أظهرت الحادثة الأخيرة التي وقعت في منطقة القصيم والتي أدت إلى اغتيال رجل الأمن بدر حمدي الرشيدي والتي شارك فيها خمسة إخوة هم نايل ومعتز ووائل وسامي وزاهر أبناء سالم نايل الرشيدي إضافة إلى إبراهيم خليف عتقاء الرشيدي. عن لجوء تنظيم داعش الإرهابي إلى سلوك منهج جديد يتمثل في استقطاب أقارب الإرهابيين الذين انخرطوا في حبائله بهدف إضفاء طابع من السرية المشددة على أعضائه وأبعاد نظرة الشك والريبة عن افراده خاصة من أقارب الإرهابيين الذين يثقون بهم ويستأمنونهم على أبنائهم مما يمكن للإرهابي من نشر فكره المتطرف بين أقاربه بكل سهولة ويسر مستغلا ثقة أهالي الضحية في أن ابنهم يقضي وقته مع أخيه أو ابن عمه في لهو بريء وهم لا يعلمون أن ابنهم قد وقع ضحية لذلك الإرهابي وانخرط في حبائل داعش المخزية كما أن قتل الإرهابي لأي شخص بريء يجعله متورطاً في قضية قتل في لمح البصر وبالتالي يعلم بأنه قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من القصاص مما يجعله بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن يسلم نفسه وتتم إقامة الحد الشرعي فيه أو يقوم بمواصلة أعمال القتل والإرهاب وعدم الرجوع إلى جادة الصواب خاصة وأن التنظيم حينها يكون قد نجح في توريط ذلك المغرر به في جريمة قتل آنية وتكون تلك العملية دليل من الإرهابي المبتدئ على صدق نيته في مبايعة قائد التنظيم الإرهابي والانخراط في صفوفه المخزية. ويظهر ذلك جلياً في قائمة الأسماء التي وقعت في حادثة القصيم والتي كان من أعضائها خمسة إخوة تولوا التخطيط فيها والتنفيذ لها بقلب بارد نزعت منه الرحمة والشفقة والإنسانية وعدم الشعور بالخجل من قتل رجل أعزل مسالم وبرئ. ولكن ليس غريباً على هذا التنظيم الفاسد سلوكه مسلك الغدر والخيانة والغيلة في قتل ضحاياه فهو تنظيم حاقد فاسد جبان عجز عن مقابلة أهل الحق والعدل من قادة ورجالات دين هذا البلد المبارك.. فنحا إلى الكذب والغش بضحاياه ومن ثم يقوم بتصفيتهم في مشهد يخلو من صفات الرجولة التي كانت عليها العرب قبل الإسلام وبعده. ومما يؤكد سعي تنظيم داعش الإرهابي إلى هذه الإستراتيجية ما أعلنت عنه وزارة الداخلية مؤخراً من كشف للمخطط والمحرض على تفجير مسجد قوة الطوارئ بمنطقة عسير المدعو سعيد عايض سعيد آل دعير الشهراني؛ والذي قام بالتأثير والتغرير بابن أخيه الجندي صلاح علي عايض آل دعير الشهراني والذي سهل للإرهابي يوسف سليمان عبدالله السليمان الدخول إلى داخل مدينة قوة الطوارئ بمنطقة عسير ليحدث حادث التفجير والذي أودى بحياة 15 رجل أمن و6 متدربين لمهام الحج و4 عمال نظافة في السادس من أغسطس العام الفائت. وبعد هذا الحادث المؤسف أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها قائمة بأسماء عدد من الإرهابيين الذين لهم علاقة بهذه الحادثة كان منهم الأخوان عبدالله زائد عبدالرحمن البكري الشهري وماجد زائد عبدالرحمن البكري الشهري.. والأخوان مطيع سالم يسلم الصيعري وطايع سالم يسلم الصيعري. هيئة كبار العلماء سجلت موقفاً سريعاً ومشرفاً بعد هذه الحادثة إذ أصدرت بياناً بعد هذه الحادثة المؤسفة أكدت فيه بأن مثل هؤلاء القتلة الخونة ينبغي أن تتم إقامة الحد الشرعي عليهم والقصاص منهم، وذلك لما اقترفوه من ترويع للأمنين والتعدي على أموالهم وانتهاك الحرمات وخدمة أعداء الدين والوطن، والسعي في إثارة الفتن والقلاقل في بلد لايزال ينعم بفضل من الله بالأمن والسكينة التي أصبحت مضرب مثل لشتى بلاد العالم. ولاشك إن بيان هيئة كبار العلماء قد أعطى صورة واضحة بأن أصحاب السماحة والفضيلة أعضاء الهيئة قد رأوا أن هؤلاء الخونة المارقين قد تجاوزوا حدود الدين والوطن وسيادته وحرمة الأنفس والأموال وأن المناصحة والحوار معهم لم يعد يجدي أو ينفع فكان القول الفصل في أمرهم وهو القصاص منهم وإراحة