الإصلاح القضائي في إسرائيل يزيد من الخلافات بين بايدن ونتنياهو

  • 7/30/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الإصلاحات القضائية التي دفع بها نتنياهو وحكومته اليمينية لم تثر فقط غضب الداخل، وخاصة من المؤسسة العسكرية، التي ترى أن القانون الجديد يستهدفها، ولكنها زادت من توسيع الخلافات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي اعتبرت هذا الإصلاح بأنه "مؤسف". واشنطن- تعود العلاقة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عقود، لكن خطة إصلاح النظام القضائي التي تثير أزمة سياسية حادة في إسرائيل، تلقي بظلالها على هذه العلاقة. ويعدّ الرئيس الديمقراطي من أشدّ داعمي إسرائيل منذ نصف قرن، إلّا أنه يواجه معضلة إزاء الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية. إذ يتحتّم عليه أن يجد موقفا متوازنا ما بين إبداء دعم “ثابت” للحليف الإسرائيلي وأخذ مسافة عن حكومة نتنياهو التي وصفها بأنها الأكثر “تطرّفا” التي عرفها حتى الآن. وإن كان بايدن نصح مرارا بالحذر حيال خطة الإصلاح القضائي وصولا إلى التنديد بها، يمضي نتنياهو قدما في إقرارها دون الأخذ بالتحذيرات، واصفا التعديلات التي يعتزم إدخالها بأنها مجرّد “تصحيح طفيف”، بالرغم من التظاهرات التي تهزّ إسرائيل احتجاجا على الخطة والانتقادات التي تثيرها في الخارج. ونادرا ما أظهر رئيس أميركي هذا القدر من التدخّل في شؤون إسرائيل الداخلية، حتى لو أن قدرته على التأثير عليها تبقى محدودة. ووصف البيت الأبيض الاثنين إقرار البرلمان الإسرائيلي بندا رئيسيا في خطة الإصلاح يلغي إمكانية نظر القضاء في “معقولية” قرارات الحكومة بأنه “مؤسف”. وفي خطوة خارجة تماما عن المألوف، استدعى الرئيس الأميركي الصحافي البارز في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان إلى البيت الأبيض ليوجّه عبره رسالة مفادها أنه يعارض هذا الإصلاح باعتباره “مصدر انقسام”. وقال فريدمان في مقال نُشر الخميس إن بايدن يدرس ما إذا كان سيمضي قدما في اتفاق أمني بين الولايات المتحدة والسعودية يتضمن تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل. وبمعزل عن الإصلاح في حدّ ذاته، لا تخفي إدارة بايدن خيبة أملها حيال مواصلة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالرغم من الدعوات المتكررة إلى وقف التصعيد. وأجرى نتنياهو عدة مقابلات مع وسائل إعلام أميركية دافع فيها عن القانون الجديد الذي يلغي سلطة المحكمة العليا في إبطال ما تعتبره قرارات “غير معقولة” من الحكومة والوزراء، وقلل من شأن أيّ تأثير على الأمن. وتدعو واشنطن باستمرار إلى حلّ الدولتين من غير أن تلقى استجابة. تومر بار: أعداء إسرائيل قد يستغلون أزمتها السياسية المستمرة تومر بار: أعداء إسرائيل قد يستغلون أزمتها السياسية المستمرة ويذكّر التوتر الحالي بفترة التوتر بين الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ونتنياهو، في وقت كان بايدن نائبا للرئيس وكانت الولايات المتحدة تفاوض بشأن الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرم عام 2015 رغم المعارضة الشديدة لإسرائيل. وبات هذا الاتفاق مهددا بالانهيار منذ الانسحاب الأحادي لواشنطن منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب المقرّب من نتنياهو، ولا يزال معلّقا إلى حد كبير اليوم بالرغم من محاولات بايدن إحياءه في مطلع ولايته. وفي مؤشّر على تراجع العلاقات، تتزايد الخلافات والتباينات حول إمكانية عقد لقاء في البيت الأبيض بين بايدن ونتنياهو الذي لم يزر مقرّ الرئاسة الأميركية منذ عودته إلى السلطة في نهاية 2022. في المقابل، استقبل بايدن الأسبوع الماضي الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ وهو من المعتدلين. وحرص نتنياهو على تبديد أيّ شكوك بهذا الصدد، فأكد في مقابلة أجرتها معه شبكة “إيه بي سي” الأميركية أن بايدن “دعاه إلى البيت الأبيض” خلال مكالمتهما الهاتفية الأخيرة، مشيرا إلى أن اللقاء سيعقد “في الخريف، أعتقد في سبتمبر”. غير أن البيت الأبيض الذي يبدي استياءه علنا، يبقي