبي بالإفراج «الفوري» عن بازوم. وأطلق الاتحاد الأوروبي «مهمة شراكة عسكرية» في النيجر في وقت سابق من هذا العام لدعم البلاد في قتالها ضد تنظيم «داعش» وقالت نبيلة مصرالي الناطقة باسم الدائرة الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي رداً على سؤال أنه من السابق لأوانه التحدّث عن مستقبل هذه المهمة.
مشاركة :