البشر والمدر منهم ومن ظلمهم وجورهم. من جانبه يرى عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الدكتور عبدالحي عزب عبدالعال بأن التنشئة الاجتماعية للإرهابي ومصير هذه التنشئة على مصير حياته ومستقبله هي التي تدفعه إما إلى دعم الإرهاب أو التبرؤ منه ومحاربته. ويقول الدكتور عبدالعال خلال ندوة الإرهاب وخطره على التنمية الشاملة والتي عقدت بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية مؤخراً: إن الذي يخرج عن الجماعة سيخرج بفتن ومحن وتدمير وهو أناني التفكير، لأنه لا يريد إلا نفسه والتنشئة الأسرية ينبغي أن تقدم للابن والنشء كل ما هو خير ولأنه وعاء يتلقى؛ فإن تلقى خيراً حصدت الأسرة خيراً وإن تلقى شراً حصدت الأسرة شراً.. ومن هنا فعلى الأسرة أن تراقب روافد الثقافة التي تبث إلينا وعلى المدارس أن تبث البرامج العلمية التي تربي النشء على الانتماء لدينه وبلده وأسرته لأن عدم الانتماء يقود إلى المصائب فنجد داعش وغيرهم تركوا بلادهم وجاؤوا يحاربون باسم الدين ولكن ماذا لو الأسرة اكتشفت فجأه ان ابنها يعمل مع تنظيم إرهابي؟.. وهنا أقول بأنها إذا عجزت عن الإصلاح فقد فشلت في رسالتها كما قال العلي الحكيم وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها, فالمشكلة هي أن الأسر انشغلت في خضم الحياة وتركت الكثير من مسؤلياتها فالتربية لها أدوات وهي غرس الدين والأخلاق والبعد عن التشدد والغلو في التعليم والجامعات والبعد عن القضايا المتشددة والشائكة, فخاطبوا الناس على قدر عقولهم ونقدم للشباب الماده واللغة التي تؤثر إيجابياً في الشباب والتي تخاطب الوجدانيات ولكن للأسف أصبح الكثير يهتم بفقه الفكر بدل من التركيز على فكر الفقه وأصبحوا يهتمون بحفظ الفقه بدلاً من تكريس الجهد لفهم الفقه. وهنا جاء صوت عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان على أهمية الدور الذي يقوم به المجتمع من خلال استشعاره للمسؤوليات والأدوار التي تسهم في حفظ الأمن واستقراره مشدداً على أهمية أن يكون كل فرد من أفراد المجتمع رجل أمن يسهم في الحفاظ على أمن الوطن بالتبليغ عن من يتخذ الفكر الضال مطية له ويستخدمها في تنفيذ اجندات من شأنها خرق وحدة هذه البلاد المباركة. كما أكد معاليه على وجوب مواجهة أهل الفكر الضال ودحر مخططاتهم التي تريد الشر للأمة.. مشيراً إلى عدائهم الواضح للإسلام وأهله وإن كانوا يدّعون الإسلام. كما أشار معاليه إلى أهمية توجيه الأسرة لأبنائها ووضعهم في الطريق الصحيح عن طريق متابعة أفكارهم وتبيين الحق لهم.. وبيّن معاليه أهمية تحقيق الأمن وأنه المعيار الأساس لضمان استمرارية النعم وانتفاء الخوف في المجتمعات... إلخ. يذكر أن وزارة الداخلية قد نجحت بفضل الله في إحباط وإفشال مئات العمليات الإرهابية التي كانت على وشك الوقوع والتي كان سيذهب مئات الأبرياء ضحايا لها لولا لطف الله ثم اليقظة الدائمة لرجال الأمن وتضحيتهم بأنفسهم لإفشال تلك العمليات وقطع الطريق على كل من تسول له نفسه الإخلال بأمن وسلامة هذا البلد. كما جددت وزارة الداخلية في أكثر من مناسبة وفي أكثر من منبر على أن المواطن هو رجل الأمن الأول وهو من تعلق عليه الوزارة آمالاً كبيرة في مساعدة رجال الأمن في كشف بؤر الإرهاب وجحور الظلال والإيقاع بتلك الرؤوس المنتنة التي امتلأت نفوسها حقداً وحسداً على قيادة هذا البلد وأمنه واستقراره. كما شددت وزارة الداخلية على أن أي مواطن يتعاون مع الأجهزة الأمنية ويبلغ عن تلك الأعمال الإرهابية فإنه يسري عليه ما سبق الإعلان عنه من مكافآت مالية والتي حددتها الوزارة بمكافأة مليون ريال لمن يبلغ عن أحد الإرهابيين ومبلغ خمسة ملايين ريال لمن يبلغ عن أكثر من إرهابي ومبلغ سبعة ملايين ريال لمن يساهم في كشف أو إحباط عملية إرهابية على وشك الوقوع.
مشاركة :