الغموض قائما حول اللقاء، مكتفيا بالقول إن بايدن ونتنياهو “سيلتقيان في الولايات المتحدة في وقت لاحق هذا العام”. ورغم كل شيء، يتفق الخبراء على أن الولايات المتحدة ستستمرّ في دعمها لحليفها الإسرائيلي. وإن كانت بعض الأصوات المتفرقة تدعو إلى خفض المساعدة العسكرية الأميركية، ومنها الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، فإن الدبلوماسية الأميركية تستبعد الفكرة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل “يمكنني أن أؤكد لكم أن هذا لن يحصل”. وتقدّم الولايات المتحدة مساعدة عسكرية سنوية لإسرائيل بقيمة حوالى 3.3 مليار دولار. ماكس بوت: نتنياهو يبدو مستعدا للمواجهة مع بايدن مسلّحا بدعم الجمهوريين في الكونغرس ماكس بوت: نتنياهو يبدو مستعدا للمواجهة مع بايدن مسلّحا بدعم الجمهوريين في الكونغرس ويتوقّع ماكس بوت من مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن أن “تستمرّ العلاقة المتوترة بين بايدن ونتنياهو”. ويشير إلى أن رئيس الوزراء “يبدو مستعدا للمواجهة مع بايدن.. مسلّحا بدعم الجمهوريين في الكونغرس الذين اعتمدوا عموما مقاربة مفادها إما أن تكون مع إسرائيل وإما أن تكون ضدها”.ولا يفوّت بايدن هذا الأمر في وسط حملته للفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية لعام 2024. لكن ماكس بوت يلفت إلى أن تبنّي إسرائيل موقف التيار المناصر لترامب في الحزب الجمهوري قد “يثير عداء شرائح أخرى من الرأي العام الأميركي” مناصرة تقليديا لإسرائيل. وفي هذه الأثناء، تدعم الإدارة الأميركية الرغبة الإسرائيلية بتحقيق التطبيع مع السعودية. وقال نتنياهو الخميس لشبكة “إيه بي سي”، “إننا نعمل على الموضوع”، في وقت يقوم مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان بثاني زيارة إلى السعودية خلال بضعة أشهر بعدما زارها وزير الخارجية أنتوني بلينكن أيضا في يونيو الماضي. ويرى المسؤولون الأميركيون أن من الممكن التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية بعد أن توصلت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى اتفاقات مماثلة بين إسرائيل وكل من المغرب والسودان والبحرين والإمارات. وزاد تمرير القانون في الكنيست من مخاوف داخلية كبيرة بشأن تأثيراته على أمن إسرائيل. وتظهر الاعتراضات خاصة من قادة الجيش. وقال تومر بار قائد القوات الجوية الإسرائيلية الجمعة إن أعداء إسرائيل قد يستغلون أزمتها السياسية المستمرة، كما عبّر أعضاء من حزب نتنياهو عن نفاد صبرهم إزاء إصراره على إقرار التعديلات القضائية. وأشار بار إلى أن قواته يتعين عليها البقاء “يقظة ومتأهبة” بعد أن أقر البرلمان الاثنين أول تعديل في خطة نتنياهو التي أثارت جدلا واسع النطاق على الرغم من الاحتجاجات التي عمّت إسرائيل ومآخذ البيت الأبيض. ويلغى التعديل صلاحية إبطال المحكمة العليا لقرارات تعتبرها “غير معقولة” للحكومة والوزراء. نادرا ما أظهر رئيس أميركي هذا القدر من التدخل في شؤون إسرائيل الداخلية، حتى لو أن قدرته على التأثير عليها تبقى محدودة وأثارت خطط نتنياهو والحكومة اليمينية بشأن التعديلات القضائية احتجاجات غير مسبوقة مستمرة منذ سبعة شهور وأدت إلى انقسام شديد في المجتمع الإسرائيلي، وهزت التزام بعض جنود الاحتياط بالاستجابة لأوامر الاستدعاء. ومع تصاعد الأزمة بعد التصويت الذي جرى الاثنين، ذكر موقع ‟واي.نت نيوز” الإسرائيلي أن نتنياهو تلقى أربعة خطابات على الأقل من المخابرات العسكرية تحذر من تبعات أمنية خطرة بسبب التعديلات القضائية. ووفقا لهذا التقرير، فقد قال مسؤولون كبار في المخابرات إن أعداء إسرائيل، وخاصة إيران وجماعة حزب الله التي تدعمها في لبنان، يعتبرون الأزمة نقطة ضعف تاريخية. وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “معاريف”، وهي إحدى الصحف الإسرائيلية الرائدة، أن 58 في المئة من الإسرائيليين يخشون نشوب حرب أهلية، ويعتقد 36 في المئة أن الشيء الصحيح الذي يتعين فعله هو أن توقف الحكومة التشريع القضائي فورا، مقارنة مع 22 في المئة قالوا إنه يجب دعمه بشكل أحادي.

مشاركة :