قالت نورهان أبو الفتوح مساعد مدير مركز الحوار للدراسات السياسية وسكرتير تحرير التقرير الروسي السنوي، إن القمة الروسية الإفريقية الثانية تأتي لتؤكد عمق العلاقات الروسية الإفريقية. وأضافت أن العلاقات الروسية الإفريقية تطورت في السنوات الأخيرة خاصة وأنها جاءت في توقيت يشهد فيه العالم تحولات عدة بداية من الأزمة الأوكرانية إلى الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها بعض الدول والقضايا المختلفة من تغيرات مناخية وغيرها. وصرحت بأنه وعلى الرغم من ذلك لم تحلَّ هذه الأزمات دون امتداد علاقات الصداقة والتعاون بين روسيا ودول القارة الإفريقية بانعقاد القمة الثانية. وأوضحت نورهان أبو الفتوح خلال تواجدها في موسكو لحضور أحد المنتديات على هامش القمة الروسية الإفريقية، أن دلالات متانة العلاقات الروسية الإفريقية تعددت فيما تجلى من اهتمام روسي بإقامة المنتديات الدولية على هامش القمة التي جاء منها مؤتمر جامعة الصداقة بين الشعوب (المسماه فيما بعد باتريس لومومبا) التي حضرته من خلال استقبال وفد مكون من أكثر من 14 إعلاميا وباحثا إفريقيا لمناقشة أهم موضوعات التعاون بين روسيا وإفريقيا في الفترة بين 24 يوليو إلى 26 يوليو 2023، حيث عقد المنتدى الإعلامي الروسي الإفريقي للممارسين الشباب في مجال الإعلام فضلا عن مشاركة مئات الإعلاميين من الدول الإفريقية لمتابعة وتغطية أعمال القمة. وعن أبرز مخرجات القمة، أكدت أبو الفتوح أنه استكمالا لمسيرة التعاون بين الجانبين تناولت القمة عديد الملفات حيث قدمت اقتراحات ومبادرات عدة لتعزيز التعاون، تصدرها ملفات التعاون الاقتصادي في ضوء اقتصاد عالمي جديد والأمن الغذائي وهو الأمر الذي أثار مخاوف عديد الدول منذ انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب والتي كانت أحد أبرز القضايا المطروحة على الساحة في الآونة الأخيرة. وفي هذا السياق أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ستزيد من إمدادات الحبوب على أساس تجاري ومجاني، وهو ما يعد إجراء شديد الأهمية في ظل ارتفاع أسعار الحبوب إلى مستويات غير مسبوقة بسبب الانسحاب الروسي من اتفاقية الحبوب. كما أكدت أبو الفتوح أن التعاون الاقتصادي يعد أحد أهم أولويات السياسة الروسية تجاه إفريقيا وهو ما أكدت عليه الدعوة إلى تشكيل عالم جديد متعدد الأقطاب، حيث لن يكون هناك هيمنة للدولار وصندوق النقد الدولي. وذكرت أن موافقة الدول الإفريقية على هذه الرؤية يبشر بالاتجاه نحو نظام اقتصادي عالمي جديد وهو ما يزيد حظوظ نجاح المساعى الروسية لتقوية دور موسكو وحضورها على الساحة الإفريقية في ظل التجاذبات والاصطفافات الحادة دوليا على وقع أزمة أوكرانيا، ويدعمها في العلاقات الاستراتيجية والخلفيات التاريخية للدور الروسي الفاعل في القارة السمراء، والعلاقات المتينة والتقليدية التي كانت تربط الاتحاد السوفياتي السابق بالعديد من بلدان قارة إفريقيا. وتتوقع سكرتير تحرير التقرير الروسي السنوي أن يشهد التعاون الاقتصادي بين روسيا والدول الإفريقية في الفترة القادمة تطورا هائلا خاصة في ظل تعددية المجالات المشتركة وهو ما ذكر خلال القمة من خلال التعاون التكنولجي، فضلا عن التعاون في مجال الطاقة النووية الذي شهد نموا ملحوظا في الآونة الأخيرة خاصة من خلال محطة الضبعة في مصر بمشاركة شركة "روس أتوم" بالإضافة إلى المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس ومصر. وبينت نورهان أبو الفتوح أن القمة تناولت أيضا أحد أهم مجالات التعاون بين الجانبين وهي التعاون الإنساني والاجتماعي في مجالات التعليم والثقافة والرياضة وتمكين المرأة والشباب، حيث شهدت العلاقات الروسية الإفريقية عديد الاتفاقيات والزيارات المتبادلة من أجل تعزيز التعاون في مجال التعليم، إلا أنه لازالت القارة الإفريقية في حاجة إلى نقل التجارب الروسية في مجال التعليم العالي والتعليم المهني وتكنولوجيا التعليم للدول الإفريقية، فضلا عن أهمية التعاون بين الجامعات الروسية والإفريقية وزيادة عدد المنح الدراسية خاصة في ظل وجود عديد الجامعات الروسية الرائدة في التعامل مع الدول الإفريقية من خلال تخريج عديد الطلاب الذين وصلوا إلى مناصب كبرى في دولهم ويأتي على رأسهم جامعة الصداقة بين الشعوب التي شاركت بجناج معرض التعليم على هامش القمة وعديد الجامعات الروسية مثل كازان وبلخانوف وغيرها. وفي الختام أكدت نورهان أبو الفتوح أن هذه القمة تعد قمة استثنائية حيث أنها الأولى من نوعها التي تجمع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقادة حوالي 49 دولة إفريقية في ظل ظروف عالمية متغيرة ودلالات متعددة تحتم عليهم اتخاذ المزيد من الخطوات الجادة لتعزيز العلاقات وهو ما ستشهده الأيام المقبلة خاصة في ظل التأكيد خلال القمة على انعقادها كل 3 سنوات، فضلا عن تبني حزمة من الوثائق المشتركة والتعاون على المدى البعيد، مع الالتزام ببلورة النظام الدولي متعدد القطبية، واعتماد خطة عمل مشتركة حتى عام 2026 بهدف زيادة التبادل التجاري وبنيته التحتية والانتقال للتسويات بالعملات المحلية ما يؤكد على الرؤية الموحدة والمتقاربة بين البلدين ما سيضمن تفعيل العلاقات ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة. وانعقدت القمة الروسية الإفريقية الثانية على مدار يومي 27 و28 من شهر يوليو الجاري بمدينة سان بطرسبرغ والمنتدى الاقتصادي والإنساني روسيا - إفريقيا يومي 27 و28 يوليو 2023 تحت شعار "مع السلام والأمن والتطور" بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات الإفريقية، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى رجال أعمال أفارقة وعلماء وشخصيات اجتماعية، وبحضور أكثر من 20 ألف مندوب عن أكثر من 180 دولة. RT - القاهرة - ناصر حاتم تابعوا RT على
مشاركة :